بدء العد العكسي لإعادة الانتخاب يرغم ترامب على استثمار الاحتجاجات لصالحه

الرئيس الجمهوري: غوغاء اليساريين ستجر الولايات المتحدة للفوضى.
الخميس 2020/06/25
عزف على وتر الاحتجاجات

يكثف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من مساعيه لاستعادة زمام المبادرة في السباق إلى البيت الأبيض الذي يتنافس فيه مع الديمقراطي جو بايدن، وفي أحدث محاولة منه لإسعاف حظوظه بعد أن تراجع في جل استطلاعات الرأي، حذر الملياردير الجمهوري من أن غوغاء اليساريين قد تنزلق بالولايات المتحدة نحو الفوضى.

أريزونا (الولايات المتحدة) – حاول الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، استثمار الاحتجاجات التي عمت أرجاء البلاد لصالحة في تجمع انتخابي في أريزونا مساء الثلاثاء وذلك بعد أن بدأ العد العكسي لانتخابات نوفمبر التي يطمح خلالها الرئيس الجمهوري إلى منحه تفويضا شعبيا للبقاء 4 سنوات جديدة رئيسا للولايات المتحدة.

وحذر الرئيس الأميركي، الذي يواجه انتقادات لاذعة بشأن كيفية استجابة إدارته حيال مكافحة وباء كوفيد – 19، من دفع “غوغاء اليساريين” الولايات المتحدة نحو الفوضى متعهدا بالتصدي لمحاولاتهم.

وتُعد هذه المرة الأولى التي يحاول فيها ترامب علنا استغلال الاحتجاجات لترجيح كفته مع الديمقراطيين من خلال توجيه اتهام رسمي لليساريين بتذكية الاحتجاجات التي هزت الولايات المتحدة ضد العنصرية وعنف الشرطة.

وفي فينيكس، وأمام حضور ضم بضعة آلاف من الشبان، ركز ترامب على موضوع القانون والنظام، وذلك بعدما اجتذب أول تجمع له خلال جائحة كورونا والذي عقده السبت في تولسا بأوكلاهوما أنصار أقل من المتوقع وكشف عن مواطن ضعف في حملته.

باراك أوباما: البيت الأبيض وصل إلى مهاجمة أسس من نحن ومن يجب أن نكون
باراك أوباما: البيت الأبيض وصل إلى مهاجمة أسس من نحن ومن يجب أن نكون

ومن خلال هذه التجمعات، يتحدى ترامب الإجراءات الصحية التي تحاول الولايات المتحدة توخيها والتي تفرض تباعدا اجتماعيا للحيلولة دون حدوث موجة ثانية لكوفيد – 19. وفي معرض حديثه أمام أنصاره أشار ترامب إلى المحتجين الذين حاولوا ليل الاثنين إسقاط تمثال للرئيس آندرو جاكسون قرب البيت الأبيض يعود للقرن التاسع عشر وكذلك إلى “منطقة مستقلة” أقامها المحتجون في سياتل على أنهما سببان يدعوان لإبقائه في السلطة وليس انتخاب المرشح الديمقراطي جو بايدن في اقتراع الثالث من نوفمبر. وقال “ليس هذا سلوك حركة سياسية سلمية. إنه سلوك شموليين ومستبدين وأشخاص لا يحبون بلدنا”.

وواجه ترامب الأربعاء ردا هو الأعنف من سلفه باراك أوباما الذي تحدث عن فترة ترامب الرئاسية بامتعاض شديد.

وانتقد أوباما “النهج الفوضوي وغير المنظم والرديء للحكم على مدار العامين الماضيين”، وذلك خلال مشاركته في أول فعالية انتخابية مشتركة لعام 2020 مع المرشح الديمقراطي المفترض جو بايدن.

وفي حديث له خلال كلمة في حملة تبرعات افتراضية شارك فيها نحو 175 ألف شخص للمرشح جو بايدن بدا أوباما يهاجم ترامب بسبب تصريحاته الأخيرة قائلا ”البيت الأبيض المدعوم من الجمهوريين في الكونغرس ومن هيكل إعلامي  وصل إلى مهاجمة أسس من نحن ومن يجب أن نكون”. وتأتي هذه المستجدات في وقت أظهر فيه استطلاع لصحيفة نيويورك تايمز تقدم بايدن على ترامب بـ14 نقطة.

ويعد هذا الاستطلاع، الذي أجرته نيويورك تايمز ومعهد سيينا، واحدا من أسوأ نتائج ترامب لسباق 2020 الرئاسي، حيث حصل بايدن على 50 في المئة من الأصوات مقابل 36 في المئة للرئيس.

وبموازاة ذلك بدأت حملة ترامب تستعيد عافيتها مقارنة بالحضور الذي شهده تجمع تولسا لكن تعليقات الملياردير الأميركي حول الاحتجاجات الأخيرة لا تزيد المحتجين إلا إصرارا على مواصلة التظاهر والدعوة إلى تغيير سلوك الشرطة.

وخارج كنيسة دريم سيتي، حيث كان ترامب يتحدث، فرقت الشرطة بالقوة مئات المحتجين الذين كانوا ينظمون مسيرة في “منطقة لحرية التعبير”.

وأعلنت شرطة فينكس أن المظاهرة تجمع غير قانوني بعدما بدأ المحتجون سد شارع. واستخدمت قوات الأمن قنابل الصوت لإبعاد المحتجين عن الكنيسة.

احتجاجات عنيفة خلال وجود ترامب داخل كنيسة دريم سيتي
احتجاجات عنيفة خلال وجود ترامب داخل كنيسة دريم سيتي

ويواجه ترامب مشاكل تتفاقم يوميا مع اقتراب موعد الحسم بشأن ولايته الثانية الرئاسية حيث توترت العلاقات الأميركية الإيرانية في عهده وشهدت الولايات المتحدة مؤخرا انكماشا اقتصاديا سببه وباء كورونا، بالإضافة إلى تعاطيه مع كوريا الشمالية وروسيا.

وواجه الرئيس الجمهوري، الذي نجا من إجراءات العزل التي قام بها الديمقراطيون في وقت سابق، انتقادات لتودده لزعماء مستبدين مثل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ونال سهام النقد كذلك من أميركيين كثيرين لتعامله مع الاحتجاجات التي أعقبت وفاة الأميركي الأسود جورج فلويد في احتجاز الشرطة بمدينة مينابوليس.وقال ترامب إن من يحتجون على الظلم العنصري ووحشية الشرطة إنما “يكرهون تاريخنا. هم يكرهون قيمنا ويكرهون كل شيء نقدره ونعلي من شأنه كأميركيين”.

وأضاف “نحن لا ننحني للمتنمرين اليساريين”. وفي وقت سابق، زار ترامب قسما شُيد حديثا من الجدار الذي يعتزم بناءه على امتداد الحدود مع المكسيك في سان لويس، بأريزونا.

وساعد تعهد انتخابي بإقامة الجدار على امتداد الحدود التي يتجاوز طولها 3200 كيلومتر ترامب في الوصول إلى البيت الأبيض في 2016.

وهذه هي ثالث زيارة يقوم بها ترامب هذا العام إلى أريزونا التي فاز بها بشق الأنفس عام 2016، ويسعى لتعزيز مكانته هناك وسط استطلاعات للرأي تشير إلى تقدم بايدن عليه.

وبات الجمهوريون أقل تفاؤلا مما بدوا عليه قبل هذه الفترة التي تزامنت مع احتجاجات عارمة مثلت ضربة قاصمة لشعبية ترامب خاصة بعد تهديده باللجوء للجيش لإخماد المظاهرات بالقوة.

ويرى مراقبون أن الديمقراطيين تمكنوا من قطف ثمار مهاجمة ترامب للمتظاهرين وتمسكه بعدم إصلاح الشرطة مؤكدين أن خصوم الرئيس نجحوا في ضرب صورته الرمزية كشخصية جامعة للأميركيين بعد تغذيته للانقسام من خلال تمجيد شخصيات ساهمت في إلحاق جرائم بالسود الأميركيين.

وبالفعل ولد تعاطي ترامب مع الاحتجاجات، التي امتدت حتى خارج الولايات المتحدة وحشدت دعما و تعاطفا كبيرين مع فلويد وعائلته، غضبا متصاعدا ترجمه المتظاهرون الذين يتظاهرون في إطار حملة “حياة السود تهم” بإسقاط تماثيل عُرف أصحابها بعنصريتهم.

وفي أحدث تحرك لهؤلاء فقد حاولوا الاثنين إسقاط تمثال الرئيس الأميركي السابق المثير للجدل أندرو جاكسون والذي كان لديه أكثر من 500 عبد خلال حياته.

5