انقلاب تركيا يغير خارطة السياحة في الشرق الأوسط

قلب زلزال الانقلاب في تركيا وإعلان حالة الطوارئ في البلاد، آفاق النشاط السياحي في المنطقة، لكن محللين يقولون إن أجواء التوتر لا تزال تحرم المنطقة من الحصول على نصيبها من السياحة العالمية، التي أصبحت تشكل نحو 9.5 بالمئة من الاقتصاد العالمي.
الاثنين 2016/07/25
سباق لإرضاء السياح

توقع مراقبون أن تشهد خارطة السياحة في منطقة الشرق تغيرات كبيرة بعد الانقلاب في تركيا، لكنهم رجحوا أن تبقى حصة المنطقة من ازدهار السياحة العالمية متدنية، بسبب انتشار نقاط التوتر الأمني في معظم أنحاء المنطقة. وتشير تقديرات منظمة السياحة العالمية إلى أن مداخيل السياحة تصل حاليا إلى نحو 7 تريليونات دولار سنويا، وتشكل إيراداتها نحو 9.5 بالمئة من حجم الناتج الإجمالي في العالم.

وتشهد الحركة السياحية في المنطقة العربية تغيرات جذرية قد تعصف بمستقبل الاستثمار في هذا القطاع، بسبب التوترات التي جعلتها طاردة للسياحة، نتيجة اشتداد الصراع في سوريا وليبيا والعراق، إضافة إلى عدم استقرار لبنان وتونس وتحذيرات السفر إلى مصر.

وأظهر تقرير صادر عن صندوق النقد العربي ارتفاع عجز ميزان السياحة والسفر للدول العربية في العام الماضي بنحو 43.3 بالمئة ليصل إلى نحو 19.9 مليار دولار. ولم تنجو من التداعيات سوى أسواق قليلة مثل الإمارات والمغرب، التي تمكنت من مواصلة استقطاب السياح الهاربين من نقاط التوتر.

وطالب مستثمرون بقطاع السياحة المصري، الحكومة بضرورة البدء فورا في الترويج للمقصد السياحي عالميا والاستفادة من التوترات التي يشهدها المقصد التركي حاليا، بعد زلزال الانقلاب وما تبعه من عمليات اجتثاث في مؤسسات الدولة وإعلان حالة الطوارئ.

وتظهر البيانات أن عدد السياح في مصر تراجع خلال شهر مايو الماضي بنحو 51.7 بالمئة بمقارنة سنوية بسبب الضربات الموجعة التي تلقتها منذ سقوط الطائرة الروسية في سيناء في أكتوبر الماضي، وما أعقبها من إجراءات تعليق الرحلات السياحية.

وقال عادل عبدالرازق، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للغرف السياحية الأسبق إن “معدلات السياحة العالمية تشهد نموا لكن ثمار هذا النمو بعيدة عن المنطقة العربية”، متوقعا خسارة تركيا 30 بالمئة من عدد السائحين بسبب تداعيات الانقلاب العسكري الفاشل مؤخرا.

ورغم هذه الوضعية، استبعد عبدالرازق في حديثه لـ“العرب” أن تجذب السياحة المصرية البعض من كعكة السياحة التركية، جراء عدم سعي القاهرة جديا للترويج للمقصد المصري من جهة، وحملات جماعة الإخوان المستمرة التي تنال من سمعة السياحة في البلاد.

ويؤكد عبدالرازق أن السوق المغربية هي الوحيدة التي تعد منطقة جذب سياحية، حيث يصل عدد السائحين لها إلى نحو 12 مليون سائح. وزاد عدد السياح عالميا خلال العام الماضي ووصل إلى نحو 1.3 مليار سائح مقارنة بنحو 1.1 مليار خلال عام 2014، بينما وصل عدد السائحين للسوق التركية إلى نحو 32 مليون سائح، كما بلغت الإيرادات حوالي 37 مليار دولار العام الماضي.

وقال ريمون نجيب الخبير السياحي المصري لـ“العرب” إنه “يجب على المسؤولين عن قطاع السياحة التحرك فورا لانتشال السياحة المصرية من كبوتها، إذ أن تركيا ستفقد السياحة الوافدة إليها على الأقل حتى نهاية العام الجاري”.

وأوضح نجيب كذلك أن أوروبا تعاني مخاضات إرهاب، ولم تعد ملاذا آمنا تماما للسياحة، وبالتالي فإنه آن الأوان لعودة السياحة الروسية والأوروبية خاصة من ألمانيا وإنكلترا وشرق أوروبا وآسيا للسوق المصرية، حيث تعد طوق النجاة له.

ويتوقع الخبير أن تستقطب مصر ما لا يقل عن 20 مليون سائح سنويا، شرط إعداد خطة جذب سياحة على مستوى العالم، تبدأ من سبتمبر وحتى يناير المقبل من خلال الترويج عبر الوكلاء الأوروبيين وهي ضرورة ملحة لإنقاذ السياحة. ويتوافد على تركيا سائحون من روسيا وألمانيا ودول الخليج، وبعد التطورات الأخيرة يمكن أن تتغير وجهاتهم بعيدا عن تركيا.

ومن جانبه، يعتقد باسم حلقة نقيب السياحيين أن السوق المصرية تمتلك كافة المقومات لتصبح بديلا قويا عن السوق التركية خلال الوقت الراهن. وقال إن القرار النهائي يعود إلى السائح.

وكشف عن اتخاذ كافة الإجراءات والاشتراطات التي طلبتها الدول الأوروبية، لعودة الحركة السياحية مجددا للسوق المصرية، متوقعا أن تشهد الفترة القريبة المقبلة، توافد السياحة إلى مصر مرة أخرى، لكن بشكل تدريجي. وتشير عدة تقديرات إلى أن يكون المغرب المقصد السياحي الرئيسي البديل لتركيا، لما يتمتع به من إمكانيات سياحية هائلة على كافة المستويات.

ويقول معتز السيد نقيب المرشدين السياحيين السابق إن مصر ستحصل على جزء من السياح الذين سيغيرون وجهتهم من تركيا، لكن ذلك يتطلب تفعيلا قويا لخطوط الطيران. وأوضح لـ“العرب” ضرورة تفعيل مكاتب التنشيط السياحي في الخارج، وتحديدا مكتب هيئة تنشيط السياحة في أبوظبي.

وكانت وزارة السياحة قد افتتحت مكتبا للتنشيط السياحي في أبوظبي ليصبح المركز الرئيسي للترويج للسياحة المصرية في دول مجلس التعاون الخليجي، بهدف جذب سياح منطقة الخليج لإنقاذ الموسم السياحي.

وقدر هشام زعزوع وزير السياحة السابق لـ“العرب” حجم السياحة العربية بنحو 15 بالمئة من السياحة الوافدة إلى مصر. وقال “إننا نعول عليها لانتشال السياحة المصرية من كبوتها”.
10