تتبعات عدلية في تونس ضد حملات تستهدف مؤسسات الدولة

وزارة العدل: سنتتبع من وراء الحملات ضد الإطارات القضائية.
الاثنين 2024/07/15
تكريس لعلوية القانون واحترام هيبة الدولة

تونس - تعهّدت وزارة العدل التونسية بتتبع عدلي ضدّ من يقفون وراء حملات مغرضة تستهدف مؤسسات الدولة، وسط تحذير من مغبة نشر الإشاعات الزائفة، وتوعّد كل من ينخرط فيها بالملاحقة القضائية. ويقول مراقبون، إن الخطوة التي اتخذتها وزارة العدل تندرج في إطار حماية القضاة وموظّفي الدولة من حملات ممنهجة، مع قطع الطريق على كل من يهدف إلى تشويه الأشخاص واستهداف الأمن والاستقرار في البلاد.

كما يكرّس الإجراء، حرص الوزارة على الحفاظ على هيبة الدولة وتطبيق القانون وفرض علويته على الجميع مهما كانت الجهة التي ارتكبت التجاوزات القانونية. وجاء في بلاغ الوزارة الذي لم يحدد طبيعة هذه الإشاعات أنه ”على إثر ما تم تداوله بعدد من مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الإلكترونية من أخبار وإشاعات زائفة ونسبة أمور غير حقيقية لعدد من القضاة والموظفين بالوزارة بهدف التشهير بهم وتشويه سمعتهم، والإضرار بالأمن العام والمساس من حسن سير المرفق القضائي، تُعلم وزارة العدل أنّ كل من يعمد إلى القيام بحملات مغرضة ضد مؤسسات الدولة والإطارات القضائية أو الإدارية وبث الإشاعات وترويج الأكاذيب، أو الاعتداء على الأعراض وتشويه السمعة، وكل من يساهم في نشرها بشكل ممنهج يضع نفسه تحت طائلة المساءلة القانونية، وستتم إثارة التتبعات الجزائية اللازمة ضد كل من يثبت تورطه في هذه الانتهاكات وملاحقته سواء داخل تونس أو خارجها.

نبيل الرابحي: هناك حملات تشويه تستهدف القضاء ومؤسسات الدولة
نبيل الرابحي: هناك حملات تشويه تستهدف القضاء ومؤسسات الدولة

وتؤكد الوزارة ثقتها في كافة إطاراتها وأعوانها الشرفاء، كما تؤكد حرصها على الحفاظ على هيبة الدولة وتطبيق القانون وفرض علويته على الجميع مهما كانت الجهة التي ارتكبت التجاوزات القانونية. وتم مؤخرا تداول مقال لمجلة “جون أفريك” زعم من خلاله حصول عدة إيقافات تتعلق بموظّفين بوزارة العدل وبوزارة الداخلية دون الاستناد إلى أية مصادر رسمية.

وقد غذى هذه الشائعات قرار من وزارة العدل ينهي مهام القاضي مكرم الجلاصي بصفته مكلفا بمأمورية بديوان وزيرة العدل. وشدّدت الوزارة على ثقتها في كافة إطاراتها وأعوانها، مؤكّدة حرصها على الحفاظ على هيبة الدولة وتطبيق القانون وفرض علويته على الجميع مهما كانت الجهة التي ارتكبت التجاوزات القانونية، وفق نصّ البلاغ.

وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي، “هذا هو الأصل في اتخاذ القرارات، لأنه لاحظنا في الفترة الأخيرة حملات تشويه تستهدف القضاء ومؤسسات الدولة، وبالتالي اتخاذ هذا القرار طبيعي جدا”. وأكد في تصريح لـ”العرب”، “هناك انفلاتات، لكن الحريات مضمونة بالدستور ولابدّ من التقيد بضوابطها” لافتا أن “القضاء بعد إجراءات الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو 2021 يتهمونه بالولاء للسلطة”.

وتابع الرابحي، “كان هناك في السنوات السابقة تجاوزات عديدة، والقضاء الحالي فتح ملفات لم يجرؤ من كانوا في السلطة سابقا على حلّها، وهذا ما يعني أنه أصبح في طريقه للاستقلالية والتعافي”. ويتعرض القضاة في تونس لضغوط كبيرة مع تصاعد الأزمة السياسية في البلاد. وفي وقت سابق، نددت جمعية القضاة التونسيين من حملة تشويه و”هتك أعراض” تقودها “صفحات مشبوهة” على مواقع التواصل الاجتماعي ضد القضاة المعارضين للسلطة.

وأكدت، في بيان لها “عودة صفحات الكذب والتشويه والاتهام والافتراء والسحل الإلكتروني والاعتداء على ذمم وشرف الأشخاص والعائلات إلى النشاط المكثف والمنسق بعد اختفائها لمدة وجيزة وهي صفحات تديرها جهات تدعي قربها من السلطة السياسية وخدمة خياراتها، مشيرة إلى أنها سبق أن تقدمت بعدة شكاوى ضد الصفحات المذكورة، لكن تم تجاهلها من قبل السلطات التونسية.

باسل الترجمان: هناك من نشر أسماء قضاة وقام بتهديدهم
باسل الترجمان: هناك من نشر أسماء قضاة وقام بتهديدهم

ولفت البيان إلى أن “عودة تلك الحملات من الجهات المذكورة جميعا واستهدافها لرئيس الجمعية ونشطائها ليس صدفة إذ تزامن مع تنفيذ جمعية القضاة لوقفة احتجاجية بالتنسيق مع هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين بمناسبة مرور سنة على مجزرة الإعفاءات وما تلا الوقفة من تصريحات إعلامية ذكّرت الرأي العام بخطورة تلك المجزرة وبتعطل الحركة القضائية وعودة السلطة التنفيذية لتعيين القضاة مباشرة بواسطة مذكرات من وزيرة العدل ونددت بتدخل السلطة التنفيذية في القضاء وتداعيات ذلك على استقلال القضاء وواقع الحقوق والحريات في البلاد”.

كما استنكرت “صمت السلطة السياسية عن هذه الأفعال والاعتداءات التي تقع تحت أنظار وزيرة العدل والصادرة من أشخاص وصفحات يدعون قربهم من رئيس الجمهورية والدفاع عن خياراتها. وأكد الكاتب والمحلل السياسي، باسل الترجمان، أن “الجميع يعلم أن هناك منظومات تعمل داخل وخارج تونس من أجل التشويه والادعاء بالباطل على قضاة وموظفين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها”.

وأوضح في تصريح لـ”العرب”، “وزارة العدل تريد أن تقول للقضاة وموظّفي الدولة أنها مسؤولة على حمايتهم، وهذا إجراء وقائي، لأن هناك من نشر أسماء قضاة وقام بتهديدهم، ولا يمكن السكوت عن هتك الأعراض والمساس بالأشخاص”. ولفت الترجمان إلى أن “خطوة الوزارة هي ردّة فعل على ممارسات حقيقة من قبل بعض الأطراف، خاصة مع نجاح القضاء في حلحلة عدد من الملفات المهمة منذ سنوات، ومؤسسات الدولة هي الوزارات والدواويين والمحاكم، وأصبح التشكيك فيها في الفترة الأخيرة عملية ممنهجة”.

وفي العام 2022، قام سعيّد بحل المجلس الأعلى للقضاء واستبدله بمجلس مؤقت عين أعضاءه، قبل أن يعزز بمرسوم إشرافه على النظام القضائي من خلال إتاحة عزل القضاة. وفي الدستور الجديد، يعين الرئيس القضاة بناءً على اقتراح من المجلس الأعلى للقضاء، الأمر الذي كان من صلاحيات الأخير.

وأصدر الرئيس التونسي، في سبتمبر عام 2022، مرسوما عرف بـ”المرسوم 54”، ينص على “عقاب بالسجن لمدة خمسة أعوام” وغرامة تصل إلى خمسين ألف دينار “(15.99 ألف دولار) لكل من يتعمد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني".

وخلّف القرار تباينا في وجهات النظر والمواقف، فبينما اعتبر البعض أنه ينتهك حرية التعبير ويهدف إلى تكميم الأفواه، ذهب شقّ آخر إلى أنه جاء لينظم ممارسة حرية التعبير في كنف من المسؤولية واحترام القانون.

4