تعديلات قانون الرياضة تنذر بصدام بين الأهلي والحكومة المصرية

أصدرت اللجنة الأولمبية المصرية برئاسة ياسر إدريس، بيانا رسميا نفت خلاله ما تم تداوله خلال الساعات الماضية، عن وجود خلافات بشأن آلية التعديلات المقترحة على قانون الرياضة رقم 71 لسنة 2017. وأكدت الأولمبية، على العلاقة مع وزارة الشباب والرياضة برئاسة أشرف صبحي، والتنسيق في جميع الملفات المشتركة بين اللجنة والوزارة بهدف إعلاء راية الرياضة المصرية واستمرار تطورها.
القاهرة - تلوح في الأفق نذر أزمة بين النادي الأهلي ووزارة الشباب والرياضة في مصر، تمثل حلقة جديدة في مسلسل الصدام بين الطرفين بعد أسابيع قليلة من إخماد أزمة انسحاب الأهلي من مباراته أمام الزمالك في ديربي القاهرة، وإقناع الطرفين بقبول حل وسط تمثل في تطبيق جزئي لعقوبة الانسحاب، بما يحفظ ماء وجه مجلس إدارة النادي الأهلي أمام جمهوره، ويحفظ للجهات المعنية بالرياضة في الدولة هيبتها في تنفيذ قراراتها ضد كل الأندية بما فيها الأهلي.
وتتعلق الأزمة الجديدة بالتعديلات المقترحة على قانون الرياضة المصري، والذي صدر عام 2017، ورغم أن الوزارة لم تنشر التعديلات بشكل رسمي، وقالت إنها لا تزال في مرحلة الإعداد، وسوف تطرحها للحوار المجتمعي قبل إرسالها إلى البرلمان لاعتمادها بشكل نهائي، إلا أن ما تسرب من تلك التعديلات أثار حفيظة مسؤولي الأهلي دون باقي الأندية في مصر، الذين يفترض أن تطبق التعديلات عليهم أيضا.
وبادر عديد من المسؤولين في الأهلي والإعلاميين المحسوبين عليه بانتقاد ما تسرب عن التعديلات، وامتدت الانتقادات إلى وزير الشباب والرياضة نفسه بحجة رغبته في السيطرة على الرياضة والأندية في مصر، وتركزت الانتقادات على ثلاثة بنود، منها تحويل الأندية إلى شركات مساهمة، ما يمكن أن يؤدي إلى خصخصة الأندية الشعبية، ومن ثم تهديد هويتها واستقلالها.
كما تطرقت الانتقادات إلى أن التعديلات توجب خضوع الأندية إلى رقابة الجهات الإدارية والرقابية، بما في ذلك الأمور الفنية والأنشطة الاجتماعية والثقافية، ما اعتبره النادي تعارضا مع الميثاق الأولمبي الذي ينص على استقلال الهيئات الرياضية، وردة عن الإصلاحات التي أقرها القانون الأصلي. والبند الذي تسبب في الأزمة تحديدا هو بند منع أعضاء مجالس إدارات الأندية من الترشح لأكثر من دورتين متتاليتين، عكس ما تضمنه القانون الأصلي الذي منح الجمعيات العمومية لكل ناد الحق في إعداد لوائح النادي وفقا لما تراه، بما فيها حق أعضاء ورؤساء مجالس الإدارات الترشح بلا حد أقصى من الدورات الانتخابية.
استهداف الخطيب
رأى الأهلي في تغيير البند الأخير استهدافا شخصيا لرئيس النادي محمود الخطيب، الذي يقضي حاليا السنة الأخيرة من دورته الانتخابية الثانية، ما يعني عدم قدرته وفقا للتعديلات المقترحة على قانون الرياضة على الترشح لدورة ثالثة، ما دفع النادي إلى مخاطبة رئيس الوزراء شخصيا للاطلاع على التعديلات المقترحة وإبداء رأيه فيها، وخاطب وزارة الشباب والرياضة لنفس الغرض دون أن يتلقى ردا من الجهتين.
◙ العديد من المسؤولين والإعلاميين بادروا بانتقاد ما تسرب عن التعديلات، وامتدت الانتقادات إلى وزير الشباب والرياضة
وهدد النادي على لسان أكثر من مسؤول بتصعيد الأمر الى الجهات الرياضية الدولية، زاعما أن التعديلات تسلب حقوق الجمعية العمومية وتفرق بين الأندية الشعبية وأندية الشركات، وتتعارض مع الميثاق الأولمبي الذي ينص على استقلال الهيئات الرياضية.
وأرجع مصدر مقرب من مجلس إدارة الأهلي سبب غضب مسؤولي النادي من هذا البند إلى شعورهم أن وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي يسعى للتخلص من الخطيب كونه الوحيد من بين رؤساء الأندية الرياضية الحاليين الذي رفض الخضوع لسيطرته، ورفض كل محاولات التدخل في الشؤون الداخلية للنادي، عكس ما يحدث في أندية أخرى مثل الزمالك، الذي يرحب مجلس إدارته بتدخلات الوزير وآخرها تنفيذ اقتراحه تعيين لجنة للتخطيط تضم بعض نجوم الكرة السابقين في النادي.
وتساءل المصدر عن سبب تسريب بعض التعديلات في الأسابيع الماضية فقط، رغم أن الفكرة مطروحة منذ ثلاث سنوات على الأقل، وربطوا بين ظهور التسريبات وما وصفوه بإخفاق الوزير في حث الجهات المعنية على تطبيق عقوبة الانسحاب كاملة على الأهلي، حيث قامت رابطة الأندية المنظمة لبطولة الدوري بتخفيف العقوبة والاكتفاء باعتباره خاسرا للقاء الزمالك وتحميله تكاليف الأضرار المادية التي نتجت عن انسحابه دون خصم 3 نقاط من رصيد الفريق في نهاية الدوري كما تنص اللائحة.
وتسبب دخول اللجنة الأولمبية الدولية على خط الأزمة مؤخرا وإرسالها لخطاب إلى وزارة الشباب والرياضة تطلب فيه إرسال نسخة من التعديلات، في إشعار قطاع كبير من جماهير الأهلي بانتصار ناديهم على الوزارة والجهات الحكومية، مع أن خطاب الأولمبية الدولية لم يتطرق لتفاصيل التعديلات، واكتفى فقط برغبة مسؤولي اللجنة الاطلاع على نسخة منها مترجمة للإنجليزية للتأكد من تماشيها مع المواثيق الاولمبية.
غضب وزاري
ولا تخفي حالة التوتر بين الأهلي ووزارة الرياضة على المتابعين للشأن الرياضي المصري، وتصاعدت في الفترة الأخيرة اتهامات اللجان الاليكترونية التي يحركها أحد مسؤولي الأهلي المقربين من الخطيب، ضد الوزير بأنه يعمل لصالح نادي الزمالك بحكم أنه أحد أبنائه منذ أن كان لاعبا بفريق الكاراتيه بالنادي، ثم تولى عدة مناصب داخل الزمالك بعد اعتزاله قبل تعيينه وزيرا للرياضة.
ورد الوزير على حملة الهجوم بتصريحات نارية، رأى متابعون أنها موجهة للأهلي، خاصة حديثه أن “السوشيال ميديا تباع وتشترى.. ونعلم أن هناك مبالغ تُضخ لتوجيه الرأي العام.. وسنتدخل في الوقت المناسب”، لأن الأهلي استخدم اللجان الاليكترونية التي يديرها جمال جبر المقرب من الخطيب للهجوم على الوزير ووصفه بأنه تعنت في موقفه من تعديلات القانون.
وخرج الوزير قبلها بتصريحات قوية خلال أزمة انسحاب الأهلي من مباراة الزمالك، وتهديد مجلس الخطيب بعدم استكمال الدوري حال تطبيق عقوبة الانسحاب عليه، ووصف تصرفات مجلس إدارة الأهلي بوجود “هناك حالة من العنجهية لدى البعض، ومنهم من يريد أن يفرض سياسة ناديه على الدولة، ومنهم من يظن متوهماً أن المنظومة الكروية في خدمة نادي معين فقط، وأن بعض الأندية فوق القانون.”
وعاد المتحدث باسم وزارة الرياضة إلى انتقاد مجلس إدارة الأهلي مجددا بتصريح متلفز قال فيه إن العمل في مجالس إدارات الأندية تطوعي وليس وظيفة بأجر، بالتالي ليس من حق المتطوعين أن يحددوا إذا كانت مدة الثماني سنوات كافية لهم أم لا، ونقلت بعض المنصات تصريحا غير موثق له يقول فيه إن الخطيب يريد البقاء في منصبه لمدة 40 سنة.
ويرى بعض المتابعين أن الخلاف بين الوزير ومجلس إدارة الأهلي هو خلاف بالوكالة بين جهات أهم من الطرفين، لا تظهر في العلن، وغير خاف أن تسريب التعديلات جاء ردا على نجاح الأهلي ومن يدعمونه في تخفيض عقوبة الانسحاب التي تعرض لها، لتفادي احتقان جماهيره التي تمثل النسبة الأكبر من مشجعي الكرة في مصر، وتم التساءل عما يمكن أن ينتهي إليه الصدام، وهل يكون ضحيته الوزير أم الخطيب؟
ودخل رئيس الوزراء برئاسة مصطفى مدبولي (وكان لاعبا في فريق كرة اليد بالزمالك في شبابه) على خط الأزمة داعما وزيره، حيث تحدث مؤخرا عن التعديلات متجاهلا ذكر اعتراضات ومخاطبات النادي الأهلي، واكتفى بالقول إن الحكومة تبحث جميع الأفكار الخاصة بنقاط تعديلات قانون الرياضة، مبينا حرصه على تقديم مشروع القانون إلى مجلس النواب قريبا من أجل مناقشته واعتماده.
ويتضمن قانون الرياضة المصري الذي يحمل رقم 71 لسنة 2017 وهو أول قانون شامل يتماشى مع متطلبات اللجنة الأولمبية الدولية، عددا من البنود التي تضمن قدرًا من الاستقلالية للأندية والاتحادات الرياضية عن الجهات الحكومية، أبرزها الاستقلال الكامل للهيئات الرياضية، وعدم جواز التدخل في شؤونها الإدارية أو الفنية أو المالية من أي جهة حكومية.
كما ينص على أن الجمعية العمومية هي السلطة العليا داخل النادي أو الاتحاد، وتختص بانتخاب مجلس الإدارة، واعتماد الميزانية، وإقرار لائحة النظام الأساسي التي تحدد تفاصيل العضوية، الانتخابات، العقوبات، وغيرها، ومنع القانون وزارة الشباب والرياضة من التدخل المباشر أو الإشراف على الميزانيات أو تعيين لجان تفتيش دون حكم قضائي أو شكوى رسمية، على أن تكون الرقابة المالية على الأندية من الجهاز المركزي للمحاسبات.
وفي سياق آخر وضعت اللجنة الفنية داخل الأهلي المصري، مجموعة شروط لاختيار المدرب الجديد للفريق، بعد رحيل مارسيل كولر. وذكرت بعض التقارير أن الأهلي تفاوض مع الألماني ماركو روزه مدرب لايبزغ وبوروسيا دورتموند السابق، لكن فشل الأمر. شهدت مفاوضات الأهلي المصري مع الألماني ماركو روزه مدرب لايبزغ وبوروسيا دورتموند السابق، تطورا مفاجئا. وقال مصدر داخل الأهلي لن يكون المدرب الجديد للمارد الأحمر، مؤكدا أن رحلة البحث عن المدير الفني الجديد، لا تزال جارية. وأتم المصدر “ماركو روزه تمسك بالعمل في قارة أوروبا، ولذلك لم ينخرط الأهلي في مفاوضات جادة معه، والأمر لم يتجاوز مرحلة الاستفسار فقط.”
وأضاف “المرحلة القادمة تحتاج إلى مدرب بمواصفات خاصة لتحقيق طموحات النادي وجماهيره، كما أن محمود الخطيب رئيس الأهلي يسعى للتعاقد مع مدرب مميز.” الأهلي لم يتوصل لاتفاق مع روزه بسبب بعض الخلافات حول أمور مالية خاصة بالمكافآت، بجانب أفراد الجهاز المعاون. وأقال الأهلي، مدربه السويسري مارسيل كولر من منصبه، عقب الخروج من نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا أمام صن داونز الجنوب أفريقي.
وقال مصدر داخل الأهلي “هناك قواعد محددة يتم من خلالها التعاقد مع المدرب الذي سيقود الفريق، منها عمله مسبقا مع أندية وليس منتخبات”. وتابع “تم الاتفاق أيضا على أن يكون المدرب لديه تجارب مستقرة تزيد عن عامين مع الأندية التي عمل بها، بجانب وضع حد أقصى 300 ألف دولار أو يورو كراتب شهري.”
تواجه إدارة الكرة بالنادي الأهلي المصري معضلة كبيرة، قبل المشاركة في كأس العالم للأندية، هذا الصيف، حيث يزيد عدد لاعبي الفريق الأجانب عن الحد الأقصى المسموح به، وفق لوائح الاتحاد المصري لكرة القدم، وهو 5 فقط. ويضم الأهلي حاليا 8 لاعبين أجانب وهم: المغاربة يحيى عطية الله، أشرف بن شرقي، أشرف داري، ورضا سليم، والتونسيان علي معلول ومحمد الضاوي كريستو، والمالي أليو ديانج، والسلوفيني نيتس جراديشار، بجانب الفلسطيني وسام أبوعلي، الذي يعامل كلاعب محلي.
وقال مصدر بالنادي الأحمر إن الأهلي يجري أيضا مفاوضات لضم النجم التونسي، محمد علي بن رمضان، من فرينكفاروزي المجري. وأضاف أن الأمر يتطلب تسويق عدد من اللاعبين الأجانب، حيث تجري مفاوضات لفسخ عقد كريستو، الذي لم يقدم أداء مميزا خلال إعارته للصفاقسي التونسي.
وأوضح المصدر أن الأهلي استقر أيضا، على عدم تفعيل بند شراء عطية الله من سوتشي الروسي، حيث تنتهي إعارته بنهاية الموسم الحالي. كما لن يجدد عقد معلول، وسيكتفي بالموسم الجاري، مع محاولات لتسويق أليو ديانغ، بعد أدائه الجيد مع الخلود السعودي. وأشار إلى أن القلعة الحمراء ستحاول إنهاء ملف الأجانب، خلال هذا الشهر، لتجنب أي خسائر كبيرة.