تحريك المشاريع التنموية المتوقفة أولوية الحكومة التونسية

المشاريع المعطلة لابد أن تكون مبوبة في الميزانية، لكن تغاضت الحكومات السابقة على تنفيذها، وهي تهدف أيضا لتحسين مستوى العلاقات الدبلوماسية والخارجية.
الاثنين 2024/09/23
التونسيون ينتظرون إنجازات

تونس- بات إحياء المشاريع التنموية المتوقفة وأخرى لا تزال في الرفوف البيروقراطية من أوكد أولويات الحكومة التونسية في الفترة المقبلة، خصوصا في ظلّ مراهنة السلطة في توجهاتها على تحسين المنوال التنموي والاجتماعي للتونسيين.

وبدا واضحا في الفترة الأخيرة من خلال عدة خطوات اتخذتها السلطة في علاقة بتغيير التشكيل الحكومي واختيار رئيس حكومة بتوجهات ذات أبعاد اجتماعية، أن السلطة ستنكب أكثر من أي وقت مضى على تحسين حصيلة الإنجازات وتحريك المياه الراكدة التي تعطل إنجاز المشاريع التنموية الكبرى.

ويقول مراقبون إن تحريك تلك المشاريع، يدخل ضمن إستراتيجية السلطة لبدء مرحلة جديدة من أهم محاورها إصلاح المنوال التنموي والارتقاء بجودة الخدمات الاجتماعية على غرار الصحة والتعليم والنقل وغيرهم.

 وتعطلت عدة مشاريع عمومية في تونس بسبب غياب القوانين والتشريعات المنظّمة لها، فضلا عن وجود إشكاليات لوجستية وبيروقراطية وسوء حوكمة وتصرف من قبل عدد من المسؤولين، وهو ما جعل الرئيس قيس سعيد يكرر في عدة مناسبات على ضرورة تطوير الجانب التشريعي المتعلق بتلك المشاريع.

باسل الترجمان: هناك أطراف تقف ضد استكمال تلك المشاريع وإنجازها
باسل الترجمان: هناك أطراف تقف ضد استكمال تلك المشاريع وإنجازها

 وأشرف رئيس الحكومة، كمال المدوري مساء السبت بقصر الحكومة بالقصبة، على مجلس وزاري مضيّق خصص للنظر في مشروع أمر يتعلق بضبط إجراءات خاصة بإنجاز المشاريع العمومية الكبرى ذات الطابع الإستراتيجي.

وأكد بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة، أنه تم التطرق خلال الاجتماع إلى أهم أحكام مشروع الأمر المعروض والمتعلق باعتماد إجراءات وصيغ خصوصية لإنجاز المشاريع الكبرى ذات الطابع الإستراتيجي في قطاعات تمثل أولويات تنموية محلية وخاصة إجراءات القيادة والمتابعة والإنجاز وصيغ إبرام العقود بشأنها إلى جانب التدابير الكفيلة بتسريع نسق إنجاز المشاريع المعطلة.

وأشار المدّوري إلى أن مشروع الأمر المعروض يتنزل ضمن حزمة إصلاحات تقدمت الحكومة في إنجازها، خاصة تلك المتعلقة بتعزيز مناخ الأعمال عبر استكمال تبسيط الإجراءات وتحديد أجال إسداء الخدمات في إطار قانوني محدد ورقمنة تلك الإجراءات واعتماد مرافقة الشركات عبر الطرق الإلكترونية ومراجعة منظومة الصفقات العمومية بما يستجيب لمتطلبات النجاعة والجدوى واحترام مبادئ المنافسة والشفافية وتكافؤ الفرص.

كما أبرز في نفس السياق أنه يتم العمل على استكمال سن عدد من تدابير المرافقة وجملة من الاجراءات لمساعدة المتعاملين مع الهياكل العمومية في إطار إنجاز المشاريع، موصيا المجلس، في ختام أشغاله، بأهمية المضي قدما في تجسيم هذه الإجراءات في أقرب الآجال.

وذكر رئيس الحكومة في بداية الاجتماع، أن هذا المجلس ينعقد تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، قيس سعيد القاضية بمراجعة جميع النصوص القانونية والإجراءات التي تحول دون إنجاز المشاريع العمومية والخاصة، مشددا على أن الصفقات العمومية هي قاطرة ورافعة إستراتيجية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعلى أن حفز الاستثمار العمومي، خاصة عبر سرعة إنجاز المشاريع العمومية الى جانب توفير كل التسهيلات للاستثمار الخاص، هي من شروط تحقيق الإقلاع الاقتصادي.

وأشار إلى أنه يتعين العمل على تجاوز كل المعوقات والصعوبات المتعلقة بالإطار الترتيبي للصفقات العمومية على نحو يضمن تحقيق متطلبات النجاعة والجدوى وإحداث أثر قوي في النسيج الاقتصادي والرفع من القدرات التنافسية للشركات التونسية وتعزيز جاذبية الوجهة الاستثمارية التونسية.

وحال غياب البرمجة الواضحة والاستراتيجيات اللازمة من الحكومات، دون استكمال إنجاز تلك المشاريع الكبرى، فضلا عن محدودية المبادرة في ظل وجود صعوبات إدارية، وشحّ التمويل.

وأفاد الكاتب والمحلل السياسي باسل الترجمان أن “كمال المدّوري وحكومته بدآ بكسر الجمود الذي كان غير مبرر في فترة حكم رئيسي الحكومة السابقين نجلاء بودن وأحمد الحشاني”.

وأكد في تصريح لـ”العرب”، أن “من أهم تلك المشاريع هي مستشفى الملك سلمان بمدينة القيروان (وسط)، وتوسعة مطار تونس قرطاج الدولي واستكمال بناء الطريق السيارة بن عروس – زغوان وجلمة – سيدي بوزيد”.

وأضاف الترجمان أن “هناك أطرافا تقف ضد استكمال تلك المشاريع وإنجازها، لكن يبدو أن هناك جهدا حقيقيا من رئيس الحكومة الحالي، والحكومة اليوم لها دور تنموي واجتماعي واقتصادي”.

تحتاج تونس إلى قرابة 108 اختصاصات في البناء والأشغال العامة، بمعدل طلبات مقدرة بنحو 40 ألف فرصة عمل كي يتسنى تنفيذ الالتزامات العالقة

وتعتبر الإشكاليات الإجرائية أهم عائق لتقدم إنجاز المشاريع، وتعود إلى ضعف التنسيق بين الأطراف المتداخلة في إنجاز المشروع سواء على المستوى الجهوي أو المركزي أو إلى بطء في اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل المصالح الإدارية المعنية أو نقص في المتابعة من قبل الإدارة والتنسيق بين المتدخلين العموميين أو فسخ صفقات وإعادة طلبات عروضها والمهلة الزمنية التي تفرضها الصفقات العمومية بين فسخ العقد وإعادة طلب العرض، فضلا عن الإشكاليات العقارية التي تمثل عائقا معقدا وتتطلب وقتا لحلها لارتباطها بتوفر الأراضي لإنجاز المشاريع أو إجراءات التفويت والتخصيص وتغيير الصبغة.

وقال الخبير المالي والمصرفي محمد صالح الجنادي أن “المشاريع المعطلة لابد أن تكون مبوبة في الميزانية، لكن تغاضت الحكومات السابقة على تنفيذها، وهي تهدف أيضا لتحسين مستوى العلاقات الدبلوماسية والخارجية”.

وأكد لـ”العرب”، أن “المشاريع الكبرى المعطلة هي المشاريع التي تهتم بالبنية التحتية من مساكن اجتماعية ومدارس ومستشفيات وموانئ، وهي أيضا مشاريع اقتصادية واجتماعية، فضلا عن المشاريع الاستثمارية مثل المطارات والمصانع الكبرى”.

وشدّد على “ضرورة التخلص من الاقتصاد الكلاسيكي والانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، وهذا يتطلب جهدا كبيرا”. وتحتاج تونس إلى قرابة 108 اختصاصات في البناء والأشغال العامة، بمعدل طلبات مقدرة بنحو 40 ألف فرصة عمل كي يتسنى تنفيذ الالتزامات العالقة.

وسبق أن أكد رئيس الجامعة الوطنية لمؤسسات البناء والأشغال العامة جمال الكسيبي بأن قيمة المشاريع المعطلة في تونس منذ سنة 2016 بلغت 17 مليار دينار جلها في قطاع المياه بطاقة تشغيلية قدرت بـ50 ألف موطن شغل كل سنة.                                                                                                           

4