تونس تستعد مبكرا لتنظيم قمة الفرانكفونية بعد تأجيلها العام الماضي

لجنة تحت إشراف الرئيس قيس سعيّد لضبط تنظيم القمّة في جربة.
السبت 2022/02/05
جربة تستعد مجددا لاحتضان القمة

تراهن تونس على إنجاح قمة الفرانكفونية المؤجلة بجزيرة جربة السياحية (جنوب) بحسن الاستعداد اللوجستي والدبلوماسي وتوفير ممهدات النجاح، بهدف إحياء إشعاعها الإقليمي الذي فقدته منذ فترة، فضلا عن لعب دور محوري في المنطقة وفي العالم.

تونس - أبدت السلطات التونسية استعدادها المبكر لتنظيم القمة الثامنة عشرة للفرانكفونية بجزيرة جربة بعد إرجائها لمناسبتين متتاليتين، حيث شكّل الرئيس قيس سعيّد لجنة وطنية في الغرض في خطوة لتجاوز مختلف العراقيل والصعوبات التي حالت دون تنظيمها العام الماضي.

وأحدث الرئيس التونسي قيس سعيد لجنة وطنية لتنظيم القمة الثامنة عشرة للفرانكفونية بجزيرة جربة سنة 2022 وضبط تنظيمها وطرق سير عملها.

وبحسب المرسوم عدد 65 الذي صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية)، يقع إحداث هذه اللجنة لدى وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، وتعمل تحت إشراف الرئيس سعيّد وتمثل الإطار المؤسساتي لتنفيذ الأعمال المتصلة بتنظيم القمة.

منذر ثابت: الاستعداد هو إشارة إلى باريس أن تونس لا تزال ملتزمة بالقمة

وأصدرت منظمة الفرانكفونية ووزارة الخارجية التونسية بيانين تعلنان فيهما تأجيل القمة التي كان مقررا انعقادها لدول المنظمة نهاية شهر نوفمبر 2021، لمدة عام من تاريخه نظرا إلى الظروف الصحية التي تمر بها تونس جراء جائحة كورونا.

وثمن مراقبون ترؤس سعيّد للجنة كخطوة للاستعداد المبكر لاحتضان القمة، معبرين عن التزام تونس بموعدها المحدد، وهو ما يمثل رسالة قوية لفرنسا وباقي الدول المشاركة.

وأفاد المحلل السياسي منذر ثابت أن “الاستعداد المبكر لتنظيم القمة هو إشارة إلى باريس بأن تونس لا تزال ملتزمة بقمة الفرانكفونية، وأن إشراف سعيّد على اللجنة هو ضمانة لإنجاح التظاهرة”.

وأضاف لـ”العرب” أن “القمة ستمكّن الرئيس سعيد من تكوين علاقات مع الدول المشاركة، وهي مناسبة سيستثمرها لتحريك شبكة العلاقات الدبلوماسية، ورسالة قوية إلى الشريك الفرنسي وكل الأطراف”.

وتابع ثابت “سعيّد يعلم جيدا أن المنظومة الفرانكفونية مخترقة من المعارضة، وهي أيضا مواجهة للعديد من الشخصيات (اللوبي الفرانكفوني في تونس)، لأن قرارات الخامس والعشرين من يوليو هي الحجة التي تم اعتمادها في ذلك، وكندا اعترضت على تنظيمها واعتبرت إجراءات سعيّد انقلابا”.

واستطرد “الاستعدادات تأتي بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وأعتقد أن الوضع سيكون أفضل، خصوصا مع تراجع الدور الفرنسي في منطقة الساحل الأفريقي”.

وتسلّمت تونس الخميس الحادي والثلاثين من أكتوبر 2019، مع انتهاء أشغال الدورة الوزارية السادسة والثلاثين للمنظمة الدولية للفرانكفونية المنعقدة بموناكو، رئاسة المؤتمر الوزاري للفرانكفونية من أرمينيا، وتحمل الدورة الحالية شعار “التواصل في إطار التنوع: الرقمي كمحرك للتنمية والتضامن في الفضاء الفرانكفوني”.

وسبق أن أعلن عميد الوكالة الجامعية للفرانكفونية سليم خلبوص في بيان على صفحته الرسمية بفيسبوك أنه تم رسميا تأجيل قمة الفرانكفونية إلى السنة القادمة مع الإبقاء على مكان انعقادها في جزيرة جربة بتونس، مفيدا بأنه “تم الإبقاء على تنظيم القمة في تونس بفضل مجهودات الدبلوماسية التونسية”.

وأكد الناشط السياسي حاتم المليكي أن “الأمور اللوجستية مهمة جدّا، ولا بد من الاستعداد الدبلوماسي والتواصل مع الدول المشاركة، والمطلوب أن يقع الاتصال بالمسؤول على القمة وأن يكون هناك عمل مشترك وتنسيق من أجل حضور مقبول في القمة”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “الخطر اليوم ليس لوجستيا، وإنما دبلوماسي، وما يمنع الدول المعنية من المشاركة هي الخروقات في الحقوق والحريات، أو وجود اضطرابات أمنية واحتجاجات، فضلا عن وجود أزمة سياسية خانقة في البلاد، ما يجعل الوفود تمتنع عن الحضور لعدم الانحياز لطرف على حساب آخر”.

وأثار إرجاء عقد القمة إلى نهاية العام المقبل جدلا سياسيا واسعا في الأوساط التونسية، وسط اتهامات لأطراف سياسية بسعيها لإفشال الحدث.

حاتم المليكي: لا بد من الاستعداد الدبلوماسي والتواصل مع الدول المشاركة

وهذه المرة الثانية التي يتم فيها تأجيل قمة الدول الفرانكفونية التي كانت مبرمجة لشهر ديسمبر 2020، قبل أن يتم تأجيلها بسبب جائحة كورونا، ثم تأجيلها مرة أخرى إلى العام الحالي، وهي القمة التي كانت تونس تعول عليها لتحقيق إشعاع دولي، حيث كانت ستشارك فيها حوالي ثمانين دولة من البلدان الناطقة باللغة الفرنسية وعلى رأسها فرنسا وكندا.

 وكان من المقرر عقد القمة في جزيرة جربة، ولكن تم الإرجاء تجنبا لإقامتها عن بعد ولتوفير الظروف الملائمة لجميع الأعضاء للمشاركة في “أفضل الظروف”.

وتتهم أطراف سياسية الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي بالسعي نحو إفشال تنظيم القمة في تونس.

وفي وقت سابق قال المرزوقي في حوار مع قناة “فرانس 24” إنه “يفتخر بسعيه لدى المسؤولين الفرنسيين لإفشال عقد قمة الفرانكفونية في تونس” باعتبار أن تنظيمها في بلد يشهد ما سمّاه “انقلابا” هو “تأييد للدكتاتورية والاستبداد”، مضيفا أنّه “يفتخر بما قام به لكنه لم يدع إلى التدخل في الشأن الداخلي لتونس”.

وشارك المرزوقي في وقفة احتجاجية نظمها معارضون للرئيس سعيد في العاصمة الفرنسية باريس، حيث دعا الحكومة الفرنسية إلى وقف مساعداتها نحو تونس والتدخل فيها من أجل الضغط على الرئيس قيس سعيد لإلغاء إجراءاته الاستثنائية وإرجاع نشاط البرلمان المجمد.

وقال الرئيس قيس سعيد إنه “توصل إلى تقارير تفيد بسعي أطراف لإفساد العلاقة مع فرنسا”، مضيفا أن “من كان يحكم بالأمس وينظم الندوات ويدلي بالتصريحات اتجه إلى بعض العواصم والأحزاب لحثها على عدم تنظيم القمة في جزيرة جربة”.

وأكّد أن “تدخلات حصلت لدى خمسين دولة في محاولة لإلغاء القمة في جربة، رغم التحضيرات الأمنية واللوجستية الجارية من أجل إنجاح تنظيمها والأموال التي صرفت من ميزانية الدولة، من أجل العمل على تحسين البنية التحتية والإعداد الأمني لهذا الحدث الدولي”.

4