انحدار الليرة يفاقم معضلة الديون الرديئة لدى المصارف التركية

الشركات التركية تعيش أزمة بسبب تفاقم تراجع قيمة الليرة وهو ما جعل الرئيس التركي يمارس ضغوطا على البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة.
الخميس 2020/06/25
قروض خطرة قابلة للانفجار

تؤكد أحدث المؤشرات أن التحديات المختلفة، التي تواجه المصارف التركية ازدادت حدّة خلال الفترة القليلة الماضية، خاصة بعد أن تلقت ضربة جديدة من وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني عمقت المخاوف بشأن استقرار النظام المالي مستقبلا في ظل القروض المتعثرة.

أنقرة- تواجه المصارف التركية خطر نضوب مستويات ودائع الأموال الخاصة في ظل تراجع قيمة الليرة مقابل الدولار، الأمر الذي يضعها في دائرة الخطر في ظل جبال الديون المتعثرة.

وقالت ستاندرد آند بورز غلوبال للتصنيف الائتماني في تقرير حديث إن تقديراتها تشير إلى أن القروض الرديئة في بنوك تركيا ستزيد إلى أكثر من 20 في المئة بحلول العام المقبل. وعزا خبراء الوكالة ذلك الأمر إلى ضغوط تتعلق بالركود الاقتصادي في البلاد وتسارع انحدار قيمة العملة المحلية.

ويقول محللون إن تلك النظرة المتشائمة تأتي بسبب دخول أنقرة في العديد من الأزمات وأيضا بسبب التقلبات الجيوسياسية العالمية، التي لا يمكن التنبؤ بها، ما سيبطئ النمو ويزيد من مخاطر الصدمات الاقتصادية أو المالية.

ورغم المستوى المنخفض نسبيا للقروض المتعثرة التي تقول تقارير إنه بلغ 4.6 في المئة في نهاية مايو الماضي، أشارت ستاندرد آند بورز إلى عدد من نقاط الضغط التي تواجهها المصارف التركية، بما في ذلك المديونية الكبيرة لقطاع الشركات مقارنة بأسواق ناشئة أخرى.

وقالت إن المخاطر تتفاقم بشكل أكبر بسبب بعض السمات الخاصة، وبالتحديد الإقراض المتسارع من خلال صندوق ضمان الائتمان ومؤخرا من خلال المصارف المملوكة للدولة. ولكن الأمر لا يقف عند ذلك الحد، بل إن النسبة العالية من الإقراض بالعملات الأجنبية تزيد من منسوب المخاطر.

ستاندرد آند بورز: القروض الرديئة ستتجاوز 20 في المئة بنهاية العام
ستاندرد آند بورز: القروض الرديئة ستتجاوز 20 في المئة بنهاية العام

وتظهر بيانات المؤسسات المالية الدولية أن مستوى الإقراض بالعملات الأجنبية في تركيا بلغ 37 في المئة تقريبا من إجمالي القروض الممنوحة. وتتوقع ستاندرد آند بورز بلوغ القروض المتعثرة ما بين 11 في المئة و12 في المئة بحلول العام المقبل، ما يزيد من معاناة المصارف التركية بشكل أكبر.

ويرجح خبراء الوكالة أن القروض المتعثرة، إضافة إلى القروض المجدولة، ستزيد إلى أكثر من 20 في المئة من القروض من حوالي عشرة في المئة في سبتمبر الماضي. وكان وزير المالية التركي براءت ألبيرق، صهر الرئيس رجب طيب أردوغان، دعا الثلاثاء الماضي المصارف إلى تسريع إعادة جدولة القروض.

وقال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية إن “الحكومة ستدعم تشكيل شركة لإدارة الأصول لتأخذ قروض الشركات التي تعاني مشكلات من جميع البنوك”. وتعتبر ستاندرد آند بورز أن الضوابط والتوازنات داخل النظام المؤسسي التركي ضعيفة، وهو ما يزيد المخاوف حيال جودة التنظيم واستقلال الجهة الرقابية والبنك المركزي.

وتعيش الشركات التركية أزمة بسبب تفاقم تراجع قيمة الليرة منذ بداية العام الحالي، وهو ما جعل الرئيس التركي يمارس ضغوطا على البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة. وكانت آخر خطوة قام بها المركزي لخفض سعر الفائدة في أبريل الماضي، من 9.75 في المئة إلى 8.75 في المئة في إجراء هو الخامس هذا العام رغم تراجع قيمة الليرة أمام الدولار.

وأشارت وكالة بلومبرغ الأربعاء إلى أن تركيا قد تخفض سعر الفائدة بربع نقطة مئوية إلى 8 في المئة الأسبوع الجاري ضمن إجراءات تقليص تكلفة الاقتراض التي بدأها المركزي العام الماضي، وسط توقعات بتفاقم معدل التضخم وهبوط العائد للمستثمرين.

تظهر بيانات المؤسسات المالية الدولية أن مستوى الإقراض بالعملات الأجنبية في تركيا بلغ 37 في المئة تقريبا من إجمالي القروض الممنوحة

ويطالب المستثمرون في تركيا الحكومة بتنفيذ إجراءات عاجلة لمعالجة مشاكل رأس المال المحتمل حدوثها جراء هذا الانهيار في القطاع المصرفي خاصة وأن هناك قروضا متعثرة وديونا أُعيدت هيكلتها بعشرات المليارات من الدولارات تضر بميزانيات المصارف.

ويؤكد محللون أن الشركات التركية قد تجد صعوبة في سداد ديونها بالعملة الصعبة في أعقاب الهبوط الحاد لقيمة الليرة هذا العام، وهو ما يضغط على الأرباح والاستثمار ويخلق المزيد من العوائق في طريق النمو الاقتصادي.

ويعكس تدهور قيمة الليرة بنسبة تقارب نحو 15 في المئة مقابل الدولار منذ مطلع العام، القلق في الأسواق. وقد بلغت العملة المحلية أدنى مستوى لها في التاريخ، الشهر الماضي حينما سجل الدولار 7.24 ليرة. وهذا الأمر يزيد الدين الساحق بالعملات الأجنبية، الذي يُثقل كاهل القطاع الخاص، وبالتالي لن تتمكن الشركات من سداد أقساطها الشهرية عن القروض التي أخذتها من البنوك.

10