توازن شخصية الحماة وخبرتها في الحياة يحولان دون إثارة المشاكل مع كنّتها

المهارات الاجتماعية تخلق تفاعلات صحية إيجابية بين الأقران.
الخميس 2020/12/03
علاقة الحماة بالكنة يمكن أن تتحول من عداوة إلى صداقة

تكشف الدراسات النفسية والاجتماعية أن اختلاف الأمزجة بين الحماة والكنة دائما ما يؤدي إلى حدوث المشاكل بينهما، كما أن صراعهما حول ملكية الرجل (الزوج الابن) يزيد من تعقيد الأمور بينهما. ويرى خبراء علم النفس أن توازن شخصية الحماة وخبرتها في الحياة يحولان دون إثارة المشاكل مع كنّتها، داعين إلى ضرورة تحليها بالوعي حتى تكون العلاقة إيجابية بين الطرفين.

يرجع خبراء علم الاجتماع توتر العلاقة بين الزوجة والحماة، التي ظلت على مر العصور مطبوعة بالحساسية، إلى رغبة كلّ منهما في الاستئثار باهتمام الزوج الابن، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى مشاكل عديدة تجعل العلاقة أكثر تعقيدا.

وكما يتحمل الرجل مسؤولية كبيرة لفض الخلافات وإنهاء التوتر بين والدته وزوجته، وتقريب المسافات بينهما حتى لا تشعر الأم بالغيرة ولا الزوجة بالإهمال، فإن الحماة أيضا تتحمل مسؤولية إنهاء الصراع الدائر بينها وبين كنّتها وذلك بتخلصها من فكرة أن زوجة ابنها جاءت لتحرمها منه وتستأثر هي بعطفه ودلاله.

وتشير بعض الوقائع التي عاينتها “العرب” إلى أن تسلط الحماة وغيرتها اللامتناهية ساهما في وصول عدد من الكنّات إلى المصحات النفسية وعجّلا بطلاق أخريات، كما أن تعقل الحماوات في العديد من المواقف كان سببا في استمرار زواج أبنائهن دون منغصات ولا مشاكل.

ويروي الخبير في علم النفس أن مريضة راجعته في عيادته بسبب سوء تصرف حماتها معها، ذلك أن مرض حماها استلزم عليها هي وزوجها البقاء في بيت العائلة ليكونا قريبين منه، إلا أن حماتها بادرتها بالإساءة لانها عُرفت أصلا بحدة الطباع وسوء المعشر.

ويؤكد خبراء علم النفس أن العلاقة المتوازنة والوطيدة بين الحماة والكنة سببها توازن شخصية الحماة وخبرتها في الحياة وحبّها المتوازن والعقلاني للابن، وعدم معاناتها من الغيرة التافهة.

وهو ما أكده أحمد الأبيض، المختص في علم النفس الذي أشار إلى ضرورة أن تقتنع الحماة بأن لابنها وزوجته عالمهما الخاص وأن تكون حريصة على عدم تنغيصه.

تعقّل الحماوات في العديد من المواقف كان سببا في استمرار زواج أبنائهن دون منغصات ولا مشاكل، وأنقذ زيجات أخرى من الفشل

وقال الأبيض لـ”العرب”، إن امتلاك الكنة والحماة لشخصية متحكمة يزيد من تعقيد الأمور، مشيرا إلى أن الاختلاف في الأمزجة يساعد على التوافق بينهما. فإذا كانت الكنة متحكمة، تكون الحماة خانعة والعكس بالعكس، وهو ما من شأنه أن يساعد على سير الأمور.

وأضاف أن كثيرا من الحماوات عانين بدورهن من أمهات أزواجهن ويردن الثأر لأنفسهن من زوجات أبنائهن كردة فعل على ما عانينه من حماواتهن، وهو ما من شأنه أن يولد استمرار النزاع .

بدوره، يؤكد الاستشاري النفسي والأسري أحمد السريوي أن علاقة الصراع بين الحماة والكنة هي رؤية مجتمعية تشكلت حول هذه الظاهرة وتناقلتها الأجيال حتى أصبحت جزءا من المجتمع، مشيرا إلى أن الصراع ليس حقيقيا ويختلف باختلاف الأمزجة والشخوص.

وأوضح أن تكرار المشاحنات يؤدي إلى ضغوط نفسية وآثار سلبية على الجميع. وأرجع السريوي ذلك إلى دوافع غريزية للأم التي تعتقد أن كنتها فتاة جاءت لتسرق ابنها منها نتيجة التعلق الزائد بالابن طيلة سنوات حياته قبل الزواج.

ودعا خبراء علم النفس إلى تفعيل الحوار الهادئ والبناء بين الطرفين في محاولة لتقريب وجهات النظر، ناصحين الأم بأن تقدر أن حب ابنها لها يختلف عن حبه لزوجته، وكذلك لبقية الأطراف، وأن تستوعب أصول العلاقات وأسسها حتى تنتهي موجة المشاحنات والصراعات.

Thumbnail

كما يساعد تعقل الحماة على استيعاب غيرة كنّتها وسعيها إلى إثارة اسنفزازها مما يحد من بروز المشاكل التي يكون الزوج أول المعانين منها. ويؤدي بروز المشاكل بين الحماة والكنة عادة إلى غياب السعادة الأسرية وعدم الاستقرار العائلي الذي من شأنه أن يعجّل بنهاية العلاقة الزوجية .

ويرى الدكتور عفيف سليمي، مستشار الحياة الأسرية، أن هناك أسبابا عديدة ومتنوعة تستدعي غيرة الحماة من كنّتها، ذلك أن الكنّة قد تلعب دورًا رئيسيا في إثارة غيرة حماتها، والتباهي بمهاراتها وقدراتها وكيفية إدارة زوجها ومنزلها.

ويدعو سليمي زوجة الابن إلى أن تكون ذكية وأن تتحلى بالهدوء والصبر وتظهر الاحترام والمودة لحماتها، وهذا ما سيدفع الأخرى إلى التغيير من طريقتها وتهدئة توترها.

وينصحها سليمي بالتعامل بهدوء مع العلاقة الإشكالية، مشيرا إلى أنه يتعين عليها أن تفهم أن الحماة رّبت ابنها واهتمت به معظم أيام حياته، وهو ما يجعلها لا تحتمل ابتعاده عنها.

ويرى أن الكنة يمكن أن تعزز العلاقة بين الابن ووالدته، ذلك أن الكنة الذكية تدرك أنه يستحسن تعزيز هذه العلاقة ومنحها أهمية عائلية بدلا من الحد منها، وهذا يصب لصالح سعادتها وزوجها.

ويشير إلى أن غيرة الحماة من زوجة ابنها ناتجة عن خشيتها من ابتعاد ابنها عنها، بعدما كان ملكا لها ولا تشاركها فيه أي امرأة أخرى، ثم جاءت الكنة لتخطفه من بين يديها وتزداد الصراعات بينهما.

ويرى علماء النفس أن غيرة الأم تزداد عندما تفتقد ابنها الذي كان يوليها كل الاهتمام والرعاية، ليتضح لها لاحقاً أن هذا الاهتمام بدأ يتقلص لوجود أخرى يمنحها مقدار الاهتمام نفسه، لاسيما إذا استمر ابنها بمدح زوجته أمامها ويذكر ميزاتها ومدى حبه لها، فهذا أكثر ما يغضبها. وينصح خبراء علم النفس الزوج بأن يحسن التصرف مع أمه وزوجته وأن يعدل بينهما.

21