تسارع وتيرة معركة تطويع التكنولوجيا في القيادة الذاتية

الثورة الرقمية تفرض تغييرات جذرية في طرق استخدام الخوارزميات في المركبات الذكية.
الأربعاء 2021/08/04
الطريق مليء بالمطبات

تدفع فكرة تطويع البيانات في ابتكار المركبات ذاتية القيادة الكثير من المصنعين الذين انخرطوا في هذا الاتجاه إلى تطوير طرق جديدة باعتماد الخوارزميات لتعلم تقنيات القيادة الآمنة عبر مشاهدة السيارات الأخرى على الطريق والتنبؤ بكيفية استجابتها لبيئتها واستخدام هذه المعلومات لجعل قرارات القيادة مناسبة خلال التنقل.

فولفسبورغ (ألمانيا) – ركزت شركات تصنيع السيارات طيلة الأعوام الأخيرة على الانسجام مع البيئة في ابتكار مركباتها من خلال خطط ضخمة للتحول من محركات الاحتراق الداخلي إلى المركبات التي تعمل بالبطاقة الكهربائية وأشكال الطاقة الأخرى.

ورغم أن المصنعين مثل تسلا يحظون بأسبقية كبيرة، لكن مجموعة فولكسفاغن الألمانية العملاقة لصناعة السيارات، على سبيل المثال، تعهدت باللحاق بالركب وسيكون هذا أمرا بالغ الأهمية لها حتى تكسب معركة تطويع التكنولوجيا في القيادة الذاتية.

ومع ذلك فإن المشهد يتجه إلى أبعد من ذلك بكثير، فعلى الرغم من العثرات وخاصة للمركبات ذاتية القيادة إلا أن هناك إصرارا على ما يبدو من أجل كسب معركة البيانات، والتي ستكون المحدد الأبرز للفوز بهذا السباق الطويل والشاق.

وتتميز المركبات ذاتية القيادة بخصائص واعدة نظرا إلى اعتمادها على أنظمة خوارزمية لا يمكن أن تشعر بالنعاس أو يشتت انتباهها شيء، ولذلك يحرص المطورون في شركات تصنيع السيارات على وضع عصارة أفكارهم في جعلها أكثر أمانا.

ويتم تشغيل السيارات ذاتية القيادة من خلال خوارزميات التعلم الآلي التي تتطلب كميات هائلة من بيانات القيادة من أجل العمل بأمان.

هيربرت ديس: البيانات ستكون أساسية لمستقبل المركبات ذاتية القيادة
هيربرت ديس: البيانات ستكون أساسية لمستقبل المركبات ذاتية القيادة

ولكن إذا استطاعت السيارات ذاتية القيادة تعلم القيادة بنفس الطريقة التي يتعلم بها الأطفال المشي من خلال مشاهدة وتقليد الآخرين من حولهم، فإنها ستتطلب بيانات قيادة أقل تجميعا.

ويعتقد الرئيس التنفيذي لفولكسفاغن هيربرت ديس أن البيانات المهمة لسلامة السيارات ذاتية القيادة وطريقة التعامل معها ستكونان من القضايا المهمة التي سيتعين على التكنولوجيا التعامل معها في المستقبل.

ونسبت وكالة الأنباء الألمانية إلى ديس قوله إنه “لا تزال هناك حاجة إلى كثير من العمل قبل أن تصبح هذه السيارات متاحة على نطاق واسع”.

وتعتزم فولكسفاغن تكثيف العمل في مجال التنقل الكهربائي والرقمنة من أجل الفوز بحصة سوقية في الولايات المتحدة، وهي سوق رئيسية لشركة صناعة السيارات الألمانية.

وفي ألمانيا تخطط الحكومة لاختبار السيارات ذاتية القيادة “في التشغيل المنتظم” عبر مشاريع تبدأ اعتبارا من العام المقبل.
وتتضمن استراتيجية فولكسفاغن تطبيق التكنولوجيا على المدى المتوسط.

وقال ديس “بحلول عام 2030 نتوقع أن نرى عمليات تشغيل الأسطول، وكذلك السيارات الخاصة التي تسير ذاتيا لمسافات طويلة”، إلا أنه لم يستبعد حدوث انتكاسات، مشيرا في المقابل إلى أن ثماني أو تسع سنوات لا تزال متبقية على الموعد المستهدف.

وهناك موارد تنموية كبيرة جدا يتم ضخها في جميع أنحاء العالم لهذا الغرض، فنقطة الالتقاء الرئيسية تعتمد على استخدام الذكاء الاصطناعي لإدراك مواقف القيادة المختلفة، خاصة وأن التكنولوجيا تتقدم بسرعة كبيرة في الوقت الحالي.

إصرار على اللحاق بالركب
إصرار على اللحاق بالركب

ومع ذلك ترى فولكسفاغن أن عقبات السلامة كبيرة أيضا وهناك العديد من الحالات الخاصة التي يمكن أن تحدث لك على الطريق. ومن الصعب تقييم تلك الحالات.

وصار استخدام بيانات السيارة أيضا قضية ذات أهمية متزايدة من حيث تشبيك السائقين وشركات صناعة السيارات ومقدمي الخدمات مما يعني معالجة قيم مختلفة.

وتتطلب المركبات ذاتية القيادة ساعات عديدة من بيانات القيادة لتعلم كيفية القيادة بأمان، ولكن بعض أكبر شركات السيارات في العالم تحافظ على نطاقها الواسع من خلال كميات من البيانات التي تزيد من التنافس.

وتمر كل شركة بنفس العملية المتمثلة في أخذ السيارات ووضع أجهزة استشعار عليها ودفع المال للسائقين لقيادة المركبات وجمع البيانات وتعليم قيادة السيارات.

ويقول ديس إن البيانات تعتبر في الصين منفعة عامة ومتاحة لمصلحة الناس، أما في الولايات المتحدة فيُنظر إلى البيانات في الغالب على أنها سلعة اقتصادية وليست عامة، ولكنها تظل مع الشركات مثل غوغل وأبل، من أجل خدمة نموذج العمل هناك. وفي أوروبا تركيز قوي جدا على سيادة بيانات المستخدم.

ويمكن أن تساعد مشاركة بيانات القيادة الشركات في إنشاء مركبات آمنة ومستقلة بشكل أسرع، مما يسمح للجميع في المجتمع بالاستفادة من التعاون.
وتتطلب أنظمة القيادة الذكية اصطناعيا الكثير من البيانات لتعمل بشكل جيد، ولن تتمكن أي شركة بمفردها من حل هذه المشكلة.

التحدي الأكبر يتمثل في طرق توظيف الكميات الهائلة من المعلومات التي تتيحها الخوارزميات حتى تعمل بأمان

فطيلة السنوات الخمس الماضية ابتكر العديد من الباحثين والمطورين خوارزميات يمكن أن تساعد المركبات ذاتية القيادة على التجول في الشوارع الضيقة والمزدحمة.

كما استطاعوا الجمع بين منظومتي التوجيه في نظام واحد حيث يستفيد من تبادل المعلومات والبيانات مع السيارات الأخرى ذاتية القيادة على الطريق مع استخدام تقنيات التوجيه والرصد الموجودة داخل السيارة نفسها.

وتبدو القيادة مليئة بالسيناريوهات المعقدة بينما يعالجها الباحثون في القيادة الذاتية، إذ يبحثون عن طرق لجعل الخوارزميات والنماذج مطورة لسيناريو واحد، مثل الاندماج في طريق سريع، والعمل لسيناريوهات أخرى مثل تغيير الممرات أو الانعطاف يسارًا ضد حركة المرور عند التقاطع.

ويؤكد خبراء القطاع أن الاختبارات المكثفة تثبت مدى الحاجة إلى ابتكار طرق للتعامل مع كل السيناريوهات الممكنة والمتاحة.

وتعمل خوارزمية التعلم الآلي عن طريق تقدير وجهات النظر والنقاط العمياء للسيارات القريبة الأخرى لإنشاء خارطة رؤية شاملة للبيئة المحيطة.

وتساعد هذه الخرائط السيارات ذاتية القيادة في اكتشاف العوائق، مثل السيارات الأخرى أو المشاة، وفهم كيفية دوران السيارات الأخرى دون الاصطدام بأي شيء.

17