تعويم الجنيه المصري يهدد المطابع وسوق الكتب بالإفلاس

أدّى تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية إلى ارتفاع أسعار خامات الطباعة إلى الضعف، لا سيما وأن عددا كبيرا من المطابع التي تستحوذ على طباعة الكتب في السوق المحلية عقدت صفقات تعاقد قبل قرار البنك المركزي.
وأمام هذا الوضع الصعب، باتت المطابع أمام خيارين، إما الانسحاب من التعاقدات المبرمة مع الشركات ودور النشر والجهات الحكومية وخسارة الشرط الجزائي المقرر عليها في حالة الانسحاب، أو الاستمرار في الطباعة وتكبد الخسائر للحفاظ على سمعتها.
وقال أحمد جابر، رئيس غرفة الطباعة باتحاد الصناعات المصرية، إن “تعويم الجنيه دفع نحو 20 مطبعة خاصة حتى الآن إلى التوقف عن الطباعة والخروج من مناقصات طباعة الكتب للمدارس، ما يهدد بعدم طباعة المناهج في الفصل الدراسي الثاني”.
وأوضح لـ”العرب” أن 50 مطبعة أخرى تدرس الانسحاب من سوق طباعة الكتب المدرسية، في حال رفضت الحكومة تحمل فرق الأسعار، فضلا عن أن دور النشر نفسها لن تجد المطابع التي تتعامل معها، لأن الخامات المستخدمة في الطباعة ارتفعت أسعارها.
|
ويواجه عدد كبير من المطابع حاليا خطر الإفلاس لعدم وفائها بالالتزامات المبرمة بينها وبين عدة جهات حكومية، وخاصة أن 80 بالمئة من خامات الطباعة مستوردة، كما أن تكلفة الطباعة أصبحت مرتفعة.
وهذا الأمر، وضع وزارة التربية والتعليم في مأزق حقيقي، جراء عدم طبع كتب الفصل الدراسي الثاني حتى الآن، والمفترض أن يكون قد تم البدء في طباعتها أواخر الشهر الماضي، ليتم توزيعها على طلاب المدارس مع انتهاء إجازة منتصف العام في مارس المقبل. وتطبع الوزارة للمدارس نحو 80 مليون كتاب لجميع المراحل التعليمية، وبسبب الخلاف الحاصل بينها وبين المطابع الخاصة حول تعديل سعر الطباعة توقفت الأمور تماما، وأصبح الأمر بيد الحكومة، إما بدفع الفارق وإما بفسخ التعاقد والاعتماد على المطابع الحكومية.
ويقول اتحاد الناشرين المصريين إن ارتفاع سعر الدولار أثر سلبا على صناعة النشر وقد يؤدى إلى خروج الكتاب المصري من المنافسة العربية، ومن المعروف أنه كان الأقل سعرا، ومع ارتفاع الدولار فإن ثمن الكتاب سوف يرتفع بشكل كبير.
وكان سعر طن الورق قبل تعويم الجنيه يبلغ 6.45 آلاف جنيه (430 دولارا)، بينما وصل سعره بعد ارتفاع الدولار إلى 15 ألف جنيه (ألف دولار)، كما ارتفعت تكلفة استيراد الحبر بـ120 بالمئة، والغراء إلى الضعف، يضاف إلى هذا الفارق ارتفاع ضريبة القيمة المضافة، فضلا عن ارتفاع سعر الفائدة على القروض.
وأكد رأفت حمدي، صاحب مطبعة لـ”العرب” أنه تعاقد على طباعة مليون كتاب لإحدى المكتبات المدرسية الخاصة، حينما كان سعر الدولار بالبنوك يعادل 8.88 جنيهات، ما تسبب في أن يفسخ التعاقد ويسدد 6.6 آلاف دولار غرامة مالية والتوقف عن الطباعة.
وحتى سوق الكتب، لم تكن بمنأى عن التأثر بقرار البنك المركزي حيث ارتفعت أسعار الكتب إلى أرقام خيالية، ما تسبب في تراجع حركة البيع، مع قلة المعروض من الكتب الحديثة لإحجام المطابع نفسها عن إبرام تعاقدات جديدة على طباعة الكتب.
وفي جولة لـ”العرب” على عدد من المكتبات المدرسية التي تبيع الكتب الخاصة، سواء لطلاب المدارس أو الجامعات، تبين ارتفاع الأسعار بنسب وصلت أحيانا إلى 70 بالمئة عن العام الماضي، ما تسبب في تراجع نسب البيع.
ويرى حسام عبدالرحمن، رئيس شعبة الكتاب باتحاد الصناعات المصرية، أن السعر العادل للكتب والطباعة لا بدّ أن يزيد بنسبة مئة بالمئة لمواكبة تطورات القرارات الاقتصادية الأخيرة وتبعاتها على سوق الكتب وحرفة الطباعة.
وأكد لـ”العرب” أنه من المستحيل أن تستمر المطابع والمكتبات ودور النشر في السوق دون رفع الأسعار بعد مضاعفة جميع مراحل الإنتاج.