تعديل قانون عقود عمل مهينة في تونس يغضب اتحاد الشغل

تونس - أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل الأربعاء رفضه تعديل قانون التشغيل من جانب واحد من قبل السلطة، في أحدث توتر بين الجانبين، بعد أن سحب الرئيس قيس سعيد البساط من تحت أقدام المنظمة بالدعوة إلى تقديم مشروع قانون للتخلي عن عقود "المناولة".
ويأتي موقف الاتحاد الذي يعتبر لعقود حاضنة العمال والمدافع الأول عن مصالحهم، بعد أن أدرك أن الملف قد سحب من تحت أقدامه، ولم تعد لديه أي مبررات لاستخدام ملف عقود المناولة في الضغط على الحكومات، وفي خطاباته التي يطغى عليها الطابع السياسي أكثر من الاجتماعي في إطار سعيه للبحث عن دور سياسي مفقود في المشهد بعد إجراءات الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو 2021.
وبدأت الحكومة الثلاثاء مناقشة تعديلات على قانون الشغل بهدف إلغاء نظام المناولة في التشغيل بالقطاع الخاص التي تتولاها شركات وسيطة، بعد انتقادات علنية من الرئيس سعيد للعمل بعقود المناولة، معتبرا إياها إهانة للعامل ومسّا من كرامته، داعيا إلى وضع حدّ لها.
وبعد ثورة 2011 جرى إدماج جميع عمال المناولة في القطاع العام والوظيفة العمومية، لكن لا يزال الآلاف يرزحون تحت هذا النظام الهش من التشغيل في عدة قطاعات خاصة مقابل أجور زهيدة وفي الغالب دون ضمانات بالتغطيات الاجتماعية والصحية.
وقال اتحاد الشغل في بيان عقب اجتماع مكتبه التنفيذي الأربعاء إن "أي تنقيح مهما كانت ثوريته من جانب واحد هو إلغاء للعمال ولممثليهم الشرعيين من النقابات والاستفراد بالقرار والسلطة ونسف للحوار الاجتماعي نعرف مسبقا مآلاته وأضراره".
وأضاف البيان "أثبتت المصادقة على قانون المسؤولية الطبية وحقوق المرضى الذي صيغ بشكل انفرادي (وكنّا عبّرنا عن رفضنا له) أنّ إقصاء الهياكل المهنية والاستفراد بالقرار لا يمكن أن يخلّف إلاّ الأخطاء والاخلالات والثغرات وما يتّصل بها من مخاطر على حقوق أعوان الصحة والمرضى".
وأكد الاتحاد رفضه لأيّ تنقيح أحادي وتحميله السلطة المسؤولية فيما يترتّب عن ذلك.
وفشلت المنظمة العمالية في العهود الماضية من دفع الحكومات لإلغاء هذه العقود في القطاع الخاص لكنها نجحت في إلغائه في القطاع العام، حيث أمرت الحكومة التونسية في 23 فبراير الماضي تحجير إبرام عقود المناولة في الوظيفة العمومية.
وكان الرئيس سعيد قد طالب الشهر الماضي خلال لقائه برئيس الحكومة أحمد الحشاني "بضرورة التعجيل بإعداد مشروع قانون لإلغاء المناولة والعقود المحدودة في الزمن، مع التنصيص على مقاييس واضحة وموضوعية وعادلة تحفظ حقوق الذين اشتغلوا في ظل نظام المناولة لمدة سنوات ويتم اليوم استبدالهم بعمال جدد حتى يبقى العامل رهين إرادة مؤجّره في الانتداب المباشر بعد انقضاء مدّة من الزمن".
وقال سعيد "إن من أفنى عشرات السنوات من عمره في ظلّ نظام أقرب للعبودية لا مجال للتلاعب بعرقه، مشيرا إلى أنه يجب التحسّب في مشروع القانون إلى الممارسات التي لجأ إليها البعض باستبدال العاملين بآخرين حتى يبقون في وضع هشّ. فمثل هذه الممارسات هي محاولة للتهرّب من تطبيق القانون، فضلا عن أنها تتعارض مع أبسط القواعد المتصلة بالعدل والإنصاف. فكما لصاحب المؤسسة حقوق، للعمال حقوق أيضا والعدالة تقتضي أن تتعادل كفتا الميزان."
ويسعى الرئيس التونسي لجعل نفسه المدافع الأول عن الطبقة العمالية حيث لمح في العديد من المرات ان الاتحاد ترك نشاطه الرئيسي في الدفاع عن حقوق العمال ومواجهة العقود غير القانونية بالعمل السياسي والانخراط في الصراعات السياسية والحزبية الضيقة.
وسيمثل مشروع القانون ضربة قوية للاتحاد وخاصة للقوى المناهضة للرئيس سعيد داخل المنظمة النقابية حيث يظهر الرئيس دائما داعما للفقراء والطبقات الكادحة في خطاباته وقراراته.