تطبيقات أوبر وكريم محاصرة بين غضب الركاب والسائقين المصريين

حملة "خليها تفلس" تدفع الشركتين إلى تقديم حوافز أكبر للزبائن، وحد أدنى للرحلة وخفض عمولة الشركتين لتفادي إضراب السائقين.
الثلاثاء 2019/02/19
الاحتجاجات تفرض إعادة ترتيب الأعمال

أكدت حملة “خليها تفلس” ضد شركتي كريم وأوبر للنقل التشاركي في مصر أن الاحتجاجات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت أداة ضغط فعالة، لإجبار أصحاب الأعمال على الاستجابة لمطالب العاملين والزبائن بعد أن أجبرت الشركتين على تقديم تنازلات للطرفين.

القاهرة - دفعت حملة “خليها تفلس” على الشبكات الاجتماعية شركتي كريم الإماراتية وأوبر تكنلوجيز الأميركية للنقل التشاركي إلى الإعلان عن أكبر حزمة حوافز للسائقين في مصر.

وكان سائقو الشركتين قد هددوا في الفترة الأخيرة بغلق برامج التشغيل عبر الهواتف الذكية، بدءا من غد الأربعاء ولمدة أربعة أيام من أجل الاستجابة لمطالبهم.

وتستهدف الحملة تثبيت الحد الأدنى للرحلة عند 10 جنيهات (0.55 دولار) وخفض نسبة عمولة الشركتين من الرحلات إلى 15 بالمئة بدلا من 20 بالمئة، وإضافة صورة العميل ورقم بطاقته الشخصية في حسابه الخاص على المنصة.

وتشمل المطالب أيضا السماح للسائق (الكابتن)، رفض خمس الرحلات يوميا على الأقل دون التأثير على التقييم، مع إتاحة حق الرد للسائقين قبل إغلاق حساباتهم مع تكرار شكاوى الزبائن منهم والاستماع لآرائهم.

ووفق نظام النقل التشاركي تقوم الشركة بخصم 20 بالمئة من قيمة الرحلة الواحدة لصالحها، و80 بالمئة يحصل عليها السائق، وبعد كل رحلة يتم تقييم السائق.

وفي حالة منحه تقييما سيئا من المستهلكين، تقوم الشركة بخصم نسبة من الحوافز، فضلا عن أن استمرار هذا التقييم يخرجه من منظومة العمل بالشركة.

وتفرّعت عن الحملة الرئيسية عدة حملات متوازية تحت شعار “إضراب مفيش شغل”، ما دفع الشركتين للإعلان عن حوافز جديدة للسائقين.

وشملت حزمة الحوافز الجديدة رواتب شهرية بنحو 8 آلاف جنيه (450 دولارا) للعمل بنحو سبع ساعات، بالإضافة إلى حافز يصل إلى 50 دولارا أسبوعيا، فضلا عن رفع حافز الترحيب للسائق الجديد إلى نحو 115 دولارا بدلا من حوالي 30 دولارا.

عادل الكاشف: كل طرف يبحث عن مصالحة وتطوير التاكسي الأبيض سيعزز المنافسة
عادل الكاشف: كل طرف يبحث عن مصالحة وتطوير التاكسي الأبيض سيعزز المنافسة

وأكد محمد سند مؤسس مجموعة كابتن التي تمثل مصالح سائقي أوبر وكريم لـ”العرب” أن السائقين “لم يتلقوا أي حوافز حتى الآن، رغم قرار زيادة خدمات أوبر، ومازلنا عند موقفنا بالدخول في إضراب”.

ويتجاوز عدد السائقين المسجلين لدى أوبر وكريم في مصر 250 ألف سائق، فيما قدّمت الشركتان خدمات لنحو 7 ملايين عميل العام الماضي.

ولجأت أوبر، التي تعاني من مشاكل كثيرة في عدد من الدول التي تعمل فيها، إلى رفع نسبة الخصم من قيمة التعريفة إلى 22.5 بالمئة بدلا من 20 بالمئة.

وأرجع المسؤولون في الشركة ذلك إلى توريد نسبة ضريبة القيمة المضافة إلى وزارة المالية، إلا أنّ عددا من السائقين أكدوا في تصريحات متفرقة لـ”العرب” أن الشركة الأميركية ستقوم بخصم قيمة الضريبة من نسبة السائق.

وحصلت “العرب” على تسجيل للحلقة الثانية عشرة من شرح التعريفة المقترحة على راديو أوبر، وأكدت الشركة فيه أنها تتحمل الضريبة الجديدة.

وأمعنت أوبر في زيادة الأسعار، ورفعت تكلفة بداية الرحلة بنحو 3.5 بالمئة وتعريفة الكيلومتر الواحد بنحو 27.5 بالمئة، وسعر انتظار الدقيقة 16.7 بالمئة.

وتعمل شركات النقل التشاركي وفق معادلة تحتسب المسافة بالكيلومتر وكذلك وقت الانتظار وصولا إلى التكلفة النهائية، دون الاعتماد على المسافة فقط.

ولم يتحدث أحد خلال تلك المعركة عن حقوق المستهلكين، حيث تسعى الشركات إلى إرضاء سائقيها وحثهم على مواصلة العمل، بهدف فض الإضراب الإلكتروني على شبكات الواصل الاجتماعي.

وأوضحت داليا محمد موظفة بإحدى الشركات بمنطقة وسط القاهرة، أن الزيادات الجديدة جعلتني أفكر جيدا قبل طلب إحدى وسائل النقل التشاركي.

وأشارت لـ”العرب” إلى أنها من مستخدمي هذه الوسائل في التنقل بشكل مستمر لأنها آمنة، غير أن مطالب الحملة بإلغاء الخصومات التي تمنحها الشركة للزبائن جائرة جدا، حيث تستفيد من هذه الخصومات عندما تتجاوز عدد محدد من الرحلات، ما يجعلها تفضل خدمات النقل التشاركي.

ووافق مجلس النواب في شهر مايو الماضي، على مشروع قانون قدّمته الحكومة لتنظيم خدمات النقل البرّي للركاب باستخدام تكنولوجيا المعلومات، والمعروف إعلاميا في مصر باسم “قانون أوبر وكريم” وحتى الآن لم تصدر لائحته التنفيذية لتوفيق أوضاعها.

ولم يفرض القانون عند تمريره في مجلس النواب ضريبة القيمة المضافة على شركات النقل التشاركي.

وقال نورالدين أحمد، مؤسس حملة “خليها تفلس”، لـ”العرب”، إن “الزيادة التي فرضتها الشركات تعزز صالحها فقط، حيث رفعت نسبة الخصم من الرحلة الواحدة بنحو 2.5 بالمئة، وبالتالي تقلل من أرباح السائقين”.

وتوقّع عدم تأثر الزبائن بالأسعار الجديدة. وقال إن “جودة الخدمة وقيمة الرحلة أيضا لا تزال أفضل من التاكسي الأبيض”، في إشارة إلى سيارات الأجرة العادية.

ويعمل التاكسي الأبيض بالقاهرة لنقل الركاب أيضا، إلا أن معظم سائقيه يفضلون عدم تشغيل عداد الحساب ويلجأون للتفاوض مع الركاب، في تجاوز صريح للقوانين المعمول بها بالبلاد، ما دفع إلى عزوف الناس عنه والاتجاه إلى وسائل النقل التشاركي.

250 ألف سائق يعملون في كريم الإماراتية وأوبر الأميركية نقلوا في العام الماضي 7 ملايين راكب

وأكد عادل الكاشف، رئيس الجمعية المصرية لسلامة المرور، أن حملة “خليها تفلس” مبالغ فيها، لأن الراتب الذي يحصل عليه السائق العامل مع الشركتين والحوافز الأسبوعية مشجعة.

وقال لـ”العرب”، إن “تشجع التاكسي الأبيض وتطويره يحد من هذه الحملات، لأن وسائل النقل التشاركي بدأت تشعر أنها اللاعب الوحيد على الساحة، ما يدفعها إلى الاستمرار في تلك الحملات كل فترة”.

وتقول شركات النقل التشاركي إن سبب رفع الأسعار مواجهة موجات الغلاء التي طالت قطع غيار السيارات وضريبة القيمة المضافة، وبالتالي تبحث عن تعظيم أرباح سائقيها والتي تعتبرهم شركاءها.

ولفت حاتم أميري، المتحدث باسم حملة “كباتن أوبر وكريم”، إلى أن السائق يتحمل 2.5 بالمئة من قيمة ضريبة القيمة المضافة، بينما تتحمل الشركة 11.5 بالمئة.

وذكر لـ”العرب”، أن رفع رسوم خدمات الشركة يصب في صالحها، ولا تمثل أي مكسب للسائق، ويتفق في أن هذه الأسعار تمثّل عبئًا على العميل، ومن شأنها أن تؤدي إلى ركود كبير في قطاع النقل التشاركي.

كما أشار إلى أن الهدف من حملة “خليها تفلس” خفض حصص شركات النقل التشاركي في قيمة الرحلة، وليس زيادتها.

ولا تقف متاعب الشركتين عند ضغوط الركاب والسائقين بل تمتد إلى الضرائب واللوائح التنظيمية، فقد وافقت أوبر أمس سداد ضريبة القيمة المضافة على خدماتها في مصر، في خطوة قد تسهم في حل نزاع استمر طويلا مع سائقي سيارات الأجرة التقليديين، بينما لم تعلن كريم عن تحرك من هذا النوع حتى الآن.

10