تبرئة جنرال بارز تُمهد لعودة رموز نظام بوتفليقة إلى الواجهة في الجزائر

أحكام قضائية تبعث برسائل بشأن انتهاء صراع الأجنحة في أعلى هرم السلطة الجزائرية.
الاثنين 2021/11/08
هل انتهى صراع الأجنحة داخل الجيش الجزائري؟

تفتح تبرئة القضاء الجزائري لمدير الأمن السابق الجنرال عبدالغني هامل من تهمة استغلال الوظيفة الباب على مصراعيه أمام التكهنات بعودة رموز نظام الرئيس السابق الراحل عبدالعزيز بوتفليقة إلى الواجهة في سياق معركة التجاذبات داخل دوائر القرار في البلاد.

الجزائر - برّأ القضاء الجزائري مدير الأمن السابق الجنرال عبدالغني هامل ورئيس أمن العاصمة نورالدين براشدي من تهمة استغلال الوظيفة التي كانا قد عوقبا عليها في مراحل التقاضي السابقة بسبع سنوات سجنا نافذا للأول وأربع سنوت للثاني، الأمر الذي يعتبر تحولا لافتا في المسار القضائي للرجل، ولا يستبعد أن تبرأ ساحته من باقي العقوبات في الملفات التي توبع فيها بتهم مختلفة.

ويعتبر مدير الأمن السابق عبدالغني هامل الذراع الأمنية لنظام الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة قبل أن يسقط في ذروة الصراع الذي خاضه قائد الجيش السابق الجنرال الراحل أحمد قايد صالح ضد رموز المرحلة البوتفليقية، وأوعز للقضاء بالزج بهم في السجون في إطار الحرب على الفساد.

وذكرت تقارير محلية بأن “مجلس قضاء البليدة أصدر الأحد حكما ببراءة المدير العام الأسبق للأمن الوطني الجنرال عبدالغني هامل، ورئيس أمن ولاية الجزائر العاصمة الأسبق نورالدين براشدي في قضية سوء استغلال الوظيفة، وأن رئيسة الجلسة نطقت بالحكم بحضور هامل وبراشدي”.

ولفتت إلى أن حكم البراءة هو نهائي في هذه القضية، وقد جاء بعد أن تم الاستئناف فيها بمجلس قضاء البليدة سابقا ورفعها إلى المحكمة العليا التي نقضت القرار وأعادت السير في الدعوة أمام مجلس البليدة.

وكان عبدالغني هامل الذي ترقى في سلم الوظيفة العسكرية (جهاز الدرك الوطني) بشكل مثير خلال السنوات الأخيرة لحكم الرئيس بوتفليقة يمثل الجيل الجديد في المؤسسة الأمنية، وطرح اسمه ليكون خليفة لبوتفليقة في خضم الجدل الذي رافق هرم السلطة الجزائرية خلال السنوات الأخيرة بسبب الوضع الصحي للرجل حينها.

غير أن التحولات المفاجئة في هرم المؤسسة التي حدثت بعد اندلاع احتجاجات الحراك الشعبي في فبراير 2019، ثم تنحي بوتفليقة عن الرئاسة في شهر أبريل الموالي، قلبت الموازين لصالح الجناح الذي قاده آنذاك الجنرال الراحل أحمد قايد صالح، وتمت الإطاحة بالعديد من الجنرالات والضباط السامين المحسوبين على بوتفليقة، وعلى رأسهم مدير الأمن الجنرال عبدالغني هامل.

تبرئة هامل من بقية التهم غير مستبعدة بعدما تم الطعن في الأحكام الصادرة بحقه لتستمر معركة التجاذبات داخل دوائر القرار

ونقلت التقارير المذكورة أن حيثيات القضية تعود إلى قيام رئيس أمن ولاية الجزائر الأسبق نورالدين براشدي بالتحقيق من جديد في قضية غسيل أموال بقيمة 125 مليون دينار وتمويل الجماعات الإرهابية المتهم فيها الرجل الأول في قضية شحنة الكوكايين كمال شيخي بعد إحالة الملف على وكيل الجمهورية وهو ما يتنافى والقوانين المعمول بها.

وأشارت إلى أن رئيس أمن العاصمة نورالدين براشدي طلب حينها معلومات تتعلق بالمستفيدين من سكنات ترقية عقارية تابعة للمتهم الأول كمال شيخي كان الغرض منها الحصول على بعض الأسماء الثقيلة، حسبما ورد في جلسة المحاكمة دون إنابة قضائية وهو الأمر المخالف للقانون.

ويتواجد العديد من الجنرالات والضباط السامين المحسوبين على الحقبة السابقة بين حالة فرار في الخارج أو السجن، حيث وجهت لهم تهم مختلفة تتمحور في الغالب حول الفساد وسوء استغلال الوظيفة والتربح غير المشروع، غير أن تهاوي الجناح الذي سيطر على المشهد لفترة وجيزة (2018 – 2019 ) يفتح المجال أمام عودة الوضع الطبيعي بالنسبة إلى هؤلاء، وأن تبرئة هامل تعتبر حلقة من مسلسل إعادة الاعتبار لهم.

ومنذ رحيل الجنرال قايد صالح في ديسمبر 2019 أخذ الصراع مسارا معاكسا أطاح بمعظم الضباط الكبار والجنرالات الذين أحاط نفسه بهم في أوج قوة نفوذه، وهناك من أحيل إلى السجن ليلقى نفس مصير أسلافه على غرار مدير الأمن الداخلي السابق واسيني بوعزة، والأمين العام لوزارة الدفاع الوطني عبدالحميد غريس، بالاضافة إلى جنرالات وضباط آخرين في مختلف دوائر ومرافق المؤسسة العسكرية.

ويفيد متابعون للشأن الجزائري بأن الهجوم المعاكس بدأ بتبرئة مدير جهاز الاستخبارات السابق الجنرال محمد مدين (توفيق) مطلع العام الجاري بعدما حُكم عليه بـ15 عاما سجنا نافذا، وعودة الجنرال خالد نزار من منفاه الاختياري بإسبانيا وإفراغ الحكم الصادر بحقه (20 عاما سجنا نافذا)، الأمر الذي سمح بعودة ما يعرف بـ”الدولة العميقة” لمؤسسات ومفاصل الدولة، وعادت العديد من الوجوه التي أطيح بها سواء في عهد بوتفليقة أو قايد صالح.

ولا يستبعد أن تتم تبرئة عبدالغني هامل من باقي التهم المنسوبة إليه بعدما تم الطعن في الأحكام الصادرة بحقه لدى المحكمة العليا، وهو ما يمهد إلى اطلاق سراحه قريبا، لتستكمل بذلك فصول معركة تجاذبات داخل دوائر القرار الجزائري لصالح الجناح الذي أمسك بمأمورية ترتيب أوراق السلطة بشكل يقطع مع وجوه وخطاب مرحلة لم تعمر طويلا في تاريخ الجزائر، ويطوي صفحة فشلت في تثبيت نفسها والاستفادة من ثورة الشارع.

4