انتخابات حماس على مقاس قادتها: لا تغيير في الأفق

حماس تسعى، من خلال انتخاباتها الداخلية، إلى الترويج لصورة "ديمقراطية" مفقودة وغائبة عن فترة حكمها لقطاع غزة الممتدة منذ 2007.
الجمعة 2021/03/12
انتخابات أفرزت الوجوه ذاتها

حملت تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية عن “انتخابات حقيقية وليست صورية”، بعد إعادة انتخاب يحيى السنوار على رأس قيادة الحركة في غزة، رسائل إلى المشككين في العملية الانتخابية من داخل حماس نفسها، فيما اعتبرت كذلك محاولة من هنية للترويج لصورة ديمقراطية داخل حركته مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية الرسمية في الأراضي الفلسطينية.

غزة – اعتبرت دوائر سياسية فلسطينية أن الانتخابات الداخلية المستمرة في حركة حماس لاختيار قيادة جديدة تكشف عن عدم حدوث تغييرات جوهرية على مستوى القيادة، وأنها قد تحافظ على نفس الوجوه القيادية، لكنها أعادت التأكيد على التناقضات السياسية في خطابات الحركة.

وتسعى حماس من خلال انتخاباتها الداخلية، التي تستبق الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية، إلى الترويج لصورة “ديمقراطية” مفقودة وغائبة عن فترة حكمها لقطاع غزة الممتدة منذ 2007، والتي شهدت انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة.

وترى تلك الدوائر أن تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والموجود حاليا في قطر، تعمل على الترويج لصورة مغايرة عن أرض الواقع عبر حديثه عن وجود “ديمقراطية” شكك فيها قادة من داخل حماس نفسها خلال مراحل الانتخابات المتواصلة.

عدنان أبوعامر: فوز السنوار سيسمح باستكمال سياساته في غزة ومع الدول الإقليمية
عدنان أبوعامر: فوز السنوار سيسمح باستكمال سياساته في غزة ومع الدول الإقليمية

وقال هنية إن “العرس الانتخابي للحركة بدأ في غزة وسبقه في السجون (الإسرائيلية) ويواكبه في الضفة والخارج، هو تأكيد على مؤسسية الحركة رغم توزعها الجغرافي في الداخل والخارج”.

وبدأت حماس الشهر الماضي انتخاباتها الداخلية باختيار ممثلي المناطق الذين بدورهم ينتخبون ثلاثة مجالس شورى في قطاع غزة والضفة الغربية والخارج، ثم يختارون مسؤولي وأعضاء المكاتب السياسية لهذه المناطق الثلاث.

وتمهد هذه الانتخابات لاختيار رئيس وأعضاء المكتب السياسي العام للحركة والذي يضم 18 عضوا. وينتظر أن تجري الحركة الإسلامية انتخاب مكتبها السياسي نهاية الشهر الجاري، حيث يتنافس على منصب رئيس الحركة، رئيسها الحالي إسماعيل هنية ونائبه صالح العاروري، ورئيس الحركة السابق خالد مشعل.

وانتخب هنية رئيسا للمكتب السياسي عام 2017 خلفا لمشعل الذي امتنع عن الترشح في حينه بحسب قوانين ولوائح الحركة الداخلية التي تمنع ترشحه لولاية ثالثة، غير أن مشعل عاد بقوة في صورة الدورة الجديدة لانتخابات حماس وشكل منافسا بارزا لهنية علما وأن كليهما يقيم في قطر مع عدد من قيادات حماس في الخارج.

وترى مصادر فلسطينية أن حماس ستقدم مشعل أو هنية للانتخابات الرئاسية المقررة في نهاية يوليو القادم، على الرغم من حديث الحركة الإسلامية عن عدم حسم قوائمها الانتخابية بعد سواء للمشاركة في التشريعية أو الرئاسية.

وتقول تلك المصادر إن هناك توافقات مسبقة بين قيادات حماس على إعادة انتخاب هنية لدورة ثانية. ويؤكد تلك التوافقات حفاظ يحيى السنوار، وهو قيادي ومؤسس للجناحين الأمني والعسكري لحماس، على منصبه برئاسة المكتب السياسي لحماس في قطاع غزة.

ويعد السنوار الرجل القوي في القطاع واليد الطولى لجناحها العسكري “كتائب عزالدين القسام”، والذي ساهم بشكل أساسي في تثبيت الهدنة مع إسرائيل.

وكشفت العملية الانتخابية، التي تتكتّم عليها حماس بشكل كلّي، عن عمق الخلافات داخل الحركة الإسلامية، على الرغم من محاولة قادتها إخفاء الأمر والترويج لأنها انتخابات “حقيقية وليست صورية، وجرت بإشراف لجان انتخابية ورقابية وقضائية”، حسبما صرّح هنية.

ويرى مراقبون أن تصريحات هنية جاءت برسائل مباشرة لقادة من داخل حماس، بعد خروج الخلافات والانقسامات إلى العلن، وأيضا محاولة لاستثمار الأمر في الانتخابات التشريعية والرئاسية والترويج لصورة “الحركة الديمقراطية”.

وحتى اللحظة لم تظهر أي تفاصيل واضحة للقوائم الانتخابية سواء لحركتي فتح وحماس أو باقي الفصائل السياسية الفلسطينية، على الرغم من الحديث عن إمكانية اللجوء إلى قوائم انتخابية مشتركة تجمع أكثر من فصيل.

Thumbnail

وشهدت انتخابات قطاع غزة انقسامات عميقة داخل حماس على مستوى القيادة، بعد التنافس الشديد بين السنوار، ونزار عوض الله المحسوب على الجناح المتشدد في الحركة الإسلامية، الأمر الذي دفع إلى تأجيل الحسم في الانتخابات لأربع مرات متتالية.

وأظهرت تصريحات جديدة لقيادات في حماس عمق الخلافات والانقسامات التي تم نقلها من السر إلى العلن لأول مرة على مستوى مجريات الانتخابات وطرق الكشف عن تفاصيلها.

وقال القيادي في حماس والنائب في المجلس التشريعي يحيى موسى، الذي سبق له الحديث عن غياب مبدأ المساواة داخل الحركة، إنه يدعو السنوار إلى “عرض برنامجه للسنوات الأربع القادمة وخطته للدورة الانتخابية الجديدة على صعيد الحركة والارتقاء بها في جميع الميادين وعلى صعيد القضية وتصويب مسارها الوطني”.

ونادرا ما يتحدث قادة من حماس عن خلافاتهم الداخلية السياسية، وكثيرا ما وجّهت اتهامات للحركة الإسلامية بالقيام بمحاكمات داخلية وتصفيات لأعضائها خارج إطار القانون.

وكان موسى نفسه قد انتقد قبل يومين “عدم الالتزام بشروط سرّية الاقتراع”، وقال إنها “هي السبب في جولات الإعادة”، التي كانت تظهر تقدم نزار عوض الله على السنوار، قبل خروج النتيجة الأخيرة.

وجرت العادة أن تجرى انتخابات حماس الداخلية كل أربع سنوات سرّا، لكن هذه المرة هي الأولى التي يتم الإعلان في بيان فور انتهاء انتخاب السنوار. وبحسب عضو لجنة الإشراف على الانتخابات، فقد “جرت الثلاثاء ثلاث جولات تصويت شارك فيها كافة الأعضاء الذين يحق لهم التصويت لانتخاب رئيس الحركة في القطاع”.

ويرى محللون أن إعادة انتخاب السنوار رئيسا لحماس في غزة يعزز النهج السياسي الحالي لقيادة الحركة في الملفات الداخلية والخارجية، إضافة إلى عدم إمكانية حدوث تغيير في الأفق على مستوى القيادات السياسية التي ساهمت بشكل أساسي في الانقسام الداخلي الفلسطيني وتعكير العلاقات مع دول عربية وغربية.

Thumbnail

وقال المحلل السياسي الفلسطيني عدنان أبوعامر، إن “فوز السنوار يظهر أن الرجل يمسك بزمام الأمور بقوة داخل الحركة وخاصة مفاصلها الرئيسية بما فيها الجهاز العسكري”.

وأضاف “الفوز سيسمح للسنوار باستكمال سياساته، سواء في قطاع غزة أو مع الدول الإقليمية وأيضا في ما يتعلق بإدارة الصراع مع إسرائيل”.

وينتظر الفلسطينيون إجراء الانتخابات التشريعية في 22 مايو، والرئاسية في 31 يوليو، على أن تعتبر نتائج انتخابات المجلس التشريعي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، وعلى أن يتم استكمال انتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس 2021، وفق ما حددته مراسيم رئاسية.

2