تونس تحفز الشركات لفتح منافذ تجارية في أسواق أفريقيا

مركز النهوض بالصادرات يقرّ بخفض كلفة النقل لتحفيز الشركات على استكشاف أسواق جديدة.
الأربعاء 2020/01/08
جرعة حوافز لتشجيع الانفتاح على أفريقيا

أطلقت الحكومة التونسية مبادرات جديدة لمعالجة تأخرها على الانفتاح على الأسواق الأفريقية بتقديم حوافز وتسهيلات للشركات، في ظل تنافس دولي شديد لانتزاع حصص في تلك الأسواق الواعدة بالتزامن مع الانطلاق الفعلي لمنطقة التبادل الحر في القارة.

تونس – كثفت تونس جهود البحث عن شركاء تجاريين جدد بعيدا عن أسواقها التقليدية في إطار سعيها لتنويع التصدير وتنمية الاقتصاد من خلال حوافز استثنائية وإزالة العقبات أمام الشركات لتسهيل دخولها إلى الأسواق الأفريقية.

وأعلن مركز النهوض بالصادرات في سياق تلك المبادرات عن إقرار مجموعة من الحوافز الجديدة لدعم الشركات التونسية.

وأكد تفعيل إجراءات تحفيزية للمؤسسات الراغبة في استكشاف أسواق في كلّ من كينيا وتنزانيا وإثيوبيا وجيبوتي ونيجيريا والكاميرون وبنين ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغانا.

وذكر المركز أن هذه الإجراءات تتمثل في استرجاع نسبة 70 بالمئة من تكلفة تذكرة الطائرة وإنفاق يومي يصل إلى 600 دينار (215 دولارا) لمدة 5 أيام كحدّ أقصى، وينتفع منها ممثلان عن كل شركة في كل مهمة استكشافية.

حسين الديماسي: الانفتاح على أفريقيا يجب ألا يؤثر على الشراكة مع أوروبا
حسين الديماسي: الانفتاح على أفريقيا يجب ألا يؤثر على الشراكة مع أوروبا

وحسب بيانات المركز فإن إجمالي الصادرات التّونسية إلى مجمل القارة الأفريقية، لا تتجاوز نحو 2.7 بالمئة، رغم أنّ بلدان أفريقيا جنوب الصحراء تسجل أعلى نسب النمو في العالم.

وقال الخبير الاقتصادي حسين الديماسي في تصريح لـ”العرب” إن ما يعيق انفتاح تونس على أفريقيا عدّة أسباب هيكلية تتعلق بوسائل النقل التي تمثل حاجزا كبيرا بفعل أن كلفة النقل الجوي كبيرة والبديل الجوي غير ممكن لأن تونس أضاعت أسطولها البحري وفرطت في بواخرها.

وأوضح أن اللجوء إلى استئجار بواخر للقيام بعملية التبادل مكلف جدّا إضافة إلى هشاشة البنية التحتية وحدّة المنافسة مع المغرب الذي لم تتمكن تونس من مجاراته نظرا للجذور التاريخية للرباط في علاقاتها بأفريقيا.

وأشار الخبير إلى أن أفريقيا هي شريك تاريخي بالنسبة للمغرب خصوصا أفريقيا الغربية ولديه تقاليد في تعاملاته معها من خلال مسالك بحرية معينة منذ القرن الخامس عشر غير أن المنافذ التجارية لتونس ترتكز بالأساس على شريكها الاستراتيجي وهو الاتحاد الأوروبي.

وكشف أن العقبة الثانية أمام تونس التي تعرقل انفتاحها على القارة السمراء هي الإجراءات المتعلقة بالتحويلات النقدية مع البنوك حيث لا يوجد بنك أفريقي واحد في تونس.

وأشار الخبير إلى أن غياب شبكة بنوك في الغرض وعدم وجود جهاز مصرفي متبادل بين تونس وأفريقيا ينسفان كل محاولات الانفتاح نظرا لأساسية نجاعة التحويلات النقدية في تسهيل التبادلات التجارية.

وكانت تونس قد أقرت خلال عام 2017 برنامجا “للنهوض بالأنشطة التصديرية المحدثة للشغل في اتجاه أسواق أفريقية جديدة”، في إطار شراكة بين الوكالة الألمانية للتعاون الدولي ومركز النهوض بالصادرات.

ويهدف البرنامج إلى دعم نفاذ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التّونسية إلى أسواق أفريقيا جنوب الصحراء.

وتتعالى داخل الساحة السياسية في تونس الأصوات المنادية بالتخلي عن السوق الأوروبية والتوجه إلى أسواق جديدة صاعدة كالصين وتركيا وأفريقيا.

وحذر الخبير حسين الديماسي من خطورة هذه التصريحات السياسية مشيرا إلى أنه لا يمكن لتونس التفريط في شريكها الأوروبي الذي يحوز لوحده على نحو 80 بالمئة من مجمل التعاملات التصديرية.

وأكد أن دعم ولوج الأسواق
الأفريقية لا يجب أن يلغي أو يقلص من الشراكة مع أوروبا التي تتميز بتاريخيتها والعمل اللوجستي بين الشريكين مما يجعل تغييرها ضربا لاقتصاد البلاد.

وشدد أن على تونس تنويع أسواقها مع المحافظة على شريكها الأول الأوروبي والتخطيط بنجاعة لكيفية اقتحام الأسواق الأفريقية.

وتسجل تونس نسبة عجز تجاري قياسية مع كل من الصين وتركيا نظرا لاختلال موازين التبادلات وارتفاع نسبة التوريد على حساب تصدير المنتجات التونسية.

وبلغ العجز التجاري مع الصين خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي نحو 897.8 مليون دولار فيما تراجع في موفى العام بفعل إجراءات حكومية لضبط أنشطة التصدير وكبح التوريد العشوائي.

وقدر حجم العجز التجاري مع تركيا بنحو 798.85 مليون دولار خلال شهر نوفمبر الماضي مما دفع البرلمان التونسي إلى المصادقة على قانون للتمديد في توظيف الرسوم الجمركية على المنتجات القادمة من تركيا إلى أربع سنوات إضافية خلال شهر ديسمبر المنقضي.

ورغم الجهود المبذولة للنهوض بالصادرات وتحسين شروط اقتحامها للأسواق الجديدة عبر تغيير التشريعات والقوانين والإجراءات التحفيزية لم تحقق تونس مكانة جيدة على مستوى مؤشر انفتاحها الأفريقي.

وصنف البنك الأفريقي للتنمية تونس في المرتبة 27 من ضمن 54 بلدا أفريقيا خلال العام الماضي مسجلة تراجعا بثلاث مراتب عن مركزها عام 2018.

Thumbnail

ويرى خبراء أن هذا التصنيف بمثابة الإنذار للسلطات لإحداث تغيير جذري في سياستها لدعم انفتاحها في وقت تترقب فيه كل المنطقة انطلاق منطقة التبادل الحر في أفريقيا في يوليو المقبل.

وأشار التقرير إلى أن تونس توفر النفاذ دون تأشيرة إلى 21 بلدا أفريقيا وهي تتقدم على الجزائر والمغرب اللذين حلا بالمركز 47 غير أنها تبقى بعد موريتانيا التي حلت في المركز العاشر.

ويعتمد المؤشر في قياسه لدرجات الانفتاح على دراسة القيود المفروضة على البلدان الأفريقية في تنقلها إلى الدول الأخرى في القارة ومدى تحسينها لإجراءاتها لمنح التأشيرات.

وكان رئيس البنك الأفريقي للتنمية إيكونومي أديسينا قد دعا إلى “إزالة الحواجز، ودعم حرية تنقل الأشخاص وخاصة اليد العاملة التي تعد ضرورية لدفع الاستثمار وللمزيد من الاستفادة من منطقة التبادل الحر الأفريقية ومن السوق الموحدة للنقل الجوي”.

وتواجه بلدان القارة تحديات كبيرة مع اقتراب إقامة منطقة للتبادل الحر على مستوى أفريقيا خاصة في ما يتعلق بالبنية التحتية وتوفير فرص العمل.

ووقّعت تونس في يوليو عام 2018، اتفاقية الانضمام إلى السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا “كوميسا”، لتكون العضو العشرين في هذه المجموعة الاقتصادية.

وسبق أن أكد صندوق النقد الدولي في تقرير له في أبريل الماضي على أن “تحسين اللوجستية التجارية مثل خدمات الجمارك، وتسوية إشكاليات البنى التحتية المتردية، قد يكون أكثر فاعلية بأربع مرات من تخفيض الرسوم الجمركية من أجل تشجيع التجارة”.

ويشير خبراء إلى أن نجاح المشروع في القارة السمراء يتوقف إلى حد بعيد على إزالة العقبات “غير الضريبية” مثل الفساد وترهل البنى التحتية وفترة الانتظار على الحدود، وهو ما تعتزم “منطقة التبادل الحر” العمل عليه.

10