تكدّس البضائع في الموانئ يربك الاقتصاد المصري

أكد اقتصاديون مصريون لـ"العرب" أن تكدس البضائع في الموانئ أدى إلى تعطيل الكثير من الأنشطة الاقتصادية، بسبب تشديد الرقابة الجمركية، خاصة على المنتجات والمواد الأولية الخاصة بصناعة البتروكيماويات، التي تدخل في الكثير من الصناعات الأخرى.
الثلاثاء 2015/10/27
البضائع حبيسة الموانئ.. وتخبط المسؤولين

حذرت غرفة الصناعات الكيمائية المصرية من أن صناعة الكيماويات دخلت نفقا مظلما، وهي مهددة بالتوقف جراء عدم الإفراج بشكل سريع عن مستلزمات الإنتاج المكدسة في الموانئ، بسبب تشديد إجراءات الفحص الجمركي.

وقال رئيس الغرفة شريف الجبلي لـ”العرب”، إن عمليات التأخير تهدد بوقف تعاقدات الشركات المصرية مع أسواقها الخارجية، في وقت تستهدف فيه الدولة زيادة الصادرات لمواجهة انفلات سعر صرف الدولار في السوق المصرية.

وأوضح أن الأيام الماضية شهدت انفراجة نسبية في عمليات الإفراج الجمركي عن البضائع، لكن نقص الدولار أدى إلى تفاقم الأمور.

وتستهدف الإجراءات منع دخول أي مواد قد يستخدمها الإرهابيون في صناعة المتفجرات.

وقد زادت قيود البنك المركزي من تعقيد الأمور، بسبب عدم سماحه للشركات والمستثمرين بإيداع أكثر من 50 ألف دولار في حساباتهم المصرفية شهريا.

وتشير تقديرات وزارة الصناعة والتجارة إلى أن صادرات الصناعات الكيمائية والأسمدة بلغت خلال العام الماضي نحو 7.8 مليار دولار.

وأكد عادل اللمعي، رئيس لجنة النقل بجمعية رجال الأعمال المصريين لـ”العرب”، أن الجمعية خاطبت جميع خطوط الملاحة العالمية لمنح الشركات المصرية فترة سماح إضافية لمدة أسبوع، بسبب تكدس البضائع في الموانئ المصرية. وتتحمل شركات الشحن العالمية عادة رسوم تخزين البضائع في الموانئ لنحو ثلاثة أسابيع فقط. وأضاف أن بعض الخطوط استجابت وبدأت بدراسة المقترح، لأن العديد من الشركات المصرية لها تاريخ طويل في عمليات الاستيراد مع تلك الخطوط الملاحية.

وأشار إلى أن اللجنة تدرس حاليا القرار الحكومي الأخير بزيادة رسوم الموانئ، الذي رفع الرسوم على السفن التي ترفع العلم المصري بنحو 200 بالمئة، وأكد أن وزير النقل وعد بحل المشكلة.

وشدد على أن اللجنة في انعقاد دائم لتسهيل الإفراج الجمركي في الموانئ وتسوية المشكلات، وخاصة التي تواجه الصناعات الكيمائية.

أحمد شيحة: أتوقع تراجع الصادرات المصرية العام الحالي بسبب بطء الإفراج الجمركي

وتعاني مصر من عجز تجاري كبير، حيث تشير بيانات وزارة الصناعة والتجارة إلى أن إجمالي الواردات بلغ العام الماضي نحو 65.5 مليار دولار، مقابل 24.4 مليار دولار للصادرات.

وأكد أحد مديري كبرى الشركات الإلكترونية المصرية لـ”العرب”، أن بضائع الشركة ظلت في الميناء لنحو 80 يوما، ما تسبب في دفع رسوم تخزين باهظة للميناء.

وقال مصطفى النجاري، عضو مجلس السلع والمحاصيل الزراعية، إن عمليات زيادة رسوم الخدمات داخل الموانئ تحتاج إلى إجراءات واضحة ومحددة، خاصة أن هناك بعض الرسوم تحتاج زيادتها إلى تعديل تشريعي.

وأضاف لـ”العرب” أن الرسوم مطلوب دفعها بالدولار، في حين أن البنوك المصرية لا تستطيع توفير الدولار للمستثمرين والشركات.

وأوضح أن الشهر الماضى شهد إلغاء عدد من الرسوم لعدم دستوريتها وفق أحكام قضائية، لذلك ينبغي على وزارة النقل التريث في تعديل رسوم على الخدمات داخل الموانئ إلى حين الانتهاء من انتخابات مجلس النواب لإقرار أي تشريعات تتعلق بهذا الموضوع. يذكر أن رسوم الموانئ يتم تحصيلها على عدد مستويات، تبدأ بقيام شركات الشحن والتفريغ بتحصيل الرسوم من المستوردين، الذين يقومون بنقلها على كاهل المستهلك عن طريق إدراج تكاليف الشحن والرسوم على التكلفة النهائية لبيع المنتج، وتبدأ سلسلة جديدة من التضخم في الأسعار يتحملها المستهلك النهائي.

وأكد النجاري عدم قدرة البنوك على توفير كافة المبالغ التي يحتاجها المستوردون، وقد يستغرق الأمر أكثر من شهر، لذلك فإن تطبيق الرسوم الجديدة يعني ارتفاع التكلفة النهائية للمنتجات وزيادة الأسعار.

واقترح اللواء شرين حسن رئيس هيئة موانئ بورسعيد الأسبق، الإفراج عن مستلزمات الإنتاج والسلع فورا لإيصالها إلى مخازن المصانع، على أن تكون هناك عهدة لدى المستثمر إلى حين التأكد من عمليات الفحص وتحليل العيّنات التي يتم سحبها من البضائع.

وأضاف أن هذه الطريقة معمول بها في معظم الدول، وهي تساعد على القضاء على ظاهرة تكدس البضائع في الموانئ.

وأكد لـ”العرب” ضرورة تأسيس عدد كبير من معامل التحاليل الخاصة بالمنتجات المستوردة على نفقة المستثمرين، على أن تكون تابعة للدولة، وهو حل يؤيده العديد من المستثمرين من أجل سرعة الإفراج عن مستلزمات إنتاجهم.

وتوقع أحمد شيحة، رئيس لجنة الاستيراد بالغرفة التجارية بالقاهرة لـ”العرب”، أن تتراجع الصادرات المصرية خلال العام الحالي بسبب تلك الإجراءات والتي وصفها بالتعسفية ضد المستثمرين.

واعتبر أن تأخر مستلزمات الإنتاج التي يتم استيرادها، يعوق عملية الإنتاج، إلى جانب أن البنوك لا توفر النقد الأجنبي بشكل كاف لاستيراد البضائع من الخارج، وهو ما يؤدي أيضا إلى تأخر شديد في دفع قيمة البضائع بسبب الإجراءات الاحترازية، ما يضاعف من الوقت المهدور في عمليات الإنتاج.

وطالب بضرورة إلغاء تلك الإجراءات، مع العلم أن المستثمرين ليس لديهم مانع على الإطلاق في شراء الدولار وفق أسعار السوق الموازية وتحمل فروق الأسعار.

11