تباين في تقييم أداء البرلمان التونسي بعد مرور سنة على تأسيسه

النائب ياسين مامي: أداء أعضاء البرلمان فنّد جميع التّوقعات.
الأحد 2024/06/02
برلمان مختلف عن سابقيه

طرح أداء البرلمان التونسي بعد مرور سنة على تأسيسه تساؤلات عديدة في علاقة بدوره الرقابي على الحكومة ودوره التشريعي، فضلا على علاقته بالسلطة التنفيذية، وسط اختلاف المراقبين بشأن تلك الحصيلة التي اعتبرها البعض مقبولة، فيما رآها آخرون أنها غير إيجابية.

تونس - تباينت الآراء في تونس بشأن تقييم أداء عمل مجلس نواب الشعب (الغرفة التشريعية الأولى) بعد مرور أكثر من سنة على تأسيسيه، بين من يعتبر أنه تمكّن من مناقشة وتمرير بعض القوانين التي تهم التونسيين، ومن يعتبر أنه لم ينجح في تحقيق المهام الموكولة إليه، ومن ضمنها تقييم أداء الحكومة والمصادقة على القوانين.

وتم انتخابات أعضاء البرلمان في اقتراع اتسم بعزوف كبير، حيث لم يشارك فيه سوى  11.2 في المئة من الناخبين، ليخلف بذلك البرلمان السابق الذي حلّه الرئيس قيس سعيد قبل أن يدعو إلى استفتاء على دستور جديد للبلاد.

وتقول أوساط سياسية وحقوقية، إنه على الرغم من صعوبة التقييم خصوصا بعد مرور سنة على تأسيس المجلس، فإن هناك بعض المؤشرات الإيجابية في علاقة بنشاط النواب، أولها تقديم بعض المقترحات القانونية والمصادقة على بعض التشريعات، فضلا عن التفاعل الإيجابي مع الحكومة التي يقودها أحمد الحشاني.

وقال النائب بمجلس نواب الشعب ياسين مامي، الجمعة، إن “أداء أعضاء المجلس فنّد جميع التوقعات المسبقة لمحاولة ترذيل عمل البرلمان والتهكم على النواب حتى قبل التعرف عليهم”.

وأضاف في تصريح لإذاعة محلية أن “الأداء داخل البرلمان كشف وجود تنوع في صفوف النواب وما يحدث اليوم أكبر دليل على ذلك”، لافتا ”نحن لا نتعامل مع الحكومة بمنطق المعارضة والموالاة.. ونتعامل معها وفق منطق العمل، ونرى اليوم أن هذه الحكومة لا تعمل على مستوى مشاريع القوانين والتشريعات”.

باسل الترجمان : البرلمان حاول تمرير بعض القوانين وتفاعل مع الحكومة
باسل الترجمان: البرلمان حاول تمرير بعض القوانين وتفاعل مع الحكومة

كما تحدث عن عمليات التصويت داخل البرلمان، مؤكدا أنها أكبر دليل على وجود اختلاف في الآراء بين رافض ومؤيد أو محتفظ.

كما أكد ياسين مامي أنه سبق أن طالب رفقة عدد من النواب بضرورة البث المباشر لأشغال اللجان داخل البرلمان وكشف تفاصيل التصويت على أيّ مشروع للمواطنين لأنه من حقهم الاطلاع على ذلك.

وتطرق إلى المرسوم 54، قائلا إنه ”صدر في فترة استثنائية اتسمت بالثلب وهتك الأعراض إضافة إلى وجود فراغ تشريعي، واليوم هناك الدستور الذي يكفل الحقوق والحريات وهو ما يدفعنا إلى ضرورة النقاش حول هذا المشروع”.

وتقول شخصيات سياسية، لئن استغرق المجلس وقتا طويلا في إعداد نظامه الداخلي الجديد قبل الدخول في عطلة برلمانية، كما أنه كان أفضل من مجلس 2014، خاصة من ناحية تمرير القوانين وتقديم المبادرات التشريعية.

وأفاد الكاتب والمحلل السياسي باسل الترجمان أن “أداء البرلمان لم يكن مميزا ولم ينجح في استعادة ثقة الشارع التونسي، لكنه حاول تمرير بعض القوانين والمبادرات مثل مناقشة القانون 411 المتعلق بعقوبة الصك دون رصيد، ونجح أيضا في التفاعل مع الحكومة والمشاركة في مقترحات تعديل الميزانية”.

واستطرد باسل ترجمان “من الصعب تقييم عمل البرلمان بعد سنة على تأسيسه، ولكن علينا أن ننتظر على الأقل دورتين إضافيتين حتى نحكم على العمل الذي قدمه”.

في المقابل، يرى متابعون، أنه على عكس البرلمانات السابقة، بدا واضحا أن نسبة كبيرة من أعضاء المجلس الحالي تفتقد إلى أبسط مقومات النشاط البرلماني وخصوصا لا تملك سجلاّ سياسيا وأكاديميا كبيرا يمكّنها من إدارة نشاطها في أفضل الظروف.

نجاة الزموري: لم نر تقييما عميقا وموضوعيا لأداء الحكومة من البرلمان
نجاة الزموري: لم نر تقييما عميقا وموضوعيا لأداء الحكومة من البرلمان

وقالت نجاة الزموري، نائبة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن “التقييم الموضوعي للأداء يتم بناء على مؤشرات علمية، ذلك أن البرلمان لم ينجح في تحقيق المهام الموكولة إليه، وهي تقييم أداء الحكومة والمصادقة على القوانين”.

وأضافت لـ”العرب”، “لم نر تقييما عميقا وموضوعيا لأداء الحكومة من قبل البرلمان، ولا يوجد تقييم مبني على معطيات واضحة وصحيحة، ذلك أن بعض الوزارات يكاد يكون أداؤها مفقودا، والبعض منها لم يجرؤ على فتح ملفات الفساد”.

ولفتت الزموري إلى أنه “كانت هناك وعود بعد إجراءات 25 يوليو 2021 حول تقديم قوانين جديدة وتنقيح أخرى مثل المرسوم 54 والقانون المنظم للجمعيات، وبعض النواب يفتقرون إلى الحدّ الأدنى من الدراية السياسية والإلمام بالإطار التشريعي والتاريخي للبلاد”.

وسبق أن اعتبرت منظمة “أنا يقظ” أن “مجلس نواب الشعب الحالي يريد عن وعي أن يبقى تحت ظلّ الوظيفة التنفيذية، كما لم يصادق طيلة سنة كاملة إلاّ على مشاريع قوانين رئاسة الجمهورية بنسبة 97 في المئة أي بطريقة شبه آلية”.

وأوضحت المنظمة أن “حصيلة القوانين التي صادق عليها المجلس الحالي خلال هذه السّنة هي الأضعف مقارنة بمجلسي نواب الشعب لسنة 2014 و2019 بتراجع يقدّر بحوالي عشرة قوانين”.

وفي عامه الأول، عقد مجلس نواب الشعب 15 جلسة عامّة خُصّصت لنقاش نظامه الداخلي وتركيز هياكله النيابية في حيّز زمني استغرق من الوقت شهرين كاملين.

 وتميّزت أجواء البرلمان التونسي في سنته الأولى بتعدّد طلبات رفع الحصانة عن عدد من أعضائه حيث عقد المجلس جلسات عامة للنظر والتصويت على طلبات رفع الحصانة شملت 7 نواب، كانت قد تقدّمت بها جهات قضائية ورفض نواب الشعب جلّها.

وتثير الحصانة البرلمانية نقاشا وجدلا بتونس بين من يشددون على أنها حق دستوري وضمانة ظرفية لحماية النواب أثناء أدائهم لمهامهم، وبين من يرون أن البعض يستغلونها للإفلات من المساءلة والمتابعة القضائية.

2