تكلفة الأرق

جميعنا تقريبا يصادف نوبات أرق من وقت لآخر، يقننها أهل الاختصاص بمعدل حدوثها مرة واحدة في الأقل خلال السنة الواحدة، هذه هي أضيق الحدود الزمنية للحرمان من النوم الذي يصادفه الشخص العادي.
السبت 2019/10/19
صحبة الأصدقاء تحد من الشعور بالأرق

أكثر ما يشتت الانتباه ويجعل من ممارسة الأعمال والواجبات اليومية كابوسا هو الحرمان من النوم كليا أو قلّة عدد ساعاته، حيث  يمثل الأرق تحديا كبيرا يمكن أن يواجهه إنسان العصر الحديث، مع اختلاف المنبهات والأسباب الصحية التي تجعل من مجرد محاولة النوم مساء شبه مستحيلة.

يحدث هذا في الوقت الذي يتعين عليه فيه القيام بواجبات وأعمال كثيرة في اليوم التالي لا يمكن تأجيلها أو أن إنجازها تحت ثقل التعب الذي يؤثر في الكم والنوع على حد السواء، فالإرهاق النفسي المصاحب للتعب الجسدي  يعد من أكثر المشكلات التي يسببها الحرمان من النوم الصحي في أقل حدوده الممكنة.

جميعنا تقريبا يصادف نوبات أرق من وقت لآخر، يقننها أهل الاختصاص بمعدل حدوثها مرة واحدة في الأقل خلال السنة الواحدة، هذه هي أضيق الحدود الزمنية للحرمان من النوم الذي يصادفه الشخص العادي وهي تكلفة معقولة لكونه إنسانا يشغله القلق على ما سيحدث في المستقبل أو يؤرقه الألم النفسي الذي تسببه ذكريات الماضي.

وضع باحثون مقياسا تقديريا لعدد ساعات النوم في معدلها الأدنى بحاجز ست ساعات يوميا، وما يقلّ عنها يمثل قصورا غير متعمد لمسببات كثيرة تنتهي نتائجها السلبية للأرق المزمن، وكانت أفضل الحلول المطروحة لتجنب الأرق هو مضاعفة النشاط البدني خلال اليوم خاصة رياضة المشي سواء أكانت في ساعات الصباح المبكرة أو قبل النوم مباشرة، باعتباره النشاط الأبسط والمتاح أكثر من غيره.

ألا أن نتائج دراسة حديثة أظهرت أن رياضة المشي، حتى إذا تجاوزت حدودها الضيقة، قد تحسن نوعية النوم لكنها لا تطيل من مدته بالضرورة، إلا أن هناك مزيدا من الفرص كلما ازدادت مدة النشاط البدني وشدته حيث تزداد معه فرص النوم لوقت أطول.

وهناك تفسيرات معينة تربط بين المشي وتحسن النوم لعل أهمها أنه يحد من التوتر النفسي ويعزز الرفاه البدني خاصة إذا تم اختيار ساعة المشي في الصباح الباكر وفي الهواء الطلق، إضافة إلى الفوائد الاجتماعية والنفسية التي ترافق ممارسة هذه الرياضة البسيطة بصحبة صديق أو حتى جار، وأهميتها في تحسين المزاج وتبادل الأفكار وربما التخلص من المخاوف.

وتتميز بعض أنواع الأرق بحدتها؛ فهي لا تشمل صعوبة النوم أو قضاء وقت أطول في السرير قبل الاستسلام للنوم، بل قد تتمثل في الاستيقاظ مبكرا أو الاستيقاظ أكثر من مرة خلال الليلة الواحدة فإذا ما تكرر هذا الأمر وزادت حدته يصبح من الصعب تمييز الأرق عن اضطرابات النوم، حيث يسهم هذا الأمر في التسبب بالقلق وتعكير المزاج وربما يعزز من الشعور بالاكتئاب النفسي.

وينصح متخصصون بضرورة الابتعاد عن الأدوية المنومة أو المهدئة فقد يكون مفعولها قصير المدى، وربما تتسبب هي الأخرى بحدوث ارتباك في عمل الساعة البيولوجية. أما أفضل طريقة للتعامل مع نوبات الأرق فهي عدم القيام بشيء على الإطلاق إذ أن آلية نوم الجسم ستميل إلى تصحيح مسارها من تلقاء نفسها إذا ما منحت الفرصة لذلك!

21