تحالف الميثاق الجمهوري: المعارضة التونسية تذكر بوجودها قبل الانتخابات الرئاسية

المعارضة تتجه نحو ترميم ما تبقى في بنيانها المتداعي بمحاولة إثبات الذات لإعادة التمركز في المشهد وتدارك الإخفاقات السياسية الماضية.
الاثنين 2024/06/24
توجهات قيس سعيد تربك معارضيه

تونس- أطلقت أحزاب معارضة وشخصيات وطنية وجمعيات في تونس، تحالفا سياسيا جديدا سمي بـ”جبهة الميثاق الجمهوري”، في مسعى للتذكير بأن المعارضة قائمة وتريد تأكيد وجودها في المشهد.

ويأتي الإعلان عن التحالف الجديد، في ظلّ مخاض سياسي واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها بين شهري سبتمبر وأكتوبر القادمين.

لكن متابعين للشأن التونسي، يقولون ما هي إلا محاولات يائسة لإعادة التمركز في المشهد وتدارك الإخفاقات السياسية الماضية.

نبيل الرابحي: الكل اليوم يسيل  لعابه من أجل الانتخابات الرئاسية
نبيل الرابحي: الكل اليوم يسيل  لعابه من أجل الانتخابات الرئاسية

ويضم التحالف أطراف المعارضة لمسار 25 يوليو وحملت توقيع أكثر من 100 شخصية في المجالات الحقوقية والأكاديمية إضافة إلى 4 أحزاب هي الحزب الاجتماعي التّحرّري وحزب المسار الدّيمقراطي والحزب الاشتراكي والاجتماعي وحزب آفاق تونس وائتلاف صمود و3 جمعيات.

ويقول الموقعون على الميثاق، إن هذه المبادرة ليست لها أية علاقة بالاستحقاق الانتخابي بالرغم من أنها معنية بالانتخابات الرئاسية القادمة، بل تسعى إلى تحسين المناخ الانتخابي وتوضيح عدد من النقاط الضبابية من تاريخ الانتخابات إلى الروزنامة الانتخابية وشروط الترشح والمطالبة بتنقية المناخ الانتخابي والعدول عن عدد من المراسيم.

وأكد المنسق العام لائتلاف صمود حسام الحامي، إن “عددا من الأحزاب والجمعيات والشخصيات الناشطة في المجال السياسي والمدني أطلقوا تحالف ‘الميثاق الجمهوري’ وذلك في إطار منتدى القوى الديمقراطية”.

وأضاف في حوار مع صحيفة محلية أن “الميثاق يقوم على قيم الديمقراطية ويتضمن مجموعة من المبادئ والالتزامات وأن قائمة الموقعين على الميثاق ستتوسع أكثر بالتحاق أسماء جديدة وسنتم إعادة نشر الميثاق بالإمضاءات الجديدة مع وجود اتصالات جديدة بالأحزاب وفي تنسيقية القوى الديمقراطية وكذلك تكثيف المشاورات والنقاشات للتعريف بالميثاق الجمهوري”، مشيرا إلى أن “النقاشات انطلقت منذ فترة ولكنها تحتاج إلى وقت لتنظيمها للوصول إلى توافق أوسع حول هذه القيم والمبادئ التي تجمع كافة القوى الديمقراطية المدنية والسياسية”.

وأضاف الحامي أن “الخطوات القادمة لما بعد إطلاق الميثاق الجمهوري تتمثل في تنظيم لقاءات مع عدد من المنظمات والأحزاب السياسية وعدد من الشخصيات وتوسيع النقاش بهدف إيجاد أوسع توافق ممكن حول عدد من القيم وخاصة كيفية الدفاع عنها وتكريسها في الواقع”.

فوزي بن عبدالرحمن: هذا التحالف  لا يوحّد المعارضة،  بل يشمل جزءا منها
فوزي بن عبدالرحمن: هذا التحالف  لا يوحّد المعارضة،  بل يشمل جزءا منها

ووقعت على الميثاق، في مرحلة أولى أكثر من 100 شخصية ناشطة في الفضاء السياسي والمجتمع المدني بالإضافة إلى أربعة أحزاب وهي حزب المسار الدّيمقراطي الاجتماعي والحزب الاشتراكي وحزب آفاق تونس والحزب الاجتماعي التّحرّري وثلاث جمعيات وهي ائتلاف صمود وجمعية البيئة والتنمية المستدامة وجمعية أحبّاء المسرح وفنون العرض، وقد أعلنت جميعها التزامها بالعمل على إصلاح المنظومة السّياسية وفي مقدّمتها الدّستور والنّظام الانتخابي ومراجعة القوانين والمراسيم المنهكة للحرّيات والدّيمقراطيّة.

وأكد المحلل السياسي نبيل الرابحي أنه “إجراءت الرئيس سعيد في 25 يوليو 2021، أثبتت أن المعارضة نمر من ورق، بل مجرّد ظواهر صوتية وإعلامية، وهناك من يمنّي النفس الآن بالمشاركة في الانتخابات القادمة”.

وأوضح لـ“العرب”، أنه “اتّضح أن هناك مشكلة حقيقية في مكونات المعارضة، ولابدّ من تجديد الخطاب والمفاهيم”، مشيرا إلى أن “الكل اليوم يسيل لعابه من أجل الانتخابات ويريدون الترشّح من باب الانتهازية”.

ولفت الرابحي إلى أنه “توجد ثلاثة أصناف من المعنيين بخوض غمار الانتخابات الرئاسية، وهم من يمثلون أفكار ما قبل 2011، ثم مرشحو منظومة 2011- 2021، ثم الرئيس الحالي قيس سعيد”.

وترى أوساط سياسية، أنه بعد حسم الجدل المتعلق بإجراء الانتخابات الرئاسية من عدمها، وتأكيد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، ما قطع الطريق على المشكّكين، تتجه المعارضة نحو ترميم ما تبقى في بنيانها المتداعي بمحاولة إثبات الذات والتحرك قدر الإمكان في مشهد ما بعد 25 يوليو 2021.

حسام الحامي: الميثاق يقوم على قيم الديمقراطية ويتضمن مجموعة من المبادئ والالتزامات
حسام الحامي: الميثاق يقوم على قيم الديمقراطية ويتضمن مجموعة من المبادئ والالتزامات

وقال الناشط السياسي المعارض فوزي بن عبدالرحمن، إن “هذا الميثاق يمثّل جزءا بسيطا من المعارضة في تونس، ويبدو أننا في حاجة إلى ميثاق جمهوري وبناء عقد اجتماعي، ذلك أن الميثاق الجمهوري لابد أن يحتوي على عناوين متفق عليها من الجميع”، داعيا إلى “ضرورة الاشتغال أكثر لبناء ميثاق جمهوري صحيح يعطينا حلولا”.

ولم يخف عبدالرحمن في تصريحه لـ“العرب”، أن “جميع النقاشات السياسية بما فيها التحالف الجديد معنية بالانتخابات الرئاسية القادمة، والكل يتحرك في إطار الاستعداد للموعد الانتخابي المرتقب”.

وأضاف الناشط السياسي، أن “هذا التحالف لا يوحّد المعارضة، بل يشمل جزءا منها، ولا يمثّل شيئا في الرأي العام”، لافتا “هو خطوة جيّدة لكنها غير كافية، والوضع يقتضي أن يجلس الجميع إلى بعضهم البعض”.

وعلى الرغم من مقاطعتها لمختلف المحطات الانتخابية في مسار 25 يوليو، واعتبار إجراءات الرئيس سعيد “انقلابا على دستور 2014 وتكريسا لحكم الفرد”، إلا أن شقا كبيرا من المعارضة يبدو أنه يريد التشبث بالأمل الأخير للتواجد في المشهد.

وقاطعت قوى المعارضة، ولاسيما “جبهة الخلاص” التي تقودها حركة النهضة الإسلامية انتخابات المجالس المحلية، بعدما قاطعت كافة المحطات الانتخابية التي جاءت بها خارطة الطريق التي أقرّها الرئيس سعيد منذ الخامس والعشرين من يوليو 2021، كما ترفض الاعتراف بالدستور الجديد للبلاد الذي تم اعتماده إثر استفتاء صيف 2022، بينما انخرطت فيها أحزاب أخرى، ومنها حركة “الشعب” وحركة “تونس إلى الأمام” و“التيار الشعبي”.

وإلى حدّ الآن لم يعلن الرئيس سعيد عن رغبته في الترشح لولاية ثانية، على الرغم من تصاعد أصوات تطالبه بالترشح لعهدة رئاسية ثانية في مسعى لاستكمال مشروعه السياسي المدعّم بإجراءات الخامس والعشرين من يوليو 2021.

4