تحت الشمس أكثر مما ينبغي

لدينا مشهد يتكرر بطريقة مثيرة للتساؤل كلما أشرقت الشمس على لندن، تمثله نسبة كبيرة من القوم بهيئة نصف عراة يستلقون في الحدائق العامة للتشبع بأشعة الشمس. يمكن أن نعزو ذلك إلى الصيف القصير في بلاد شكسبير، فهو في أفضل طقس صيفي تشهده البلاد لا يستمر أكثر من أسبوعين.
أنا القادم من بلاد الشمس اللاهبة وأعيش منذ أكثر من عقدين تحت سماء بريطانيا، ليس بمقدوري تحمل هذا الاستعراض الجسدي المفرط في المبالغة، في حقيقة الأمر أنا مثل غيري أتمتع بمشاهدة المشهد وهذا أفضل ما فيه.
بيد أن لفرط الثقافة السائدة عن فوائد أشعة الشمس، تبدو وكأنها نوع من الوهم الطبي، فواحدة من أحدث الدراسات الطبية الرصينة توصلت إلى أن الجلوس نصف ساعة تحت أشعة الشمس البنفسجية هو أقرب طريق للوصول إلى الشيخوخة المبكرة، ذلك غير كونها السبب الرئيسي لسرطان الجلد، مفندة بشكل علمي الكلام المتداول عن علاقة التعرض لأشعة الشمس بإطالة عمر الإنسان. بينما يبقى الكلام الطبي عن تزويد الجسم بفيتامين دي من التعرض لأشعة الشمس خيارا ثانويا عندما يكون البديل أكثر صحة عبر النظام الغذائي.
تتهكم الطبيبة الأميركية جويس أورندورف على مزاعم أشخاص يتذرعون بالجلوس تحت أشعة الشمس للحصول على المزيد من فيتامين دي بالقول “إن خطر بقاء الإنسان نصف حياته في كهف لا يعادل التعرض لأشعة الشمس لبضعة أيام”.
أهمية الدراسة الجديدة التي أشرفت عليها جمعية السرطان الأميركية تكمن في توصلها إلى أن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن خمسين عاما هم أكثر عرضة للإصابة سبع مرات بسرطان الجلد من الذين تزيد أعمارهم عن خمسين عاما.
هناك ما يسمى عدم “احترام صحي” للحماية من أشعة الشمس وفق تعبير الدراسة التي توصلت إلى أن 80 في المئة من الذين شاركوا فيها من المصابين بسرطان الجلد تعرضوا للأشعة البنفسجية عندما كانت أعمارهم أقل من 18 عاما.
ذلك يكشف لنا حقيقة الأمر بأن التعرض لأشعة الشمس هو أسهل طرق المرض للوصول إلى جسم الإنسان وظهور التجاعيد والندوب المبكرة، بينما مهرجان التعري مستمر على الشواطئ الساخنة. مع أنه لا توجد مناعة لأي جسم ضد سرطان الجلد عند التعرض المستمر لأشعة الشمس.
ووفقًا للأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية يصاب واحد من كل خمسة أشخاص بسرطان الجلد في حياته. ومن البساطة بمكان أن نصدق هذا الكلام إذا عرفنا مثلا أن هناك سبعة آلاف أميركي يموتون سنويا بسبب سرطان الجلد. غير أن بعض الناس لا يبالون ويستمرون في الاحتفاء المفرط بالشمس.