تونس أمام رهان مقاومة الغش في الامتحانات الوطنية

وزير التربية يؤكد وجود شبكات ومهربون ينشطون في عمليات الغش مع امتحان البكالوريا.
الخميس 2023/06/08
لا بدّ من تشديد الرقابة في الامتحانات

تونس - أكدت وزارة التربية في تونس مراهنتها على مقاومة ظاهرة الغش وتسريب مواضيع الامتحانات الوطنية، بالموازاة مع انطلاق امتحان الباكالوريا، وسط إقرار بوجود شبكات ومهرّبين ينشطون في عمليات الغشّ. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي في تونس الأربعاء صورا لاختبار مادة الفلسفة تم الحصول عليها تزامنا مع انطلاق امتحانات البكالوريا.

وأثارت هذه التجاوزات تساؤلات بشأن عملية تأمين الامتحانات الوطنية في البلاد، رغم تطمينات وزارة التربية والاحتياطات الأمنية التي اتخذتها للتصدي لعمليات الغش. وأفاد وزير التربية محمد علي البوغديري بأنّ شبكات ومهرّبين ينشطون في عمليات الغشّ خلال فترة تنظيم امتحان البكالوريا من كلّ سنة.

وشدّد البوغديري في تصريح إعلامي على أنّ "وزارة التربية لن تتوانى عن مكافحة كلّ التجاوزات المرتبطة بالغشّ أو تسريب المواضيع"، مبرزا الدور الهام الذي تقوم به الإطارات التربوية في مراقبة إنجاز الاختبارات الكتابية لهذه الدورة.

فريد الشويخي: يجب منح الأساتذة الثقة في تقييم مستوى التلميذ
فريد الشويخي: يجب منح الأساتذة الثقة في تقييم مستوى التلميذ

وللحد من ظاهرة الغش، اتخذت وزارة التربية عدة إجراءات، من بينها منع اصطحاب الأجهزة الإلكترونية إلى مراكز الامتحانات، وتنظيم حملات توعوية، كما أطاحت السلطات الأمنية بعدّة شبكات لتوزيع المعدات الإلكترونية التي تستعمل في الغش، في ولايتي (محافظتي) سوسة (وسط) وقفصة (جنوب).

وأثار تسريب أسئلة الامتحان بعد دقائق من انطلاقه، شكوكا حول نجاعة الإجراءات التي اتخذتها الوزارة وبشأن ظروف إجراء اختبارات البكالوريا.

وقال فريد الشويخي الخبير في علم النفس التربوي إن “المشكلة في إصلاح المنظومة التربوية وليس الامتحانات، بل إن المنظومة برمتها تعاني من الغش في واقع بلا أخلاق ولا مبادئ مع انعدام الثقة”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “لا يمكن فصل التربية والتعليم عن الشأن العام والحياة الاجتماعية، ويجب على الوزارة أن تلغي الامتحانات الوطنية وتمنح الثقة للأستاذة في تقييم مستوى التلميذ”، لافتا أن ” كلفة امتحانات البكالوريا تبلغ قرابة 20 مليون دينار (6.43 مليون دولار) كل سنة”.

وينص القانون التونسي على معاقبة المترشحين المتورطين في عمليات الغش وذلك بحرمانهم من اجتياز امتحان البكالوريا من سنة إلى 5 سنوات، ومقاضاة كل مترشح يتم ضبطه في وضع متلبس بصدد ممارسة الغش. وشرع الأربعاء، 137 ألفا و906 تلميذ في اجتياز الاختبارات الكتابية لامتحان البكالوريا دورة 2023، التي تتواصل حتى الـ14 من يونيو الجاري.

ويتوزع مجموع المترشحين لدورة البكالوريا لهذا العام، إلى 112573 تلميذا أي بنسبة 82 في المئة في المعاهد العمومية، و18539 تلميذا أي بنسبة 13 في المئة في المعاهد الخاصة، فيما يقدر عدد المترشحين بصفة فردية بـ6794 مترشحا أي بنسبة 5 في المئة من مجموع المترشحين.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تسريب امتحانات البكالوريا في تونس، حيث تتكرّر هذه الظاهرة كل عام وتتطوّر الأساليب المستخدمة في ذلك، رغم الإجراءات المشددة في عملية المراقبة، وإحالة العشرات من المتهمين بالغشّ خلال السنوات الماضية.

وأفادت نجاة الزموري عضو الرابطة التونسية لحقوق الإنسان أن” تونس تملك الآليات اللازمة لمقاومة الغش في الامتحانات، لكن لا تتوفر الإرادة الكاملة للقضاء على الظاهرة، على عكس بلدان أخرى”.

نجاة الزموري: الإرادة الكاملة للقضاء على ظاهرة الغش غير متوفرة
نجاة الزموري: الإرادة الكاملة للقضاء على ظاهرة الغش غير متوفرة

وأضافت لـ”العرب”، “ما ينقصنا في تونس هو الجرأة في أخذ القرارات، والمستفيد الأول من تسريب الامتحانات هو التلميذ بدرجة أولى ثم الأستاذ، ومسألة الغش تدخل في السياسة العامة للدولة، وبالتالي يجب تطبيق القوانين بصرامة ضد المتجاوزين”.

وتابعت الزموري “لا بد من التفكير في مقاربات جديدة للتصدي لهذه الظاهرة، وتوانى الدولة في أخذ الإجراءات اللازمة يفسح المجال للشبكات واللوبيات حتى تمارس نشاطها”.

ومع انطلاق أولى أيام امتحانات الباكالوريا، أكد المندوب الجهوي للتربية بالقصرين توفيق بن محمود أنه “تم تسجيل خلال اليوم الأول من انطلاق امتحانات الباكالوريا في دورتها الرئيسية لهذه السنة وخلال إجراء امتحان المادة الأولى 8 حالات غش باستعمال أجهزة إلكترونية موزعة على مختلف المراكز وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في شأنهم وتطبيقها.

وأكّد في تصريح لصحيفة محلية، أنه بعد “اتخاذ الإجراءات اللازمة تمت مواصلة الاختبار بشكل عادي للتلاميذ” لافتا أنه “تم حجز الجهاز ورفع تقارير في الغرض”.

والعام الماضي، ألقت الوحدات الأمنية القبض على شبكة مختصة في الغش في امتحانات البكالوريا تنشط بين محافظات تونس والقصرين وسيدي بوزيد، من بينهم مزوّد يبيع المعدات اللازمة من أجهزة لاسلكية وسماعات ذات تكنولوجيا متطورة وبطاريات صغيرة الحجم لا يتجاوز سمكها 1 مليمتر.

واعترف المتهم خلال التحقيق ببيع جهاز الغش للمترشحين مقابل 600 دينار (200 دولار)، فيما يتم تمكينهم من الإجابة على الامتحانات بمبلغ جملي قدره 1200 دينار (400 دولار).

4