بوريس جونسون ينجح في تليين مواقف قادة أوروبا بشأن بريكست

باريس وبرلين مستعدتان لمناقشة مقترحات لندن بشأن الحدود الأيرلندية والتوصل إلى حل خلال ثلاثين يوما.
الجمعة 2019/08/23

نجح رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون خلال جولته الأوروبية لمناقشة بريكست في تليين مواقف أبرز قادة أوروبا الفاعلين في اتخاذ قرار إعادة التفاوض على اتفاق الانفصال، بعدما أعلنت كل من باريس وبرلين استعدادهما لمناقشة مقترحات لندن بشأن الحدود الأيرلندية، وهو موقف لا يتبناه الاتحاد الأوروبي، لكن تحقيق اختراق في مواقف أكبر اقتصاديات المنطقة من شأنه أن يغيّر المعادلة مع اقتراب ساعة الصفر المحددة في 31 أكتوبر القادم.

باريس – قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الخميس، إن الفقرات المتعلقة بإبقاء الحدود الأيرلندية مفتوحة في اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي غير ضرورية، ويمكن الاستغناء عنها وتبني إجراءات فنّية مختلفة بدلا منها.

وأضاف جونسون أن المباحثات التي أجراها الأربعاء مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل “شجّعته بصورة كبيرة”، حيث أنها قالت إنه “يمكن التوصل إلى حل خلال الـ30 يوما المقبلة”.

وأوضح أنه يمكن الاستعاضة عن شبكة الأمان بإجراءات فنية مثل فقرات موثوق بها تتعلق بالتجارة وإجراءات تحقق إلكترونية.

وقال “لن تقوم المملكة المتحدة تحت أي ظروف بوضع قيود على الحدود، ونحن لا نعتقد أنه من الضروري من وجهة نظر الاتحاد الأوروبي القيام بذلك لحماية سلامة السوق الموحدة”.

وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس أن “مستقبل المملكة المتحدة لا يمكن أن يكون إلا في أوروبا”، مؤكدا أنه يمكن التوصل إلى حل “خلال ثلاثين يوما” حول مسألة الحدود الأيرلندية من أجل تأمين خروج منظم لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

إيمانويل ماكرون: يمكن التوصل إلى حل حول مسألة الحدود الأيرلندية
إيمانويل ماكرون: يمكن التوصل إلى حل حول مسألة الحدود الأيرلندية

وقبل يومين من قمة مجموعة السبع، قال ماكرون خلال استقباله رئيس الوزراء البريطاني في الإليزيه “في إطار ما تم التفاوض حوله، هناك عمل يجب إنجازه”، مؤكّدا “ثقته” في إمكانية التوصل إلى حل في هذا الشأن “خلال ثلاثين يوما”.

وأضاف “إنني مثل المستشارة الألمانية واثق من أن الذكاء الجماعي وإرادتنا في البناء يجب أن يسمحا لنا بالتوصل إلى أمر ذكي خلال ثلاثين يوما إذا كانت هناك إرادة طيّبة من الطرفين، وهذا ما أريد الإيمان به”.

وتابع أنه يشعر بأن “مستقبل المملكة المتحدة لا يمكن أن يكون إلا في أوروبا”.

وتأتي زيارة جونسون لباريس بعد يوم من لقائه بالمستشارة الألمانية في برلين، حيث سعى للضغط من أجل التخلي عما يطلق عليه “شبكة أمان” في اتفاق الخروج الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي.

وقالت ميركل وجونسون إنهما ملتزمان بخروج بريطانيا من الاتحاد باتفاق، حيث أشارت ميركل إلى أنه تم وضع الفقرة المتعلقة بشبكة الأمان لتكون بمثابة إجراء مؤقت، موضحة أنه يمكن دراسة بدائل مرضية.

ووفقا للوضع الحالي، فإنه من المقرر أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر المقبل، في حال توصلت إلى اتفاق أم لم تتوصل.

ويمكن للخروج من غير اتفاق أن يسبب مشاكل للمتعاملين بالبورصة والمهاجرين في الجانبين.

وقالت ميركل “في حال تم التوصل إلى حل بديل لمسألة الحدود الأيرلندية خلال الـ30 يوما المقبلة” لمَ لا؟

ويصرّ الاتحاد الأوروبي والحكومة الأيرلندية على وجود الفقرة المتعلقة بشبكة الأمان لضمان حدود مفتوحة بين أيرلندا الشمالية، التي تعدّ جزءا من المملكة المتحدة، وجمهورية أيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي.

وكرر الاتحاد الأوروبي أكثر من مرة أن اتفاق الخروج غير قابل للتفاوض. وأبدى جان أسيلبورن وزير خارجية لوكسمبورغ رد فعل حذر الخميس بشأن احتمالية استبدال فقرة شبكة الأمان خلال الأسابيع المقبلة.

وقال أسيلبورن “لا يمكن استبعاد حصول معجزات، ولكنني متشكك بشأن إمكانية حدوث أمر بصورة منفردة يضمن عدم وجود حدود صعبة لأيرلندا، وسيطرة الاتحاد الأوروبي على ما يأتي للسوق”.

وأشار ماكرون إلى أن المفاوضين البريطانيين والمفاوضين الأوروبيين بقيادة ميشال بارنييه سوف يعملون على “محاولة إيجاد ما يمكن اعتباره عناصر قيود دون تغيير التوازنات الجوهرية في اتفاق الخروج”.

ميركل وجونسون ملتزمان بخروج بريطانيا من الاتحاد باتفاق
ميركل وجونسون ملتزمان بخروج بريطانيا من الاتحاد باتفاق

وتلقى فكرة “شبكة الأمان” معارضة شديدة من أنصار بريكست المتحمسين الذين يريدون قطيعة واضحة مع الاتحاد الأوروبي ومن الحزب الوحدوي الأيرلندي الشمالي، حليف حزب المحافظين الذي يرفض معاملة تمييزية لمقاطعة أيرلندا الشمالية البريطانية، حيث يقول معارضو الاتفاق إنّه يبقي بريطانيا مرتبطة بنظم الاتحاد الأوروبي بشكل دائم. ورفض البرلمان البريطاني اتفاق بريكست الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي والاتحاد الأوروبي 3 مرات.

وحتى الآن، لم تطلب بريطانيا عقد اجتماع، على ما ذكرت المتحدثة باسم المفوضية بيرتود، ما يشير إلى أن لندن تبني آمالها على التقدم الذي يمكن إحرازه في اللقاءات الثنائية مع ميركل الأربعاء وماكرون الخميس. ومع تمسك كل طرف بموقفه، تزداد المخاوف من خروج بريطانيا من الاتحاد دون اتفاق، وتشير خطط طوارئ حكومية مسرّبة إلى التأثير السيء الناجم عن هذه النتيجة.

وأظهرت وثائق حكومية مسرّبة لصحيفة صنداي تايمز أن بريطانيا ستواجه نقصا في الوقود والغذاء والدواء إذا خرجت من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق انتقالي، إذ ستتسبب هذه الخطوة في تكدّس بالموانئ وإقامة حواجز حدودية في أيرلندا.

وقالت الصحيفة إن التقرير الذي أعدته وزارة شؤون مجلس الوزراء حددت الآثار الأكثر ترجيحا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق وليس أسوأ السيناريوهات.

لكن مايكل جوف، الوزير المسؤول عن تنسيق الاستعدادات للخروج دون اتفاق، رفض ذلك قائلا إن الوثائق تمثل “السيناريو الأسوأ” وإن الحكومة سرّعت وتيرة التخطيط للخروج في الأسابيع الثلاثة الأخيرة.

5