تصاعد غضب المستثمرين من تخبط القرارات الاقتصادية المصرية

قال اقتصاديون مصريون إن المستثمرين بدأوا يشعرون بأن التخبط أصبح صفة دائمة للقرارات الاقتصادية بعد اتخاذ العديد منها بصيغة ارتجالية والتراجع عنها في وقت لاحق، وارتباك تنفيذ الكثير من المشاريع التي تم توقيعها مثل العاصمة الإدارية الجديدة.
الاثنين 2015/07/27
مشروع العاصمة الإدارية الجديدة يتخبط في الأروقة الحكومية المتشعبة

القاهرة - تزايدت حالات الاستياء بين الأوساط الاقتصادية المصرية في الآونة الأخيرة، بسبب القرارات الاقتصادية المرتبكة، مثل فرض ضريبة أرباح البورصة ومنع استيراد القطن وتصدير الأرز.

ويقول مراقبون إن تراجع الحكومة عن بعض تلك القرارات يؤكد الارتباك والارتجال في اتخاذ القرارت، إضافة إلى تلكؤ تنفيذ الكثير من الاتفاقات التي تم إبرامها في مؤتمر مصر المستقبل لإنعاش الاقتصاد المصري التي عقدت في مارس الماضي.

قال رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة لـ”العرب” أن جميع الوزارات في مصر تعمل وكأنها في جزر منعزلة، وهو ما يتسبب في العديد من المشكلات بشكل واضح، وبصورة أدت إلى تداعيات سلبية، انعكست تأثيراتها القاتمة على أداء وصورة الحكومة المصرية.

وأضاف أن هذا الأسلوب في الإدارة العرجاء فجر الكثير من الأزمات المتكررة، لكن الحكومة لم تتعلم من أخطائها، لكي تمنع حدوثها مرة أخرى في أي من المجالات الحيوية، التي بدأت تؤثر على سمعتها.

وأعلنت القاهرة خلال مؤتمر مصر الاقتصادي عن مشروع إنشاء عاصمة إدارية جديدة باستثمارات كبيرة، لكن لم يتم حتى الآن توقيع العقد مع شركة إعمار الإماراتية، وبدأت تتردد أسماء شركات مصرية وأجنبية لتنفيذ المشروع.

مصطفى بدرة: سبب تخبط القرارات هو كثرة المسؤولين والجهات المعنية بإصدارها وتنفيذها

وقد بدأ الارتباك واضحا في قرار وزارة الزراعة منع استيراد القطن قصير التيلة من جميع المنشآت العالمية، والذي أدى إلى غضب شديد في أوساط المستثمرين في صناعة الغزل والنسيج، إلى درجة إلغاء القرار في وقت لاحق.

كما أدى قرار منع تصدير الأرز المصري إلى انتقادات واسعة لأنه يتسبب في ضياع نحو 195 مليون دولار سنويا على الخزانة المصرية، إضافة لما يحدثه من خلل في منظومة تجارة الأرز، بسبب زيادة العرض عن الطلب.

وأكد مصطفى بدرة أستاذ الاقتصاد بجامعة 6 أكتوبر لـ”العرب” أن سبب تخبط القرارات الاقتصادية، هو تشعب القوانين وكثرة المسؤولين والجهات المعنية بإصدارها وتنفيذها.

وأوضح أن القرار الاستثماري الذي يتم اتخاذه، يخرج من رحم طرق غير مدروسة، لوجود العديد من غير المتخصصين، ضمن آلية اتخاذ القرارات. وأضاف إن عدم وجود خبراء على درجة عالية من الكفاءة، يهدد القوانين التي تصدرها الحكومة، وهو ما تسبب في تأخر اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الموحد، والذي صدر دون تحديد المهام بدقة للمسؤولين والوزارات.

ولم تنته وزارة الكهرباء من العقد الموحد لعمل الشركات التي تعمل في إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة وتفاصيل رسوم شراء الطاقة منها، والذي يدور الحديث حوله منذ حوالي 6 أشهر.

جمال بيومي: التراجع عن القرارات ليس عيبا والأزمات العالمية تؤكد أهمية الاعتراف بالخطأ

وأوضح أن التخبط في اتخاذ القرارات، يمثل عائقا كبيرا أمام جذب الاستثمارات إلى مصر، وينبغي على الحكومة التنسيق في ما بينها لاتخاذ قرار استثماري سليم.

وأشار بدرة إلى أنه يجب على الحكومة تعيين متحدث رسمي لتوضيح القرارات الاستثمارية فقط، لقطع الطريق على الاجتهادات والتكهنات الشخصية، إضافة لمنع المسؤولين من إتخاذ قرارات استثمارية دون الرجوع لمجلس الوزراء. وأضاف أن التطور الكبير لوسائل الاتصال وسرعة انتشار الأخبار يساهم في تفسير أي قرار بطريقة واضحة.

ويعد مشروع بناء مليون وحدة سكنية، من الشواهد المؤلمة على تخبط القرارات الاقتصادية، وتم الإعلان عن أكثر من موعد لتوقيع العقد النهائي مع شركة أرابتك الإماراتية لتنفيذ المشروع، الذي لم ير النور حتى الآن.

قال محمد جنيدي، نقيب المستثمرين الصناعيين لـ”العرب”، أن التخبط في القرارات يرسم صورة سلبية لدى المستثمرين، وهو ما ظهر بقوة في الفترات الأخيرة، ما جعل بعض المستثمرين يشعرون بعدم الاستقرار في السياسات الاقتصادية في مصر.

وأوضح أن التخبط في القرارات الاستثمارية، يؤثر سلبا على الاستثمار المحلي والأجنبي ومجمل النشاط الاقتصادي وعمليات الإنتاج، ويؤدى إلى ارتباك شديد داخل منظومة الصادرات.

وطالب جنيدي بضرورة تعيين وزير متخصص ضمن المجموعة الاقتصادية التابعة لمجلس الوزراء، ليكون المتحدث الوحيد عن القرارات الاقتصادية للمجلس، ويتولى توضيح الصورة وإزالة أي التباسات تشوب القرارات.

وقال إن جميع القرارات الاقتصادية ينبغي أن تصدر عن ذلك الوزير، ويقوم رئيس المجموعة الاقتصادية بالإشراف على البنك المركزي ووزارات التجارة والصناعة والمالية والاستثمار والتخطيط والزراعة، حتى تكون القرارات موحدة ولا تؤثر سلبا على الاستثمار.

ويعد نظام الشباك الواحد للتعامل مع المستثمرين من أهم القرارات التى أصدرتها وزارة الاستثمار، وأدخلته في قانون الاستثمار الجديد، لكن لم يتم حتى الآن تحديد موعد نهائي للتعامل من خلاله.

وأكد جمال بيومي أمين عام اتحاد المستثمرين العرب لـ”العرب”، أن اتخاذ الحكومات لقرار ثم الرجوع فيه، ليس أمرا سلبيا، بل هو تغليب للمصلحة العامة.

11