تهديدات مبطنة من الدبيبة بعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات

مرّ رئيس حكومة تصريف الأعمال في ليبيا عبدالحميد الدبيبة إلى التهديد المبطن برفض نتائج الانتخابات المقرر تنظيمها في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل، حيث عكس اشتراطه مساء الجمعة أن يكون هذا الاستحقاق نزيها للاعتراف بنتائجه، هذه التهديدات التي قد تنسف المسار الانتقالي الذي تمر به ليبيا لاسيما أنها تترافق مع تهديدات الإخوان بإفساد الاستحقاق المذكور.
تونس - فجر تصريح رئيس حكومة تصريف الأعمال في ليبيا عبدالحميد الدبيبة في أعقاب مؤتمر باريس الدولي مساء الجمعة الذي اشترط فيه النزاهة للقبول بنتائج الانتخابات المقرر تنظيمها في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل جدلا واسعا.
واعتبرت أوساط سياسية ليبية أن تصريح الدبيبة حمل في طياته تهديدات مبطنة برفض النتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع في التاريخ المذكور إذا لم يكن طرفا في السباق لرئاسة البلاد.
وقال الدبيبة المقرب من جماعة الإخوان المسلمين وتركيا إنه سيسلم السلطة للجهة التي ينتخبها الشعب في الرابع والعشرين من ديسمبر “في حال أُجريت الانتخابات بشكل نزيه وتوافقي”.
وطالب الدبيبة بضمان إجراء الانتخابات دون خروقات، وذلك من خلال دعمها سياسيا ومراقبتها دوليا، ووضع ضمانات حقيقية لقبول نتائجها وفرض عقوبات على المعرقلين والرافضين لهذه النتائج.
ولم تتردد أوساط سياسية ليبية في اتهام الدبيبة بالتمهيد للانقلاب على النتائج خاصة وأنه حاول بشتى السبل دخول السباق الرئاسي بعد أن دشن حملة دعائية واسعة في وقت سابق من شأنها أن تتيح له الفوز بدفة قيادة ليبيا.

جبريل أوحيدة: هناك نية من الدبيبة للانقلاب على نتائج الانتخابات
وقال عضو مجلس النواب الليبي جبريل أوحيدة إن “هناك نية من الدبيبة للانقلاب على نتائج الانتخابات وهو ما يذكرنا بالانقلاب على مجلس النواب في 2014 (…) عندما كانت النية مبيتة آنذاك للانقلاب، حيث انقلب بقايا المؤتمر الوطني السابق على انتخابات المجلس رغم شهادة الجميع بنزاهتها وشفافيتها”.
وتابع أوحيدة في تصريح لـ”العرب” أن “الدبيبة الذي جاء ليبقى لم يكن أصلا متطلعا إلى الانتخابات ولم يعمل على تهيئة المناخ لنجاحها بحسب ما نصت عليه خارطة الطريق التي أوصلته إلى السلطة المؤقتة لذلك لا نستغرب إذا ما انقلب هو أو غيره على نتائج الانتخابات بتشجيع من أطراف أجنبية هي مستفيدة من أزمة ليبيا وحتى انقسامها ليستمر نفوذها ولو في جزء من البلاد”.
ومن جهته قال المحلل السياسي الليبي محمد قشوط إن “تلميحات الدبيبة برفضه تسليم الحكم للسلطة المنتخبة خطيرة جدا بالإشارة إلى التوافق والنزاهة، وهي شروط ليست من اختصاصه وهي من اختصاص لجان الطعون المشكّلة من المجلس الأعلى للقضاء”.
وأضاف قشوط في اتصال هاتفي مع “العرب” أن “كلمة التوافق أيضا فضفاضة لا معنى لها، ولن تنجح الأطراف السياسية في التوافق على شيء، لكن هذه كلمة ألقى بها الدبيبة لكي يتخذها مبررا في مرحلة أخرى لعدم تسليم السلطة”.
ورأى أنه “اتضح في مؤتمر باريس من يقف مع الشعب الليبي واستقراره واستقرار بلاده، ومن يدعم الفوضى وهي تركيا وقطر وإيطاليا التي لا تريد أن تذهب ليبيا إلى الاستقرار”.
وجاء موقف الدبيبة الذي لا يختلف في شيء مع موقف رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في وقت بدأت فيه مفوضية الانتخابات تلقي طلبات الترشح للانتخابات الرئاسية وتسجيل الناخبين.
وبدوره قال المنفي خلال مؤتمر صحافي إن المجلس سيسلم السلطة إذا استطاعت مفوضية الانتخابات تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية في الرابع والعشرين من ديسمبر.
وشدد المنفي من باريس على وجوب إزالة العراقيل والخلافات قبل إجراء الانتخابات الشهر القادم.
وأضاف أنه “يجب حلحلة النقاط الخلافية لمشاركة الجميع في الانتخابات حتى تقبل نتائجها”، داعيا جميع الليبيين إلى المشاركة في الانتخابات القادمة والقبول بنتائجها.
وبحسب قانون الانتخاب الصادر عن البرلمان فإنه لا يمكن للدبيبة والمنفي الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية كما تعهد الطرفان مثل بقية المرشحين لتولي مناصب مؤقتة خلال جولات الحوار السياسي بجنيف السويسرية بعدم الترشح للانتخابات المقررة في ديسمبر المقبل.
وفي مواجهة هذا الوضع أطلق الدبيبة حملة واسعة للضغط على مفوضية الانتخابات والبرلمان لتعديل القانون بما يمكنه من الترشح لرئاسة البلاد، ويحظى رئيس الحكومة بدعم دولي وغربي خاصة بدا واضحا للعيان في الفترة الأخيرة لتولي الرئاسة.
ومساء الجمعة قال رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي إن “ضمان قبول نتائج الانتخابات المقبلة في ليبيا مرتبط بالتوصل إلى قانون منظم لها يتوافق عليه الجميع خلال الأيام القادمة”.

محمد قشوط: تلميحات الدبيبة برفضه تسليم الحكم لسلطة منتخبة خطرة جدا
ووجه مؤتمر باريس الذي انعقد الجمعة بمشاركة دولية واسعة شملت حضور قادة أكثر من ثلاثين دولة رسالة اعتبرت قوية من خلال التلويح في بيانه الختامي بفرض عقوبات دولية على معرقلي الانتخابات العامة، لكن ليس من المضمون أن يُلزم ذلك الأطراف الليبية بخارطة الطريق لاسيما جماعة الإخوان المسلمين.
وفي تحدٍّ للبيان الختامي لمؤتمر باريس قال رئيس المجلس الأعلى للدولة الاستشاري خالد المشري المحسوب على الإخوان المسلمين إنه يرجح تأجيل الانتخابات لثلاثة أشهر حتى التوافق عليها.
وأضاف المشري في تصريحات نقلتها عنه وكالة الأناضول أن “المجلس الأعلى الدولة لن يشارك في الانتخابات ولن يعرقلها، لكنه قدم طعونا لدى القضاء للفصل في قرارات المفوضية العليا للانتخابات”.
وبالرغم من أن المؤتمر ركز كذلك على سحب المرتزقة الذين استعان بهم طرفا النزاع في وقت سابق وإجراء الانتخابات في موعدها، إلا أن أوساطا ليبية ترى أن حظوظ الالتزام ببيانه الختامي تبقى محدودة خاصة من قبل الأطراف الفاعلة على الأرض والدول التي لها مرتزقة في البلاد وخاصة تركيا.
وأعادت الرئاسة الفرنسية ليل الجمعة نشر البيان الختامي على موقعها الرسمي مع إضافة تحفظ أنقرة إزاء إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا وهو ما يؤكد تصميم تركيا على عدم سحب قواتها من البلاد.
وقال جبريل أوحيدة “لم نكن نتوقع من مؤتمر باريس أكثر من ذلك ويبقى الرهان على الشعب الليبي من حيث الإقبال على صناديق الانتخابات وحسن الاختيار والوقوف في وجه أي محاولة انقلاب على إرادته التي لم نعد نراهن على غيرها”.