تغيّرات سياسية تعقد مهمّة التهدئة في غزة

الجيش الإسرائيلي يشن هجمات على مواقع لكتائب عزالدين القسام في قطاع غزة، وميناء بحري قيد الإنشاء، رداً على إطلاق قذيفة صاروخية.
الثلاثاء 2020/02/11
تصعيد قد يخرج عن السيطرة

غزة – تبدو مهمة الوفد الأمني المصري الذي بدأ الاثنين زيارة إلى قطاع غزة، أشد صعوبة من الزيارات السابقة التي استهدفت وقف التوتر في القطاع، والتقيّد بتفاهمات التهدئة بين حركة حماس وإسرائيل، فكل طرف لديه حسابات معقدة قد تفرض عليه الانجرار وراء المزيد من التصعيد.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، أن طائراته شنت هجمات على مواقع لكتائب عزالدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس في قطاع غزة، وميناء بحري قيد الإنشاء، رداً على إطلاق قذيفة صاروخية.

ويقول متابعون إن التصعيد الجاري بين إسرائيل وغزة ليس كالسابق إذ يأتي في ظل أوضاع سياسية خطيرة فرضتها خطة السلام الأميركية، والانتخابات التشريعية في إسرائيل ما يهدد بإمكانية خروجه عن السيطرة.

ويواجه الوفد المصري الذي يضم مسؤولين عن الملف الفلسطيني بجهاز المخابرات، صعوبات لكبح التصعيد، في ظل عزم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مواصلة التصعيد لتحقيق أهداف سياسية عدة قبيل انتخابات الكنيست.

ويميل نتنياهو للذهاب باتجاه الرد بقوة على البالونات الحرارية التي تطلقها فصائل فلسطينية من غزة، ومنع تصوير الموقف على أنه سيكون مكبلا بالاستحقاق الانتخابي ويظهره كأنه “بطة عرجاء”، ما يجعل هناك صعوبة في استجابته للمطالبة المصرية بالتهدئة.

التصعيد الجاري بين إسرائيل وغزة ليس كالسابق إذ يأتي في ظل أوضاع خطيرة فرضتها خطة السلام الأميركية

ولدى قادة الفصائل الفلسطينية قناعة بأن جولة الوفد الأمني المصري هذه المرة لن تفلح في العودة سريعا للتهدئة، لأن الغضب الشعبي على أشده بعد الإعلان عن صفقة القرن، وما أدت إليه من إحراج للقوى الوطنية، وتشجيع إسرائيل للبدء في ضم المستوطنات وغور الأردن في الضفة الغربية المحتلة.

وذهب متابعون للتأكيد على أن تداخل الأجندات الإقليمية بشأن التعامل مع صفقة القرن يزيد من صعوبة مهمة الوفد المصري، فالأمر يتوقف على مدى طبيعة التنسيق بين حماس وإيران، لأن الأخيرة تريد دفع الحركة باتجاه مواصلة التصعيد نظير استمرار الدعم المالي والعسكري.

وقال المحلل السياسي الفلسطيني، مصطفى الصواف، “لدى حماس قناعة بأنه يتعين على القاهرة مضاعفة ضغوطها على إسرائيل، لأن استمرار نتنياهو في المماطلة بشأن تنفيذ شروط التهدئة المتفق عليها قبل عامين تقريباً، أحد أسباب الغضب الحالية في القطاع”.

وتبدو الفصائل أقل حرصا على التقيد بضوابط التهدئة. وقلّل الصواف، المقرب من حماس، من إمكانية إقناع الطرفين بالتوقف عن التصعيد، وأن حركة حماس لا يمكنها التعامل بضعف مع حالة الشحن والاستنفار الداخلي ضد إسرائيل، وهو ما يُصّعب من عودة الأمور إلى ما كانت عليه.

وهدّد نتنياهو، الأحد، بشن حملة عسكرية واسعة على غزة مع استمرار التوتر الأمني، مؤكدا أنه لن يقبل بأي عدوان يستهدف إسرائيل، وأن تصرفات حماس “غير المسؤولة في غزة ستقربها من اتخاذ إجراءات قاتلة”.

التصعيد العسكري ليس مجديا للتعامل مع الخطة الأميركية
التصعيد العسكري ليس مجديا للتعامل مع الخطة الأميركية

واعتبر المتحدث باسم حماس، فوزي برهوم، أن تهديدات نتنياهو “محاولة بائسة لتخويف الشعب الفلسطيني والنيل من إرادته، والتغطية على ما تعاني منه إسرائيل من أزمات”.

وأكد الباحث المصري في الشؤون الفلسطينية، محمد جمعة، لـ“العرب”، أن “عنوان التصعيد الجزئي هذه المرة هو ‘صفقة القرن’، ما ينعكس على قوته والمدى الذي يمكن أن يصل إليه، بجانب ردة الفعل الإسرائيلية القوية أيضاً”.

ويعمل الوفد المصري على إقناع الفصائل بأن التصعيد العسكري ليس مجديا للتعامل مع الخطة الأميركية، ومن الضروري البحث عن أدوات سياسية، فتوازنات القوى تغيرت كثيرا، ونتنياهو ينتظر منحه ذريعة لتدمير الآلة العسكرية لحماس، وتنفيذ خططه التوسعية.

ويتزامن حضور الوفد المصري مع تواجد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح روحي فتوح، ومستشار الرئيس محمود عباس للشؤون الأمنية وعضو اللجنة المركزية لفتح اللواء إسماعيل جبر في غزة منذ صباح يوم الجمعة، في خطوة تشي بمحاولة تضييق الهوة مع حماس.

وأشار عضو المجلس الثوري لحركة فتح عبدالحكيم عوض، إلى أن هناك حرصا مصريا وأمميا على عدم اندلاع حرب جديدة في غزة، وأضاف لـ“العرب”،  “تدرك القاهرة خطورة التصعيد الجاري، مع زيادة التحرك الشعبي في غزة وشعور المواطنين بأهمية استخدام سلاح الفصائل لتعطيل صفقة القرن”.

2