تحركات المركزي الأميركي تغري بالاستثمار في الديون عالية المخاطر

تؤكد المؤشرات أن تحرّكات مجلس الاحتياط الاتحادي الأميركي بشأن خفض أسعار الفائدة أعطت ثمارها بشكل سريع في أسواق المال، على الأقلّ بالنسبة للشركات ذات المديونية المرتفعة، في تحوّل هو الأول من نوعه منذ أربع سنوات.
نيويورك – أظهر مؤشران من مؤشرات بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس ولأول مرة منذ 2016، تفوّق أداء أسهم الشركات الضعيفة ماليا وذات المديونية العالية، على الأسهم الأفضل من الناحية المالية وأداء السوق بشكل عام.
وتشير هذه البيانات إلى أنّ قرارات المجلس لخفض الفائدة، بدأت تعزز ثقة المستثمرين في الشركات ذات المديونية الكبيرة، والتي تمثّل الشريحة الأشدّ عرضة لأيّ مخاطر تهدّد الاقتصاد الأميركي، بالنسبة للشركات.
وهذا التفوّق بالنسبة لأسهم الشركات المدينة، واضح إلى درجة أنه كان العامل الأبرز، بين العوامل التي تؤثّر على قرارات شركات الاستثمار المالي، من بين 10 عوامل رصدتها وكالة بلومبرغ.
ويعدّ هذا طفرة كبيرة بالنسبة للمتعاملين في أسواق المال، الذين كانوا قد دفعوا مؤخرا القيم النسبية للشركات القوية ماليا إلى أعلى مستوياتها منذ 16 عاما.
ويأتي التحوّل في موقف السوق، بينما يسعى المجلس إلى تعزيز النموّ عبر خفض تكلفة الاقتراض والتفاعل مع المؤشرات التي تدلّ على تباطؤ وتيرة نموّ الاقتصاد الأميركي.
وفي حين وصل العائد على سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل إلى أقلّ مستوياتها على الإطلاق الشهر الماضي، فإنّ المستثمرين قد يراهنون على انخفاض تكلفة إعادة تمويل ديون الشركات ذات المديونية العالية في زيادة أرباحها مستقبلا.
وتقول سيلفيا جابلونسكي رئيسة إدارة أسواق المال في شركة دايركسيون، التي تدير استثمارات بقيمة 13 مليار دولار، إن “الأموال أصبحت متاحة للاقتراض بتكلفة أقلّ، واقتربت من أن تكون دون تكلفة في بعض الحالات”.
وأضافت “طالما تتجه هذه الأموال إلى استثمارات الشركة، ومساعدة الشركات في النموّ وزيادة رأسمالها بطريقة إيجابية، عندئذ أعتقد أنه سيكون أمر إيجابي بالنسبة لهذه الشركات”.
ويمثّل أداء سهم شركتيْ إديسون إنترناشيونال وكارماكس المسجلين على مؤشر أس.أند.بي 500 واللتين تعانيان من أعلى معدل مديونية، بحسب بيانات بلومبرغ، نموذجا لما يحدث في السوق.
وخلال هذا العام، ارتفع سهما الشركتين بأكثر من 30 بالمئة بينما ارتفع مؤشر أس.أند.بي 500 بنحو 18 بالمئة.
ولا يعني هذا أنه لا يوجد ما يثير القلق بشأن ارتفاع معدلات مديونية بعض الشركات والتداعيات المحتملة لهذا إذا ما استمر تدهور أداء الاقتصاد.
وفي الحقيقة أنه في حين أن قرارات مجلس الاحتياط بخفض الفائدة، ستفيد الشركات المدينة، على المدى القصير، فإنّ مخاطرها يمكن أن تصل في ما بعد إلى الشركات التي تتوسّع في الاقتراض بإغراء من انخفاض التكلفة.
وفي الوقت نفسه، أظهرت بيانات بنك جي.بي مورجان ارتفاع معدلات ديون الشركات خلال الشهر الحالي باعتباره مؤشر خطر، وقال إن الأمور تتجه نحو الأسوأ.
ولكن في البورصة، تميل شركات الاستثمار المالي إلى الاستثمار في الأسهم الأعلى مخاطرة والأعلى ربحية.
وعلى مدى الأشهر الأربعة الماضية تفوّقت سلة الشركات ذات الموقف المالي الضعيف على مؤشرات غولدمان ساكس على سلة الشركات الأقوى من الناحية المالية، حيث ارتفع مؤشر الشركات الأضعف ماليا منذ بداية العام الحالي بنسبة 20 بالمئة تقريبا، لتسجل أفضل أداء لها منذ أربع سنوات.
ويتساءل كثيرون هل هناك سبب للاعتقاد بأنّ القادم أفضل بالنسبة للشركات المدينة مع انخفاض تكاليف الاقتراض إلى مستويات قياسية، وعائد قرار مجلس الاحتياط الاتحادي بخفض الفائدة خلال الشهر الماضي، وذلك للمرة الثانية خلال شهرين، حيث تراجعت أسعار الفائدة الرئيسية إلى ما يتراوح بين 1.75 بالمئة واثنين بالمئة.
وبالفعل بدأت الشركات خلال الشهر الحالي تتحرك للاستفادة من انخفاض تكاليف الاقتراض لإعادة تمويل ديونها من خلال طرح سندات بفوائد أقلّ وإعادة شراء المزيد من سنداتها القديمة ذات الفائدة الأعلى.
ويتخذ المستثمرين في سوق السندات قرارات الشراء بشكل انتقائي حتى الآن وقد اضطرت بعض الشركات عالية المخاطر، إما إلى عرض أسعار فائدة أعلى لسنداتها، وإما تقديم بعض المزايا لتعزيز الطلب على السندات.
وكانت قيم الشركات ذات الموقف المالي القويّ، مقابل قيم نظيراتها ذات الموقف المالي الأضعف، قد وصلت في وقت سابق من العام إلى أعلى مستوياتها منذ 1980.