تزكية مرشحين للانتخابات تحوم حولهم شبهات فساد تثير جدلا في المغرب

حقوقيون يحمّلون مسؤولية دعم ترشيح شخصيات مدانة أو متهمة في قضايا فساد وتبذير للمال العام لقيادات الأحزاب السياسية.
الخميس 2021/06/03
ضروري أخلقة الحياة السياسية لوقف تجاهلها من قبل المغاربة

الرباط – دفع تضمّن ملفات الترشح للانتخابات المقبلة في المغرب، التي من المُقرر إجراؤها في الخريف، مرشحين متهمين بالفساد ونهب المال العام إلى تكثيف الدعوات للتصدي لهؤلاء وللمال الفاسد في هذا الاستحقاق.

ودعت الجمعية المغربية لحماية المال العام السلطة القضائية إلى “تحمل مسؤولياتها في محاربة الفساد ونهب المال العام وتسريع الأبحاث والمتابعات القضائية في القضايا المطروحة على المحاكم المالية، وإصدار أحكام قضائية رادعة تتناسب مع خطورة جرائم الفساد ونهب المال العام”.

واعتبرت الجمعية في بيان أن “السماح بالترشح لمن تحوم حولهم شبهة الفساد ونهب المال العامة ومنهم من هو موضوع متابعة قضائية أو موضوع تقارير المجلس الأعلى للحسابات أو تقارير لجان التفتيش، سيساهم في التشكيك في نزاهة وشفافية الانتخابات”.

وأكدت أن “تزكية بعض الأحزاب السياسية للمفسدين وناهبي المال العام في الانتخابات المقبلة تشكل تنصلا من دورها الدستوري في تعزيز مجتمع المواطنة وتتعارض مع برامجها وشعاراتها المعلنة”.

في المقابل ترى جهات سياسية أنه قانونا لا يوجد مانع في ترشح شخصيات تواجه تحقيقات أو تهما بالفساد.

وقالت النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة ابتسام عزاوي إنه من الناحية القانونية في ما يتعلق بمطالب عدم ترشيح الأحزاب السياسية لأشخاص متهمين بقضايا فساد ونهب المال العام، ليس هناك مانع للأهلية.

وأوضحت البرلمانية المغربية في تصريح لـ”العرب”، أن هؤلاء الذين تحوم حولهم شبهات أو المتهمين لا يزالون يتمتعون بكل حقوقهم المدنية والسياسية إلا في حالة محاكمتهم بمقتضى حكم مكتسب بقوة الشيء المقتضى به، بعقوبة حبس نافذ أو عقوبة حبس مع إيقاف التنفيذ آنذاك تسقط موانع عدم الترشيح للانتخابات.

وتعتقد عزاوي أن المشكلة أخلاقية إذ “المطلوب أن جميع الأشخاص الذين تحوم حولهم شبهات رغم أننا نحترم قرينة البراءة ومن الناحية الأخلاقية يجب أن يتنحوا إلى حين إظهار براءتهم كي لا يحرجوا أحزابهم وكي لا يتم التشويش على العملية الانتخابية”.

وفي إطار التعامل مع جرائم فساد مسؤولين ومنتخبين هناك العشرات من المسؤولين ملاحقون بتهم الفساد، ويخضعون حاليا للتحقيق، ومنهم من وصل إلى مرحلة المحاكمة.

ابتسام عزاوي: قانونيا لا مانع من ترشح أشخاص تحوم حولهم شبهات فساد

وفي هذا الصدد قضت محكمة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمدينة فاس الثلاثاء بحبس رئيس بلدية تولال بإقليم مكناس المنتمي لحزب العدالة والتنمية مصطفى حمدان بسنة واحدة، بتهم “التزوير في محرر رسمي واستغلال النفوذ وأخذ منفعة من مشروع يتولى إدارته وتبديد واختلاس أموال عامة”.

كما تم الحكم على حمدان رفقة 5 آخرين في نفس الملف، بينهم الرئيس السابق لبلدية تولال الاستقلالي الذي تم الحكم عليه بستة أشهر حبسا نافذة، وبسنة سجنا نافذة على كل من رجل أعمال ومهندس معماري، فيما تمت تبرئة موظف بالبلدية المذكورة ومسيّر شركة، وتأجيل ملف إلى جلسة لاحقة.

وفي نفس الإطار تم توقيف رئيس المجلس الجماعي لمدينة سيدي بنور، حيث تسلم الأخير الثلاثاء نص القرار من طرف السلطات المحلية بالإقليم على خلفية تقرير سبق وأنجزته لجنة للتفتيش من وزارة الداخلية حلت بالمنطقة مؤخرا، ورصدت مجموعة من الاختلالات في التدبير، ما أفضى إلى المطالبة بعزله من منصبه، بعدما لم تقتنع بمضامين رده على استفساراتها.

وكان المغرب أنشأ نهاية 2015 ورشا لمكافحة الفساد، ولتعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات، وأيضا لدعم الثقة في العملية الانتخابية والسياسية.

وتسعى شخصيات رغم شبهات الفساد التي تحوم حولها إلى إقناع قادة الأحزاب للحصول على تزكيات قصد الترشح للانتخابات ما يضع مصداقيات تلك التنظيمات السياسية على المحك خصوصا مع الشعارات المرفوعة بخصوص أخلقة الحياة العامة ومحاربة الفساد.

وأكدت عزاوي أن “الانتخابات هي فرصة لتجديد التعاقد بين المواطنين والأحزاب السياسية وفق برامج لاختيار من يراه هؤلاء الأصلح والأجدر لتمثيل مصالحهم وتدبير الشأن العام”.

 وأضافت أن “الأحزاب تحتاج دعم الثقة فيها والعمل، وتواجد أشخاص تحوم حولهم شبهات فساد ولو كانت غير مؤكدة يفسد المناخ السياسي العام ولا يساهم في تشجيع المواطنين والمواطنات وخصوصا الشباب للانخراط في العملية السياسية إما عبر الانضمام للأحزاب أو الاشتراك في الانتخابات والتصويت”.

ويحمل حقوقيون مسؤولية دعم ترشيح شخصيات مدانة أو متهمة في قضايا فساد وتبذير للمال العام لقيادات الأحزاب السياسية، مشيرين إلى أن عدة الأحزاب لا تفي بوعودها في أخلقة المجال العام وتنقيته من مثل هذه السلوكات التي تؤثر سلبا على المشهد السياسي.

وطالبت الجمعية المغربية لحماية المال العام بتسريع وتيرة قضايا المال العام المعروضة على محكمة الاستئناف بمراكش (جنوب) ورفع التعتيم عن قضايا أخرى ما زالت قيد البحث ومجهولة المصير، كما أعلنت انخراطها في الوقفات الاحتجاجية ضد ترشيح متابعين في قضايا المال العام وأشخاص تحوم حولهم الشبهات في الاستحقاقات المقبلة.

4