انتهاء آجال إيداع لوائح المرشّحين للانتخابات في الجزائر

وسط أجواء من التجاهل الشعبي والرفض السياسي للاستحقاق تراهن السلطة على ورقة المستقلين لاستقطاب المشاركين وكسر هيمنة الأحزاب التقليدية على البرلمان.
الجمعة 2021/04/23
عزوف شعبي يؤرق مضاجع السلطة

الجزائر- انتهت منتصف ليل الخميس، آجال إيداع لوائح المرشّحين للانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في الـ12 من يونيو المقبل. ووسط أجواء من التجاهل الشعبي والرفض السياسي، يعتزم المنخرطون في المسار الانتخابي للسلطة المشاركة في صناعة مشهد سياسي باهت.

وسرّعت إدارات الأحزاب السياسية والمستقلين، من وتيرة الإجراءات بغية الالتزام بإيداع لوائح مرشّحيها في الآجال القانونية، التي انتهت منتصف ليل الخميس، لتفسح بذلك المجال أمام عمل سلطة تنظيم الانتخابات والإدارات المختلفة لدراسة الملفات والحسم فيها، والذهاب إلى مهلة الطعون، ثمّ مباشرة الحملة الدعائية.

من غير المستبعد أن تساهم الانتخابات المنتظرة، في ظهور أزمة سياسية واستراتجية قوية، بعدما قررت الأحزاب المنتمية إلى منطقة القبائل عدم المشاركة فيها

ووسط أجواء من التجاهل الشعبي والرفض السياسي للاستحقاق الانتخابي من طرف المعارضة الراديكالية والحراك الشعبي، تراهن السلطة على ورقة المستقلين المنضوين تحت لواء المجتمع المدني المدعوم من طرفها، لاستقطاب أكبر عدد من المشاركين، وكسر هيمنة الأحزاب التقليدية على البرلمان.

ويبدو أن السلطة مستعدة للتنازل حتى عن التشريعات التي سنتها مؤخرا في إطار قانون الانتخابات الجديد، بعدما أوعزت للهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات بمنح ضوء أخضر استثنائي للوائح التي لم تحقّق بعض الشروط التي أوجبها القانون، وعلى رأسها المناصفة بين العنصرين الرجالي والنسوي، وتخصيص ثلث اللائحة للشبان الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما.

وكانت العديد من الأحزاب السياسية والمستقلين قد اشتكوا مما وصفوه بـ”عدم مراعاة القانون للخصوصيات الاجتماعية لمختلف جهات البلاد، حيث لا يزال في الكثير منها يُتحفظ على دخول المرأة للمعترك للسياسي والانتخابات تحديدا”.

أسير طيبي: القانون الجديد للانتخابات تجاهل وجود المرأة في الممارسة السياسية

وأفاد رئيس حزب التجديد والتنمية أسير طيبي في تعليق أدلى به لـ”العرب”، حول قانون الانتخابات الجديد، بأنه “بقدر ما حمل تدابير غير مسبوقة تساهم في إضفاء الشفافية والنزاهة، بقدر ما تجاهل بعض الخصوصيات الاجتماعية الثابتة لدى قطاع عريض من الجزائريين، حول تواجد المرأة في الممارسة السياسية”.

ولفت إلى أن مسألة المناصفة يمكن العمل بها في المحافظات والمدن الكبرى، أما في المحافظات الداخلية والمناطق المحافظة، فالأمر يختلف تماما، ولذلك يتوجب على السلطة الوصية أخذ القضية بعين الاعتبار.

ولا تزال الأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها الأيديولوجية، تتحفظ على التصريح بتعداد اللوائح التي قدمتها، لأن الحضور الأولي هو امتحان أولي لها وقياس لشعبيتها، في ظل الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد منذ العام 2019.

ولم يستبعد محللون أن تتخلف قوى سياسية كبرى عن إيداع لوائحها في محافظات ما، بسبب تراجع السلطة عن تحالفاتها التقليدية، وتوجهها إلى المجتمع المدني، كمشروع شريك سياسي مستقبلي، وهو ما ظهر من إيداعات أولية للوائح مرشّحين مستقلين.

ولم يستكمل البرلمان الجزائري عهدته الأخيرة (2017- 2022)، بعدما قرر الرئيس عبدالمجيد تبون، حل الغرفة الأولى للبرلمان عشية إحياء الذكرى الثانية للحراك الشعبي، والذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة، في إطار خارطة طريق لإنهاء الأزمة السياسية المستفحلة في البلاد.

ومع لعب جميع الأوراق المتاحة لدى السلطة، لتحقيق ما تصفه بـ”التغيير السياسي المرن تلبية لمطالب الشارع”، يبقى العزوف الشعبي والمقاطعة السياسية هاجسا قويا يؤرق مضاجع السلطة، خاصة في ظل بوادر فشل الاستحقاق المذكور في تحقيق الأهداف المرجوة منه.

العديد من الأحزاب السياسية والمستقلين اشتكوا مما وصفوه بـ”عدم مراعاة القانون للخصوصيات الاجتماعية لمختلف جهات البلاد

ومن غير المستبعد أن تساهم الانتخابات المنتظرة، في ظهور أزمة سياسية واستراتجية قوية، بعدما قررت الأحزاب المنتمية إلى منطقة القبائل عدم المشاركة فيها، وأبرزها التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وجبهة القوى الاشتراكية، الأمر الذي يدرج المنطقة في خانة التمرّد على السلطة وقطع صلاتها بالدولة المركزية، مما سيعزز المقاربة الانفصالية التي يحملها بعض المتطرفين في المنطقة على غرار تنظيم “ماك” (حركة استقلال القبائل).

ورغم الدخول المحتشم لبعض الأحزاب السياسية والمستقلين للمنطقة المشكلة من عدة مدن ومحافظات في شمال البلاد، إلا أن إجماعا يسود سكان المقاطعة لمنع إجراء الاستحقاق الانتخابي، ولا يمكن أن يحقق أي حلحلة للأزمة في ظل غياب آليات مقنعة لأحزاب المنطقة وللمنطقة عموما، التي تمثل العمود الفقري للحراك الشعبي.

4