تنسيق تونسي - إيطالي للتصدي لشبكات تسفير المهاجرين نحو أوروبا

دفع تنامي نشاط شبكات تسفير المهاجرين القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس نحو السواحل الأوروبية، إلى زيادة التعاون الأمني واللوجستي بين الحكومتين التونسية والإيطالية، تجسيدا لبنود اتفاق الهجرة المبرم بين تونس والاتحاد الأوروبي في يوليو الماضي.
تونس - يستمر التنسيق الأمني بين تونس وإيطاليا بهدف التصدي لشبكات تسفير المهاجرين الأفارقة من بلدان جنوب الصحراء ودول الساحل الأفريقي إلى تونس لتسهيل عبورهم نحو السواحل الإيطالية، وسط اتفاق بين الطرفين على مواصلة تبادل المعلومات من أجل كشف الأطراف الضالعة في تلك العمليات.
وفي الأشهر الأخيرة، تصاعدت وتيرة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا عبر تونس، على وقع تداعيات الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعيشها دول المنطقة، ما دفعها إلى مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حاسمة للحد من هذه الظاهرة.
وبحث وزير الداخلية التونسي كمال الفقي مع نظيره الإيطالي بيانتيدوزي ماتيو، خلال اتصال هاتفي، مسألة الهجرة غير النظامية وكيفية مجابهتها.
واستعرض الفقي وبيانتيدوزي، خلال مكالمة هاتفية جرت بينهما، مجهودات الطرفين لدعم قدرات الوحدات الأمنية التونسية لمكافحة الشبكات التي تنشط في مجال الاتجار بالبشر وتنظيم رحلات الهجرة غير النظامية بين البلدين، كما نقل بلاغ نشرته وزارة الداخلية التونسية، مساء الخميس.
وأكد الجانبان التونسي والإيطالي “الإرادة الصادقة والعزم الراسخ الذي يحدوهما للمضي قدما على درب توطيد هذه العلاقات والارتقاء بها إلى أرقى المستويات، بما يعكس عمق وعراقة العلاقات التاريخية بين البلدين وخدمة لمصلحة الشعبين الصديقين”.
وفي الثالث والعشرين من يوليو الماضي، استضافت روما فعاليات المؤتمر الدولي للتنمية والهجرة غير النظامية بحضور قادة دول البحر المتوسط في روما، وذلك لمواجهة التدفق غير النظامي للمهاجرين وتنمية أفريقيا.
وفي السادس عشر من الشهر نفسه، أعلنت الرئاسة التونسية توقيع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي حول “الشراكة الإستراتيجية والشاملة” بين الجانبين في مجالات، بينها تعزيز التجارة ومكافحة الهجرة غير النظامية، بقيمة تزيد عن 750 مليون يورو (نحو 834 مليون دولار).
وقال المحلل السياسي والخبير الأمني خليفة الشيباني إن “هذا التنسيق يأتي بعد مشروع الاتفاق التونسي - الأوروبي وترجمته إلى تعاون أمني في الهجرة والجانب الاستخباراتي، كما أنه يوجد حديث لتمكين تونس من أجهزة للتصدي لهذه الظاهرة”.
وأكد لـ”العرب” أن “عمليات الهجرة مرتبطة أساسا بالعامل الطبيعي وتزداد في فصل الصيف، لكن رغم أهمية الجانب الأمني وجب التفكير في وضع إستراتيجية شاملة للظاهرة تبدأ بمعالجة الأوضاع في دول جنوب الصحراء على غرار تشاد والنيجر وبوركينا فاسو، فضلا عن التنسيق الأوروبي مع دول شمال أفريقيا”.
والخميس، تمكنت وحدات منطقة الحرس الوطني بجبنيانة بإقليم صفاقس (شرق) من حجز 9 مراكب حديدية وشاحنة خفيفة، وذلك إثر مداهمة 3 منازل أعدت فيها ورشات لصنع القوارب الحديدية، وفق بلاغ للإدارة العامة للحرس الوطني.
وأفادت نجاة الزموري، نائبة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بأن “مسألة الهجرة غير النظامية مرتبطة بمعضلة شبكات التسفير والاتجار بالبشر، فيتنامى نشاط تلك الشبكات مع هشاشة وضع المهاجرين”.
وأضافت لـ”العرب”، “من الضروري أن تتدخل الدولة التونسية بكل ثقلها لمعالجة هذه الأزمة، لكن لوحدها غير قادرة، ووجب التنسيق مع الجانب الإيطالي، وأيضا مع دول أفريقيا جنوب الصحراء”.
وتابعت نجاة الزموري “العصابات التي تشتغل على التهريب تبدأ من أعماق جنوب القارة الأفريقية وتمر عبر ليبيا والجزائر ثم تونس نحو أوروبا”.
وجرت مكالمة هاتفية قبل يومين بين الرئيس التونسي قيس سعيّد ورئيسة مجلس الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، تناولا خلالها عمليات التنسيق بين البلدين، خاصة في ظلّ تفاقم التدفق المستمر للمهاجرين غير النظاميين والذي تقف وراءه شبكات إجرامية.
في الأشهر الأخيرة، تصاعدت وتيرة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا عبر تونس، على وقع تداعيات الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعيشها دول المنطقة
ودعا قيس سعيد في أكثر من مناسبة، إلى إقامة تعاون دولي لمواجهة تزايد وتيرة الهجرة غير النظامية، وأكد أنه “لا يمكن إيجاد حلول محلية لتلك الظاهرة”.
وسبق أن زار وزير الداخلية كمال التونسي مرفوقا بعدد من مسؤولي الوزارة إلى العاصمة الإيطالية روما، حيث التقى بنظيره ماتيو بيانتدوزي وعدد من مساعديه بمقرّ وزارة الداخلية الإيطالية.
وقد مثل هذا اللقاء مناسبة أخرى لتأكيد متانة العلاقات الثنائية بين البلدين خاصة بعد الزيارات العديدة التي قامت بها رئيسة الحكومة الإيطالية إلى تونس، ومساهمتها الفعالة في توقيع مذكرة التفاهم المشتركة بين تونس والاتحاد الأوروبي.
كما كان اللقاء مناسبة لتبادل الآراء بين الطرفين حول مجالات اهتمام وزارتي داخلية البلدين، وخاصة المجهودات المشتركة المبذولة في إطار التصدي للهجرة غير النظامية والمزيد من دعمها قصد الحد من نتائجها السلبية على كلا البلدين.
وأكد الوزيران بالمناسبة التزام كلا الطرفين ببذل أقصى الجهود لإيقاف الهجرة غير النظامية التي تعاني منها تونس ومحاولات العبور إلى التراب الإيطالي، مثمنين نتائج أعمال الوحدات الأمنية التونسية وفرق العمل المشتركة في هذا الشأن.