انطلاق ورشة الإصلاحات السياسية في الأردن تحت الضغوط

الملك عبدالله الثاني: هدفنا حياة برلمانية وحزبية تناسب الأردنيين.
الأربعاء 2021/06/16
العاهل الأردني يطلق شارة الإصلاح

انطلقت ورشة إصلاح المنظومة السياسية في الأردن وسط شكوك في الحدود التي يمكن أن تصل إليها هذه الإصلاحات على ضوء التجارب السابقة المخيبة للآمال، ولسان حال الأردنيين يردد أن العبرة تبقى في الخواتيم.

عمان - عقدت اللجنة الملكية لإصلاح المنظومة السياسية في الأردن الثلاثاء اجتماعها الأول برئاسة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وبحضور ولي العهد الأمير الحسين، حيث تم طرح جملة من الاقتراحات من ضمنها تشكيل ست لجان فرعية حول قانون الانتخاب، ولجنة للشباب، ولجنة للأحزاب، ولجنة للتعديلات الدستورية، ولجنة للمرأة، ولجنة للإدارة المحلية.

وتم اقتراح تعيين مهند مبيضين ناطقا إعلاميا باسم اللجنة، لوضع الرأي العام أمام أبرز التطورات والقرارات المنبثقة عنها.

وأعلن العاهل الأردني الأسبوع الماضي عن تشكيل لجنة تتولى الإصلاحات السياسية المطلوبة، برئاسة رئيس الوزراء الأسبق سمير زيد الرفاعي، وعضوية 92 شخصية من مختلف المشارب الفكرية والسياسية.

واستقبل الأردنيون خبر تشكيل اللجنة بحذر مشوب بالكثير من الشكوك، خاصة وأنهم سبق أن عهدوا تشكيل مثل هذه اللجان والمبادرات، دون أن يتحقق الحد الأدنى من التغيير. وتتضاعف هذه الشكوك بتعيين الرفاعي على رأسها وهو شخصية جدلية من القصر، وسبق أن أطيح بها من رئاسة الحكومة في العام 2011 إثر هبة شعبية.

ووجه الملك عبدالله خلال الاجتماع الذي عقد في الديوان الملكي الهاشمي رسائل طمأنة للداخل بشأن جدية السير في الإصلاحات. وقال “هدفنا تطوير المنظومة السياسية، وصولا إلى الحياة البرلمانية والحزبية، التي تناسب الأردنيين ومسيرة الأردن الديمقراطية”، مبينا أهمية تحديد الهدف النهائي من عملية التطوير السياسي، من خلال خطة واضحة المعالم، وتوضيح الاتجاه المطلوب للمواطنين، وصولا إلى برلمان يضم أحزابا برامجية قوية.

سمير الرفاعي: اللجنة تتعهد بألا تحكم عملها قناعات مسبقة

وشدد العاهل الأردني على ضرورة إيجاد البيئة المناسبة لتوسيع قاعدة المشاركة السياسية، وضمان دور الشباب والمرأة في الحياة العامة. وأعرب عن أمله في أن يرى الأردنيين منخرطين في الحياة السياسية وواثقين بالعمل الحزبي، مجددا التأكيد على أن الأبواب مفتوحة لجميع الأفكار والمقترحات، والمطلوب جلوس الجميع على طاولة الحوار وأن تكون مصلحة الأردن والأردنيين الهدف الأساسي.

وأكد أن المسار السياسي يجب أن يتزامن مع مسار آخر اقتصادي وإداري، مشيرا إلى أنه وجه الحكومة لوضع برنامج عمل اقتصادي واضح المعالم خلال أسابيع، مرتبط بمدد زمنية محددة لتنفيذه.

ويواجه الأردن أزمة اقتصادية خانقة فاقمها تفشي جائحة كورونا وتغير أولويات الدول المانحة، الأمر الذي أدى إلى احتقان شعبي وتململ في صفوف الشارع، الذي يرى الجزء الأعظم منه أن المشكلة في المملكة تتجاوز ظروفا اقتصادية فرضتها أوضاع بعينها إلى خلل في المنظومة ككل، بسبب البيروقراطية وتفشي الفساد وغياب مسؤولين يملكون رؤية مستقبلية واضحة.

ويؤمن شق كبير بأن البلاد بحاجة إلى تغيير جذري لا يقتصر فقط على إدارة الوضع الاقتصادي بل مقاربة سياسية جديدة تؤسس لحكومات برلمانية تتولى زمام الأمور، لافتين إلى أن ما يتداول حول حصر المشكلة في تغيير قانون للانتخاب أمر غير منطقي، حيث أن هناك حاجة إلى منح الحياة السياسية والإعلامية جرعة كافية من الحرية والكف عن سياسة التضييقات.

ويشير نشطاء إلى أنه بالرغم من الضمانات التي تحدث عنها الملك عبدالله بشأن تطبيق ما سيجري الاتفاق بشأنه في اللجنة، إلا أنه لا يمكن الثقة في عدم حدوث تدخلات خلف الكواليس من قبل بعض القوى التي تنظر بقلق لأي تغيير، أو في المدى الذي يمكن أن تصل إليه، مشددين على أن العبرة تبقى بالخواتيم.

وقال رئيس اللجنة الملكية سمير الرفاعي خلال الاجتماع إن ضمان الملك للأردنيين والأردنيات، بتـبـني الحكومة لمخرجات عمل هذه اللجنة وتقديمها إلى مجلس الأمة دون تدخل أو تأثير، “يدفعـنا لأن نبذل ما فوق الجهد والطاقة”، مضيفا أنه لا مجال للخطأ.

وتابع أن اللجنة تتعهد بألا يحكم عملها قناعات مسبقة، ولا يعيقه تخندق وراء رأي، ولا يقيده انغلاق للعقول والقلوب، وأن أولويتها هي العمل من أجل تهيئة البيئة التشريعية والسياسية، ووضع قوانين انتخاب وأحزاب، وتوصيات في مجال الإدارة المحلية، وما قد يحتاجه ذلك من تعديلات في النصوص الدستورية.

وأوضح الرفاعي في كلمته أن اللجنة ستبذل قصارى جهدها لتحقيق الرؤى الملكية للتقدم والتحديث، مهتدية بالأوراق النقاشية الملكية، مشيرا إلى التنوع في تشكيل اللجنة وتركيبتها التي تعكس ثراء المجتمع الأردني الفكري والثقافي بكل أطيافه.

وقال “لن نتردد في أن نستعين في عملنا بكل بيوت الخبرة الأردنية، وما سبقنا إليه إخواننا من الباحثين والمختصين والذوات الوطنية المقدرة، في هذا المجال”، مضيفا أن التغيير المطلوب من الجانب التشريعي، ومسؤولية المؤسسات الرسمية، ليس رهنا بقانون واحد، بل هي حزمة تشريعية حية متطورة، تضمن التغيير المتدرج والمتناسب مع تطور المجتمع، واستشراف احتياجاته المستقبلية، وسط المنظومة السلوكية والثقافية الاجتماعية؛ وما عمل اللجنة إلا جزء من هذه الحزمة، وتلك المنظومة، يحتاج نجاحها إلى اهتمام المواطن ومتابعته.

2