توريد نفايات إيطالية لدفنها في تونس يثير جدلا واسعا

النفايات الإيطالية أثارت ردود أفعال "غاضبة" في الأوساط الحقوقية والسياسية بتونس، وسط تحذيرات من مخاطر اختراق البلاد على جميع الأصعدة والمستويات.
السبت 2020/11/07
كارثة بيئية تهدد البلاد

تونس – طالبت منظمات حقوقية وسياسية وبيئية تونسية بفتح تحقيق عاجل في مسألة نقل نفايات إيطالية إلى التراب التونسي، ومعاقبة كل الأطراف التي سيثبت القضاء تواطؤها في الملف الذي اهتز له الشارع التونسي في الفترة الأخيرة، حيث أصبحت البلاد مقبرة لنفايات الدول الأوروبية.

وأكد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعیة على ضرورة فتح تحقیق مباشر مع الأطراف والمؤسسات المتواطئة مع ملف دخول حاويات نفايات منزلیة ومشابھة قادمة من مدينة نابولي الإيطالیة في إطار صفقة توريد مشبوھة لشركة غیر مقیمة اسمها “سوريبلاست” وحاصلة على رخصة نشاط لفرز وتثمین ورسكلة النفايات البلاستیكیة.

ودعا المنتدى الجھات المختصة إلى إجبار الشريك الإيطالي على قبول إعادة تصدير نفاياته على أن يتكفل مع الشركة التونسیة المخالفة بمصاريف ھذه العملیة الديوانیة وذلك طبقا للقوانین التونسیة والدولیة ودون الرجوع إلى العقد المبرم بین الشركتین الذي تخدم كل بنوده كلا الطرفین.

وكان برنامج “الحقائق الأربع” الذي تبثه قناة “الحوار التونسي” كشف أخيرا عن صفقة مشبوهة تتعلق بقيام شركة تونسية بإدخال حوالي 300 حاوية من الفضلات المنزلية الإيطالية (120 ألف طن) عبر ميناء سوسة بهدف ردمها في تونس.

وأثار الخبر موجة استنكار واسعة في تونس، حيث طالبت منظمات المجتمع المدني، السلطات التونسية بالتحقيق في هذا الأمر، ومعاقبة الشركة المذكورة.

وأفاد الجامعي والمتخصص في البيئة عادل الهنتاتي، في تصريح لـ”العرب”، بأن “ما تم يفسر بعدم احترام القانون، لأنه لا يمكن قبول النفايات المنزلية الإيطالية المجمعة إلا إذا أكد البلد المرسل له أنها لا تكتسي خطرا على حياة التونسيين”.

عادل الهنتاتي: هناك خطر وجرم بيئي في حق المواطن التونسي
عادل الهنتاتي: هناك خطر وجرم بيئي في حق المواطن التونسي

وأضاف الهنتاتي “ما وقع فيه خرق لاتفاقية بامكو التي تتضمن بعض الثغرات باعتبار بعض الدول الأفريقية الضعيفة”.

وحمل الخبير البيئي، الوكالة الوطنية لحماية المحيط مسؤولية هذا التجاوز، قائلا “هي أول من أعطى ترخيصا للشركة ولم تتابع المراحل اللاحقة، وهذه ‘شبهة تواطؤ’، فضلا عن وزارة البيئة التي أثبتت عدم كفاءتها لحماية التونسيين من مخاطر التلوث والمشكلة الصحية المحدقة بسلامتهم ولم تعط أهمية كبرى للمسألة، بالإضافة إلى وكالة النفايات التي أعطت كراس الشروط ولم تتابع المجريات”.

وأشار الهنتاتي إلى أن “تونس لها 3 ملايين طن من النفايات المنزلية المشابهة للنفايات الإيطالية، 95 في المئة منها لا تتم رسكلتها ويتم دفنها في المصبات التي أصبحت مصائب على صحة المواطن التونسي، وعلى 10 مصبات هناك 8 بها مشاكل باعتبار السكان المحيطين بها.. هناك خطر وجرم بيئي في حق المواطن التونسي مع تداعيات وباء كورونا والمواد السامة التي يسهل انتشارها”.

ومن جهتها طالبت الإدارة العامة للديوانة (الجمارك)، الشركة بإعادة تصدير البضائع لأن المورّد ارتكب مخالفة ديوانية، إذ صرح بكون الحاويات القادمة من إيطاليا تحتوي فضلات بلاستيكية معدة للرسكلة، في حين تبين أنها مجرد أوساخ منزلية (بقايا أكل، وحفاضات وغيرها…) لا يمكن تثمينها من خلال إعادة تدويرها.

وقال المتخصص في القضايا الاقتصادية والجبائية، حسام الدين خليفة، إن “الصفقة غير قانونية نظرا إلى كونها ممنوعة من الاستراد في تونس”.

وأضاف خليفة، في تصريح لـ”العرب”، “يمكن تسليط عقوبة وخطايا على الشركة يقدرها قاضي التحقيق ويمكن أن تتجاوز مبلغ 100 ألف دينار تونسي حسب الضرر الحاصل وحسب إمكانية معالجة المشكلة، وأغلب هياكل الدولة نخرها الفساد ودخلت المؤسسات هذه المنظومة”، داعيا “إلى ضرورة تطبيق القانون بحزم وإعادة النفايات إلى مصدرها ومعاقبة كل من تورط في ذلك دون محاباة أو ترضيات، لأن المسألة تهدد الأمن القومي التونسي”.

وأثارت النفايات الإيطالية ردود أفعال “غاضبة” في الأوساط الحقوقية والسياسية بتونس، وسط تحذيرات من مخاطر اختراق البلاد على جميع الأصعدة والمستويات.

وطالب النائب مبروك كورشيد بمحاسبة المتورطين مشيرا في تدوينة نشرها على صفحته في فيسبوك إلى أن “تحويل تونس إلى مصب نفايات سامة إيطالية من طرف شركة تونسية عملية خطيرة في بعدها الصحي والاقتصادي والأخلاقي تُظهر درجة من الاستهتار بالدولة..”.

ودوّنت الباحثة رجاء بن سلامة “لم ننس بعد فضيحة أكياس البلاستيك التي أصبحت تباع بدل منعها، وفضيحة أكياس الأسمنت حتّى جاءتنا فضيحة بيئية أخرى أذهلتنا. نريد قرارات”.

4