تزامن الحرائق في الجزائر يحيي فرضية "الأيادي الخفية"

الجزائر – أثار مسلسل الحرائق التي التهمت نهاية الأسبوع العديد من المحافظات الجزائرية، استغراب الرأي العام الشعبي والرسمي في البلاد حيث لم يستبعد معه الفعل المتعمد من طرف جهات معينة، كون الحرائق اندلعت في توقيت واحد ليل الجمعة السبت ومست الغطاء النباتي والغابي لنحو 20 محافظة من محافظات الجمهورية الـ48.
وتفاجأ سكان العديد من المناطق الريفية في تيبازة والبليدة ووهران وتيسمسيلت وغيرها باندلاع حرائق خلفت خسائر فادحة في الغطاء النباتي والغابي، كما ألحقت أضرارا مادية وبشرية في بلدة قوراية بمحافظة تيبازة (50 كلم غربي العاصمة)، حيث لقي شخصان مصرعهما بعدما حاصرتهما ألسنة اللهب من جوانب الإسطبل الذي كانا يتواجدان فيه ساعة اندلاع الحريق.
واستغرب الرأي العام الجزائري من سلسلة الحرائق التي طالت العديد من محافظات الجمهورية في توقيت واحد، وامتدت حسب شهود عيان إلى محافظة وجدة المغربية الحدودية، ليعود بذلك سيناريو الشكوك حول وقوف جهة معينة وراء العملية إلى الواجهة.
وكانت الجزائر قد عرفت خلال الأشهر الماضية سلسلة من الأعمال المثيرة، أدرجتها السلطة ضمن ما وصفته بـ”التراكمات المتعمدة”، لما تزامن حينها مسلسل الحرائق مع تذبذب توزيع الماء الصالح للشراب وندرة السيولة في المصارف ومكاتب البريد.
ووجه رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد حينها تهما مبطنة لـ”جهات قد تكون على صلة بـ ‘العصابة’ تريد خلط الأوراق على السلطة الجديدة في البلاد، من خلال تأليب الشارع على المؤسسات الحكومية”، وأعلن آنذاك عن فتح المصالح المختصة لتحقيقات في الملف، لكن لم تظهر لحد الآن نتائج تلك التحقيقات.
وعاد نفس الخطاب لدى رئيس الوزراء، خلال زيارته لمحافظة تيبازة لمعاينة الأضرار التي خلفتها الحرائق، حيث لم يستبعد الرجل فرضية الفعل العمد، وهدد باتخاذ إجراءات صارمة في حق “المتلاعبين بثروات البلاد واستقرار المجتمع”.
وأكد الوزير الأول جراد من أعالي جبال تيبازة أن “فرضية الفعل الإجرامي غير مستبعدة” بعد الحرائق المهولة التي اندلعت في توقيت واحد بعدد من مناطق البلاد.
وقال “لقد قررت الوقوف شخصيا على الوضعية بالولاية تضامنا مع المتضررين، وأعلن عن فتح تحقيق عميق لمعرفة أسباب الحرائق التي أدت أيضا إلى اختناق العديد من المواطنين وإلى خسائر مادية معتبرة”.
وأعرب جراد عن “أسفه لفقدان ضحيتين وإصابة أكثر من 50 باختناقات وجروح، وأن ظاهرة حرائق الغابات ستتغلب عليها الدولة وسيتم تطبيق القوانين بصرامة، لأن الحرائق التي امتدت على طول التراب الوطني من الغرب إلى الشرق وفي نفس التوقيت، تجعل التساؤل عن فرضية الدوافع الإجرامية أمرا منطقيا”.
وتابع “إن الدولة تعمل وفقا للأولويات حيث يتم حاليا كأولوية قصوى العمل على إخماد الحرائق وحماية الممتلكات وحياة الأشخاص ثم إعداد حصيلة خسائر وطنية وفي كل ولاية بدقة”.
ولفت إلى أنه “سيتم تعويض الفلاحين المتضررين سواء في ما يتعلق بالمحاصيل الزراعية أو الثروة الغابية، وأن هؤلاء باتوا مطالبين بالتجند في عمليات توعوية لمجابهة أي عملية تهدف إلى المساس بأملاكهم وبأمن الوطن وزرع الفتنة”.
وكان عبدالعزيز جراد قد غرد في حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي تويتر قائلا “اليد باليد نسترجع الغابات…لا تسامح مع أعداء الحياة.. الغابات رأس مال اقتصادي وبيئي للجزائريين كافة لن نرضى بالتفريط فيه”.
وأضاف “في حال ما أثبتت التحقيقات أنه أمر مدبر ومقصود فلن نتسامح مع أعداء الحياة والمتربصين بالوطن، وإننا سنواجه الحرائق الطبيعية بالتشجير وكل شجرة ضاعت سنعوضها”.
وكشف المدير العام للمديرية العامة للغابات علي محمودي عن إتلاف الحرائق الأخيرة لـ1216 هكتارا عبر 9 ولايات، جراء 50 حريقا على مدار يومين.
وجاءت ولاية تيبازة على رأس الولايات المتضررة بـ500 هكتار، وولاية الشلف بـ60 هكتارا وفي وهران تم تسجيل 400 هكتار من بينها 100 هكتار غابات و200 هكتار أدغال و100 هكتار أحراش، كما تم تسجيل إتلاف 80 هكتارا بسيدي بلعباس و130 هكتارا بولاية تلمسان.