تراجع المشيشي عن التعديل الوزاري لا يُنهي الأزمة السياسية في تونس

رئيس الحكومة التونسية يتجه نحو تشكيل حكومة مصغرة من 16 وزيرا.
الاثنين 2021/02/15
الترقب سيد الموقف

تونس - بعد طرقه العديد من الأبواب بغية حل أزمة التعديل الوزاري المثير للجدل، من المرتقب أن يتجه رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي نحو الإعلان عن تشكيل حكومة مصغرة من 16 وزيرا، في خطوة لن تُنهي الأزمة السياسية المتصاعدة في تونس.

وتداولت أوساط سياسية في تونس الأحد أن رئيس الحكومة يتجه إلى هذا الخيار، بعد أن بلغت الأزمة بينه وبين الرئيس سعيد الذي يرفض أداء بعض الوزراء لليمين الدستورية أمامه، ذروتها حيث من المرتقب أن يُلحق المشيشي الوزراء الذين شملهم التعديل الوزاري بديوانه كمستشارين له مقابل ضم الحكومة لـ16 وزيرا.

وبالرغم من حالة شبه الإجماع لدى خبراء القانون الدستوري حول دستورية الخطوة التي ينوي المشيشي القيام بها، إلا أن التحذيرات مستمرة حول ما سيتلوها من تطورات حيث تتوقع أوساط سياسية أن الأزمة لن تنتهي بل ستتعمق وقد تتسرب إلى العلاقة بين المشيشي وحزامه السياسي والبرلماني، علاوة على التشكيك في قدرة الحكومة المصغرة على قيادة البلاد التي ترزح أصلا تحت وطأة أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة.

وقال الوزير السابق والأمين العام لحزب التيار الديمقراطي إن “تراجع المشيشي لا يعد حلا لأن الخلاف بينه وبين الرئيس سعيد خلاف سياسي، وهناك تساؤلات تطرح حول هذا الخيار (حكومة مصغرة) أبرزها هل الحكومة المصغرة قادرة على قيادة البلاد في ظل هذه الأزمة الاقتصادية والسياسية والأمنية؟ لا أعتقد أن هذا حل”.

وأضاف الشواشي في تصريح لـ”العرب” أنه “لا يمكن لحكومة مصغرة يتقلد فيها أي وزير حقيبتين وزاريتين أن تواجه الأزمة متعددة الأبعاد التي تعيشها البلاد. رئيس الحكومة قرر الهروب إلى الأمام من خلال هذه الخطوات، هناك تعنت من قبل المشيشي، كان عليه أن يلتقي بالرئيس سعيد ويبحثا عن حلول توافقية تفضي إلى تعاون أفضل باعتبار العلاقات التي تجمعهما”.

غازي الشواشي: الحكومة المصغرة ليست حلا فخلاف سعيد والمشيشي سياسي
غازي الشواشي: الحكومة المصغرة ليست حلا فخلاف سعيد والمشيشي سياسي

وكان رئيس الحكومة قد صرح الجمعة أنه قد يلجأ إلى خيار حكومة مصغرة موضحا أن “باب الحوار ما يزال مفتوحا للوصول إلى حلول لأزمة التعديل الوزاري وأداء اليمين الدستورية”.

وأعرب عن أمله في أن يتفاعل سعيد “في أسرع وقت ممكن” مع طلب الحكومة لمده بأسماء الوزراء المقترحين محل تحفظ من قبله.

وكان المشيشي قد لجأ الجمعة إلى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين للبت في أزمة التعديل الوزاري، في خطوة لاقت انتقادات حتى من قبل الأحزاب الداعمة للحكومة حيث لا تختص هذه الهيئة في النظر في مثل هذه الخلافات.

وفي تعليق له الأحد على تطورات الأزمة الحالية اعتبر رئيس كتلة تحيا تونس بالبرلمان، وهي من الكتل الداعمة للمشيشي، مصطفى بن أحمد أنه “لا توجد أي هيئة أو مؤسسة قضائية أو دستورية يمكن لها الفصل في النزاع أو حتى إصدار رأي استشاري قاطع حول الأزمة القائمة بين رأسي السلطة التنفيذية”.

وتابع بن أحمد في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أنه “لا يوجد سوى مخرج ضيق يتمثل في التحرك بوساطة تطرح على رئيس الحكومة سحب وزرائه المتعلقة بهم احترازات وعلى رئيس الدولة إثر ذلك إتمام مراسم وإجراءات تعيين بقية الوزراء الذين لا يتعلق بهم أي احتراز وترحيل هذا الجدل الدستوري والقانوني والسياسي إلى حوار وطني منظم ومؤطر”.

ويرى مراقبون أن خطوة المشيشي المرتقبة قد تعمق الأزمة السياسية، خاصة أن حزامه يدفع نحو الإعلان عن حركة للولاة (المحافظين) في الأيام القادمة، وهو ما يستوجب بالضرورة أداء هؤلاء اليمين الدستورية أمام سعيد.

وقالت مصادر مقربة من الحزام الداعم للمشيشي لـ”العرب” إن “الأحزاب الداعمة للحكومة تخشى أن يُقرأ تشكيله حكومة مصغرة على أنه تراجع في المواجهة مع الرئيس وهو ما قد يشجع الأخير على عدم السماح للولاة كذلك بأداء اليمين الدستورية أمامه”.

في المقابل، يثير أيضا احتمال تراجع المشيشي عن التعديل الوزاري مخاوف من أن تشق الخلافات طريقه و”وسادته” البرلمانية والسياسية ما قد يُفضي في نهاية المطاف إلى محاولة سحب الثقة منه والإطاحة به.

وحذر مصطفى بن أحمد الأحد من لجوء بعض الأحزاب السياسية إلى “سحب البساط” من تحت قدمي الرئيس سعيد من خلال سحب الثقة من الحكومة لإعادة المبادرة لها وهو، على حد تعبيره، “حل سيعمق الشرخ بين الرئاسة والبرلمان وجزء واسع من الرأي العام”.

وتبقى الأزمة السياسية في تونس تُراوح مكانها وسط إنذارات من نقلها إلى الشارع إثر دعوة حركة النهضة الإسلامية الداعمة للمشيشي إلى ذلك بذريعة الدفاع عن “الشرعية”.

وكان سعيد قد رفض أداء بعض الوزراء “الذين تحوم حولهم شبهات فساد أو تضارب مصالح” اليمين الدستورية أمامه، ما وضع المشيشي في مأزق حقيقي بعد أن أقدم على تعديل وزاري شمل 11 حقيبة وزارية من بينها الداخلية والعدل، وهو ما جعل الدعوات إلى الحوار الوطني لفض الخلافات العالقة حاليا تتعاظم.

ولكن غازي الشواشي خلُص إلى أن “ظروف الحوار في الظرف الراهن غير متوفرة بكل أسف، يجب إنهاء الأزمة الحالية ثم الذهاب في حوار اقتصادي واجتماعي لتكون للحكومة رؤية واضحة لحزمة الإصلاحات التي ينبغي القيام بها، بقاء هذه الأزمة يهدد بالمزيد من الاحتقان الاجتماعي وإفلاس الدولة”.

4