تحذيرات من تمش لإسكات نواب المعارضة داخل البرلمان التونسي

تونس - قرر مكتب مجلس رئيس البرلمان التونسي الثلاثاء منع البرلمانية عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر من الحضور في الجلسات العامة لمدة ثلاث جلسات متالية، على خلفية رفعها لافتة كتب عليها "المرأة تهان في برلمان الإخوان"، في خطوة اعتبرها سياسيون ومحللون محاولة لإسكات أصوات المعارضة.
وقال مساعد رئيس البرلمان المكلف بالإعلام والاتصال ماهر مذيوب في مؤتمر صحافي الثلاثاء إن مكتب المجلس فوض للرئيس اتخاذ جميع الإجراءات لضمان حسن سير عمل البرلمان، مشيرا إلى اتخاذ قرار بمنع دخول أي آلة من الآلات إلى قاعة الجلسات على غرار الميكرفون.
وبيّن مذيوب أن تعطيل جلسة عامة يكلف خسارة بـ121 ألف دينار من ميزانية الدولة ومن أموال دافعي الضرائب.
وأشار إلى أنه تم استدعاء النائب عبير موسي وفق الفصل 131 من النظام الداخلي للاستماع إليها أو من ينوبها، ووجه لها استدعاء كتابي إلا أنها مزقت الدعوة.
واحتج نواب كتلة الحزب الدستوري الحر ضد قرار مكتب المجلس رافعين شعارات منددة، وأكدوا أن القرار تعسفيا ويرسخ سياسة المكيالين.
واعتبر المحامي والمحلل السياسي عبدالرحمن الجبنوني أن القرار "سياسي بامتياز يندرج في إطار تضييق الخناق على رئيسة الحزب الدستوري الحر".
وأضاف الجبنوني في تصريح لـ"العرب" أن القرار مخالف للقانون الداخلي للمجلس الذي لا يسمح بمثل هذه العقوبة، موضحا أن مكتب المجلس ليس مخولا له تسليط عقوبات على النواب وهو ما دعا كتلة النهضة إلى طلب تنقيحه.
ولم يستبعد الجبنوني أن يزيد القرار "في تعفين أجواء العمل البرلماني المعفن أصلا.. ويؤكد مرة أخرى سوء إدارة الغنوشي للمجلس وأن المطالبة بسحب الثقة منه هي مطالبة مشروعة ولها ما يبررها".
واعتبر النائب المستقل بالبرلمان حاتم المليكي أنّ قرار مكتب مجلس نواب الشعب المتعلق بإقصاء أيّ نائب من حضور الجلسة إذا ساهم في تعطيل أشغالها هو قرار غير ديمقراطي.
وأشار المليكي إلى أن القرار ''يستثني رئيس الجلسة ''، معتبرا أنّه لا يمكن لأي أحد تطبيق قرار الإقصاء على راشد الغنوشي، موضحا أنّ ذلك يرمز إلى أنّ هناك شخصا فوق القانون.
وبيّن المليكي أنّ القرار غير دستوري لأنّه يمنع حق النائب في الاحتجاج على ''الممارسات والقرارات والتصريحات''، وهو ''يؤسس لدكتاتور ودكتاتورية''.
وتابع المليكي أنّ من يريد أن يكرّس مبدأ الديمقراطية، يجب عليه أن ينطلق من ذاته وأن يفكّر في طريقة تسيّير ذات طابع حيادي ونزيه وشفاف.
وشهدت جلسة البرلمان الثلاثاء جولة جديدة من التوتر بين كتلة الدستوري الحر من جهة، ونواب حركة النهضة التي يتزعمها راشد الغنوشي، رئيس البرلمان، من جهة ثانية، إثر رفع نواب الدستوري الحر شعارات مناهضة للإخوان والغنوشي.
وازداد منسوب التشنج بعد إعلان رئيسة الجلسة سميرة الشواشي منع رئيسة كتلة الدستوري الحر من الكلمة على خلفية ما اعتبرته تعطيل عبير موسي للجلسة العامة.
وقررت موسي بعد ذلك الاستعانة بمضخم الصوت للاحتجاج على قرار الشواشي، لكن تطورت الأمور من خلال منعها من قبل أعوان البرلمان من الدخول إلى قاعة الجلسة، وصرّحت موسي بتعرّضها للاعتداء من قبل أحد نواب النهضة خلال محاولتها الخروج من قاعة الجلسة.
وتم رفع الجلسة العامة بعد تعطلها ليدخل مكتب البرلمان في اجتماع، للنظر في إمكانية اتخاذ تدابير لضمان استمرار سير عمل الجلسة العامة.
وأكدت موسي في فيديو نشرته على حسابها على فيسبوك تعرضها للاعتداء والعنف من قبل نائب كتلة النهضة موسى بن أحمد أمام قاعة الجلسات العامة في البرلمان.
واتهمت الائتلاف البرلماني بقيادة حركة النهضة بتشكيل "توافق إجرامي لاستهدافها وإخراس صوت كتلتها، صوت المعارضة الحقيقية"، بحسب تعبيرها.
وانتقدت رئيسة الحزب المتصدرة لاستطلاعات الرأي في تونس، صمت النواب على ما أسمته "مظلمة" يتعرض لها الدستوري الحر لكشفه ملابسات تورط الغنوشي في أجندات معادية للأمن القومي التونسي.
وفي جولة جديدة من الفوضى تسبب فيها اقتحام كاتب عام نقابة موظفي مجلس النواب أحمد المسعودي لقاعة الجلسة العامة للاحتجاج على رئيسة الحزب الدّستوري الحر وإقحامها للموظفين في المشاحنات السياسية، عادت المشاحنات والتشنجات داخل قبة البرلمان بين النائب المستقل منجي الرحوي وممثل النقابة.
واعتبر الرحوي أنه ليس من حق إداري بالمجلس الدخول إلى قاعة الجلسة والتطاول على النواب ومنعهم من الدخول.
وعلى إثر ذلك، قرّر الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية الأكبر في البلاد) إيقاف كاتب عام نقابة موظفي مجلس النواب عن النشاط النقابي، في انتظار إحالته على الهيئة الوطنية للنظام الداخلي بالمنظمة الشغيلة.
ويرى مراقبون أن الغنوشي بقراره منع موسي من حضور الجلسات بحجة تعطيل المجلس، فهو يؤكد ترسيخه سياسة المكيالين لا سيما في ظل صمته طيلة الفترات السابقة أمام التجاوزات التي يرتبكها نواب حركة النهضة وحليفها ائتلاف الكرامة والتي وصلت بهم إلى حد التكفير وتعنيف النواب.
ويعيش البرلمان التونسي منذ الانتخابات التشريعية في 2019 على وقع صراع مفتوح بين الدستوري الحر وحركة النهضة الإسلامية تحت قبة المجلس التشريعي بالبلاد.