تمويل الطاقة محور نزاع بين القاهرة والمؤسسات المالية الدولية

القاهرة – أعلن عدد من مؤسسات التمويل الدولية وقف تمويلها لمشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة في مصر، بسبب تعسف إصرار وزارة الكهرباء على أن تتم تسوية النزاعات حول المشروعات التي تساهم فيها داخل مصر.
ودخلت القاهرة في دائرة جديدة من الجدل حول مناخ الاستثمار بسبب القرار الذي أثار حفيظة المؤسسات الدولية ووصفه مراقبون بالمتعسف. عممت وزارة الكهرباء منشورا على التحالفات الفائزة بمشرعات لإنتج الطاقة، يلزمها بضرورة إخطار الشركاء الأجانب ومؤسسات التمويل الدولية بأن التحكيم في النزاعات سيكون داخل مصر وأنها أدرجت ذلك الشرط في العقود.
وكانت الوزراة قد أعلنت عن تأهل 136 شركة لإنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة. وكان يفترض أن يمول البنك الدولي والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير نحو 75 بالمئة من المشروعات، التي أقرتها الحكومة.
وقررت مؤسسة التمويل الدولية، الذراع الاستثمارية للبنك الدولي الانسحاب من تمويل مشروعات الطاقة المتجددة، في أعقاب القرار.
ووصف مستثمرون قرار وزارة الكهرباء بأنه ضربة قاصمة للاستثمار في مجال إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة، الذي تعول عليه القاهرة لتقليص استهلاك الغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء.
وتستهدف خطة التنمية 2030 أن يصل إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة إلى 30 بالمئة من الاستهلاك الإجمالي للطاقة.
وقال هشام توفيق رئيس مجلس إدارة شركة كايرو سولار للطاقة الشمسية “فوجئنا بهذا القرار غير المدروس بعد قيامنا باستثمار 5 ملايين دولار تمثل 15 بالمئة من رأسمال مشروع إنشاء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 50 ميغاواطا”.
هشام توفيق: انسحاب 90 بالمئة من المستثمرين بقطاع الطاقة بعد عزوف الممولين الأجانب
وأضاف لـ“العرب” لقد “استقطبنا شريكا بريطانيا بعد 6 أشهر من المفاوضات وحصلنا على موافقة مؤسسة التمويل الدولية على تمويل المشروع، لكنها انسحبت بسبب القرار”. وكانت النسخة الأولى من اتفاقية شراء الحكومة للكهرباء، تتيح التحكيم خارج مصر، لكن النسخة المعدلة التي صدرت قبل أيام ألغت ذلك الامتياز.
وأكد توفيق أن جهات التمويل الدولية، هي الوحيدة التي يمكنها توفير العملة الصعبة التي تحتاجها المشروعات وأنها توفر نحو 75 بالمئة من تكلفة المشروعات.
وتـوقع فقدان 90 بالمئة مـن الاستثمـارات نتيجة انسحاب جهات التمويـل الدولية والمطـورين الأجـانب.
وتستهدف الحكومة زيادة إنتاج الكهرباء بنحو 14.4 غيغاواط في العام المالي المقبل الذي يبدأ مطلع الشهر المقبل.
وقال مجدالدين المنزلاوي رئيس جمعية مستثمري الطاقة المتجددة لـ”العرب، “إن مؤسسات التمويل الدولية تخشى على أموالها بسبب طول فترة التحكيم في مصر وأن قرار وزارة الكهرباء أدى لوقف تمويلها للمشروعات”.
مجدالدين المنزلاوي: مفاوضات لإقناع وزارة الكهرباء بإيقاف قرار فرض تحكيم النزاعات في مصر
وأكد توقف جميع مشاريع “بنبان” في محافظة أسوان، التي اختارتها الحكومة لإنشاء أول مزرعة للطاقة الشمسية، والتي استقطبت 39 تحالفا مصريا ودوليا من الشركات المؤهلة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية باستثمارات تصل إلى نحو 3 مليارات دولار.
وكشف أن الجمعية تسعى للتفاوض مع وزارة الكهرباء لوقف القرار من أجل نجاح خطط تنويع مصادر إنتاج الكهرباء لمواجهة الطلب المتزايد نتيجة الزيادة السكانية وتزايد المشاريع الاقتصادية.
تسعى القاهرة لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية من خلال إنشاء محطة بمنطقة الضبعة بالساحل الشمالي، ويستهدف المشروع تنويع مزيج الطاقة الحالي والذي يعتمد بنسبة 96 بالمئة على الغاز الطبيعي. ويتضمن المشروع إنشاء 4 مفاعلات نووية بالتعاون مع شركة روساتم الروسية بتكلفة 25 مليار دولار، لإنتاج 4800 ميغاواط وأن الوحدة الأولى الخدمة عام 2024.
قال وائل النشار رئيس مجموعة “اونيرا سيستم” للطاقة المتجددة لـ”العرب” إن وزارة الكهرباء ستقوم بشراء الكهرباء المنتجة من الشركات، وبالتالي فهي ترى أن يكون التحكيم محليا. وأقر بأن إجراءات التحكيم في مصر طويلة للغاية، وأن ذلك دفع مؤسسات التمويل الدولية إلى رفضها خوفا على أموالها، وأكد ضرورة إيجاد حل توافقي يرضي جميع الأطراف من خلال المشاركة في صياغة عقد شراء الطاقة.
وائل النشار: مصر تخلفت كثيرا في توليد الطاقة الشمسية والإنتاج لا يتجاوز 0.5 بالمئة
وأوضح أن العقد الموحد يتم ترجمته حاليا في مجلس الدولة، مشيرا إلى أنه كان من الأجدى لوزارة الكهرباء الانتظار حتى يتم الانتهاء من الترجمة النهائية للعقد ومناقشة بنوده مع كافة الأطراف، بدلا من التسريبات التي تعلنها الوزارة كل فترة.
وأضاف أن مصر تخلفت في استثمار الطاقات المتجددة كثيرا، حيث لا يزيد إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية على 0.5 بالمئة من إجمالي الطاقة المنتجة حاليا.
وتبلغ طاقة إنتاج الكهرباء في مصر حاليا نحو 32 غيغاواطا. وتستهدف القاهرة إنتاج 2.3 غيغاواط من خلال الطاقة الشمسية بحلول أكتوبر المقبل، إلا أن التعقيدات والبيروقراطية حالتا دون تحقيق الهدف ووصل الإنتاج إلى حوالي 10 ميغاواط فقط، والتي تمثل نحو 0.4 بالمئة من المستهدف.