برامج الطبخ الصحي تكوّن علاقة إيجابية بين الأطفال والطعام

أفادت دراسة حديثة نشرت نتائجها في مجلة جمعية التثقيف وسلوكات التغذية، وهي دورية علمية أميركية تهتم بنشر البحوث والدراسات ذات الصلة بتعليم التغذية والسلوكات الغذائية والنشاط البدني، بأن الأطفال الذين يشاركون أهاليهم في الشغف بمتابعة برامج الطبخ الصحي على شاشة التلفزيون، أكثر ميلا لاتخاذ خيار تناول الطعام الصحي بثلاث مرات تقريبا مقارنة بالأطفال الذين لا يتابعون هذا النوع من البرامج أو ممن تقع خياراتهم على البرامج والإعلانات التي تروّج للأطعمة السريعة والطبخات غير الصحية.
تكونت عينة الدراسة التي ظهرت تحت عنوان “مشاهدة برامج الطبخ التلفزيونية وتأثيرها على العادات الغذائية للأطفال” من 125 طفلا، شاهدوا على مدى عشر دقائق عرضا لبرنامج طهي في التلفزيون مخصص للأطفال، ثم حصل هؤلاء الأطفال على مكافأة لمشاركتهم في هذه الدراسة كانت عبارة عن وجبة خفيفة تنوعت فيها خيارات الطعام الصحي مثل بعض قطع الخيار أو التفاح، وغير الصحي مثل البسكويت المُحلّى ورقائق البطاطا.
اتجهت خيارات أغلب الأطفال الذين شاهدوا البرنامج، إلى الطعام الصحي على الرغم من توفر الخيارات الأخرى، الأمر الذي يؤكد أهمية ما يتعرض له الطفل من مؤثرات خارجية ومنها برامج التلفزيون المتعلقة بالطهي وكل ما يتعلق بالطعام مثل الإعلانات.
ومن جانب آخر، تؤكد الدراسات على أن الطهي يساعد البالغين والأطفال على حدّ سواء في تكوين علاقة إيجابية وعقلانية مع الطعام. وترى الدكتورة سوزان أبيرز؛ طبيبة نفسية أميركية متخصصة في العادات الغذائية، اضطرابات الأكل وصورة الجسد، بأن تشجيع الطفل على المشاركة في تحضير الطعام في المطبخ مع توفير مستوى آمن لبيئة العمل وبإشراف الوالدين، من شأنه أن يعزز ثقافته الغذائية ويضيف إلى معلوماته المتعلقة بالأطعمة المتنوعة وتساعده في اتخاذ القرارات الصحيحة في ما يتعلق بالطعام الصحي.
وأشارت إلى أن هذا هو الجانب الإيجابي في الموضوع، لكن وعودة إلى برامج التلفزيون، فإن العديد من برامج الطبخ ما زالت تعزز اتجاه أفراد الأسرة للطعام السريع والوجبات اللذيذة التي لا تقاوم إضافة إلى حملات الترويج والخصومات التي تتبناها مطاعم الوجبات السريعة.
ويذكر أن عددا كبيرا من الأطفال يعانون من السمنة على مستوى العالم، بعضهم يولدون بأوزان كبيرة، والكثير منهم ما زالت تزداد أوزانهم مع تقدمهم في صفوف المدرسة في الوقت الذي تقل فيه فعالياتهم الحركية وهذا الأمر يسري على البالغين أيضا؛ فالأجيال الحديثة لا تمارس الرياضة أو النشاطات اليومية التي تتطلب جهدا بالمقدار والصورة التي كان متعارفا عليها في الأجيال السابقة فنحن نتحرك أقل من آبائنا وأجدادنا.
وتؤكد الدكتورة نانسي دارلنغ؛ أستاذ علم النفس في كلية أوبرلين في مقالها الأخير في مجلة “علم النفس” الأميركية، على أن الأمر لم يعد مستغربا الآن، فقد مرت سنوات طويلة على انتشار هذه الظاهرة المؤسفة، مع ذلك فإن مواصلة الاطلاع على نتائج الدراسات الأخيرة من شأنها أن تعزز الوعي باتجاه معالجة هذه القضية لأنها تتعلق بشكل كبير بمستقبل هؤلاء الصغار.
إلى ذلك، أشارت نتائج دراسة جديدة نشرتها مجلة “نيو إنجلاند” الطبية الأميركية، إلى أن 12 في المئة من مجموع أطفال رياض الأطفال هم مصابون بالسمنة، وهناك أيضا 15 في المئة منهم يعانون من زيادة متفاوتة في الوزن حيث تستمر هذه الأرقام حتى سن الـ14 عاما وربما تستمر حتى البلوغ لتولد مشاكل صحية.
أما الأخبار المؤسفة فتقول إن معظم الأطفال الذين يولدون بوزن زائد معرضون للإصابة بالسمنة في سنوات حياتهم المقبلة، تحديدا في سن الخامسة، كما أن الأطفال الذين يعانون من سمنة مفرطة في مرحلة الروضة أكثر عرضة للسمنة في المدرسة الابتدائية والمتوسطة بمقدار أربع مرات مقارنة بأقرانهم، وهكذا الأمر عندما يصلون سن البلوغ.
ومع وجود هذه الحقائق التي خرجت بها الأبحاث الأخيرة إضافة إلى الدور المهم الذي تلعبه المورثات في تقرير طبيعة وحجم خلايا الإنسان الدهنية وتحديد خياراته في خسارة الوزن بالطرق المعتادة، إلا أنه بالإمكان تجاوز كل هذا ومساعدة الطفل على تطوير عادات غذائية صحية من دون التخلي عن حقه في الاستمتاع بطعامه المفضل.