تقليص سلطة وزارة الإعلام السعودية يعزز مرونة المؤسسات الصحافية

السعودية تقرر تحديث المنظومة الإعلامية وإعادة هيكلة المؤسسات الصحافية بما يتماشى مع سياستها لتطوير حضورها الإعلامي بشكل أكبر.
الثلاثاء 2021/01/19
تطوير الصحافة والإعلام ضرورة للقوة الناعمة

أجرت السعودية تغييرات في التبعية المباشرة للمؤسسات الصحافية وجعلتها أكثر ارتباطا بالهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، بعد انتقادات عديدة لأداء وزارة الإعلام من جهة، وإعادة التفكير في هوية المؤسسات الإعلامية ونماذج أعمالها وهيكلها التنظيمي ودورها في المجتمع، وحاجتها لمرونة أكثر في اتخاذ القرارات من جهة أخرى.

الرياض- قررت السلطات السعودية تعديل نظام المؤسسات الصحافية وربطها بالهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع بدلا من وزارة الإعلام، في مؤشر على تقليص المركزية ومنح وزارة الإعلام مهمة إشرافية، مقابل تعزيز مرونة المؤسسات الصحافية.

وقالت وسائل إعلام محلية إن موافقة الجهات العليا تضمنت إحلال تعريف “الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع” محل تعريف “الوزارة: وزارة الإعلام”، وإحلال تعريف “المجلس: مجلس إدارة الهيئة” محل تعريف “الوزير: وزير الإعلام”. كما تضمنت إحلال عبارة “مجلس الإدارة” محل كلمة “المجلس” الواردة في المواد الثانية عشرة والثالثة عشرة و‏الرابعة عشرة منه.

ويجري الحديث مؤخرا في السعودية عن ضرورة تحديث المنظومة الإعلامية وإعادة هيكلة المؤسسات الصحافية وفق الإعلام الجديد والسياسات التنظيمية للنشر، وبما يتماشى مع سياسة السعودية لتطوير حضورها الإعلامي بشكل أكبر يعكس مكانتها.

ماجد القصبي أكد أن إدارة المؤسسات الصحافية تحتاج إلى إعادة النظر في استراتيجيتها، وإعادة التفكير في هويتها ونماذج أعمالها
ماجد القصبي أكد أن إدارة المؤسسات الصحافية تحتاج إلى إعادة النظر في استراتيجيتها، وإعادة التفكير في هويتها ونماذج أعمالها

كما ركزت القيادات الإعلامية السعودية على نقاط الضعف ومواطن الخلل في الأداء الإعلامي، فقد بدأ وزير الإعلام ماجد القصبي مع تسلمه منصبه في فبراير 2020، بانتقاد الواقع الإعلامي خلال أول لقاء له مع مسؤولي الوزارة، وقال “أداؤكم غير مرض، لم ننجح في تسويق قصتنا خارجيا ونتحدث عن صناعة رؤية إعلامية”.

وأكد صحافيون سعوديون مرارا على أن إدارة المؤسسات الصحافية تحتاج إلى إعادة النظر في استراتيجيتها، وإعادة التفكير في هويتها ونماذج أعمالها، وهيكلها التنظيمي ومنتجاتها وجمهورها المستهدف ودورها في المجتمع. وكذلك الاستثمار في مجالات البحث والتطوير والتقنية والابتكار، للمساعدة في التكيف مع انخفاض الإيرادات والتوزيع، وزيادة المنافسة.

كما طرحوا قضية المعركة الإعلامية مع المنصات المعادية، وما تحتاجه من تمكين طاقات شبابية بلغات متعددة، قادرة على إنتاج محتوى إعلامي بمختلف أنواعه، الإعلام الاجتماعي والثقافي والترفيهي، يشكل نواة القوة الناعمة السعودية.

ويرجح متابعون أن ربط المؤسسات الصحافية مباشرة بهيئة الإعلام يساهم بتحقيق هذا الهدف، خصوصا أنه سيزيد من مرونة المؤسسات الإعلامية وقدرتها على اتخاذ القرارات.

ومع التطور التكنولوجي، تلاشت الفروق بين الصحافة المطبوعة والإعلام المرئي والمسموع، وباتت التقنيات الحديثة والصورة والفيديو جزءا أساسيا في المؤسسات الصحافية والإعلامية التي تحرص على حجز مكانة لها في المشهد، وهو من صميم اختصاص الهيئة التي تحدثت عن خططها بهذا الشأن في مناسبات عديدة.

وقد أعلنت الهيئة في ديسمبر الماضي عن إطلاق أولى مراحل برنامج تمكين المؤسسات الإعلامية ودعم قطاع الإعلام، عبر إقامة دورات تدريبية لتنمية مهارات العاملين في القطاع. وقالت في بيان لها عبر موقع تويتر:

وانطلقت المرحلة الأولى بالشراكة مع غوغل من خلال تقديمها دورات تختص بالتسويق الرقمي ومهارات صناعة المحتوى واستقطاب الجماهير عبر الإنترنت، لتمكين العاملين في القطاع من إدارة حملاتهم الإعلانية، مما يخفض من نسبة الإعلانات المضللة والتجاوزات.

ولفتت الهيئة إلى أن الدورة الأولى استهدفت العاملين في مجال التسويق ونشر المحتوى في الصحف الورقية والإلكترونية ووكالاتهم الإعلانية.

وتعاقب على وزارة الإعلام أكثر من ثلاثة عشر وزيرا، وفي الكثير من المراحل غاب التفاعل المباشر بين وزارة الإعلام والجمهور، وتسبب في ما يشبه “أزمة ثقة” انعكست على قطاع الإعلام والصحافة، رغم أن بعض أسباب التراجع الذي أصاب صناعة الصحافة يعود إلى تطورات هيكلية، مثل انخفاض عدد القراء، خاصة بين الأجيال الشابة، والتحول من استهلاك الأخبار المطبوعة إلى استهلاك الأخبار عبر الإنترنت.

هل ستتمكن الهيئة العليا للإعلام المرئي والمسموع بالقيام بما عجزت عنه وزارة الإعلام في دعم صناعة الصحافة الورقية

ويتساءل متابعون: هل ستتمكن الهيئة العليا للإعلام المرئي والمسموع من القيام بما عجزت عنه وزارة الإعلام في الاهتمام بصناعة الصحافة الورقية التي تمر بمرحلة انتقالية مهمة، وتواجه منافسة متنامية، خصوصا مع ضعف إيرادات الإعلانات وتوفر محتواها مجانا عبر الإنترنت، وهي تحتاج إلى نفقات كبيرة  لتجربة نماذج أعمال إعلامية جديدة، والمحافظة على الصحف المطبوعة.

ونبهوا إلى أن الصحف المطبوعة تعاني من قلة الإيرادات، لكن تقليص النفقات سينعكس سلبا على المحتوى والموظفين والتجهيزات والتسويق، وسيؤدي ذلك إلى منتجات صحافية أقل جودة، ينشأ عنها تراجع في عدد القراء.

وبالتالي فإن الدعم الحكومي مطلوب لمواجهة انخفاض الإيرادات الإعلانية، حتى لا تعود الصحف إلى دوامة فرض المزيد من إجراءات التقشف وخفض الإنفاق، فتنخفض جودة المحتوى الصحافي، ويزداد عزوف القراء والمعلنين، فتنخفض إيرادات الإعلان من جديد.

18