اليوم الأول بعد الحرب

ثم بدأت التساؤلات بشأن اليوم الأول بعد الحرب، لكن المراقب للأحداث يجد وكأن إسرائيل أول من بادر إلى الحديث عن الموضوع، ونجد بنيامين نتنياهو بتصريحاته خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة يبدو وكأنه يحاول أن يفرض بتطرف نتيجة وواقعا معينا في غزة خاصة والمنطقة بشكل عام.
ثم تأتي خطة وزير الدفاع الإسرائيلي وتصريحات الوزراء الإسرائيليين، هنا وهناك.
أي يبدو أن الكواليس في إسرائيل تضج بالعصف الذهني والأفكار منها المخيف بتطرفه.
المشهد يبدو للمشاهد كالتالي:
◙ هذا العالم الذي لم يستطع في أي من التجارب السابقة تقديم أي حياة تحترم قيمة ووجود الإنسان
إسرائيل تضع خططا، تخرج بتصريحات، تناقش، وتفكر بشأن مصير الفلسطينيين ومصيرها وحاضر ومستقبل المنطقة دون أخذ بعين الاعتبار رأي المجتمع الدولي.. رأي واشنطن مثلا، أو أي اعتبارات لوجود أي طرف آخر.
والعالم يكتفي بالرد، يعترض، يستنكر.. لكن، هل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة كانت هناك أي مبادرات من الفلسطينيين بفصائلهم وسلطاتهم، أو من أي جهة عربية أو من المجتمع الدولي أو المدني لمحاولة وضع رؤية لأول يوم ما بعد الحرب، التي تبدو للأسف أنها مستمرة لفترة أطول؟ أو لا مناقشات جادة بشأن ذلك حتى الآن؟
إلى جانب الفعل العسكري المستمر، هل هناك أي أحاديث وحوارات ونقاشات بشأن الوضع الإنساني والسياسي والوجودي والأمني للفلسطينيين ولمعطيات المنطقة المتأثرة فكريا وعاطفيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، أيضا؟
بعيدا حتى عن الجانب الروحي والنفسي والعاطفي الذي يحتاج إلى انتشال واحتواء، هل هناك من يفكر بوضع خطط جدية: كيف ستكون الإدارة؟ من سيعيد إعمار كل هذا الركام؟ من سينتشل ما تبقى من أشلاء إنسان؟ من في هذا العالم المتهاوي والمتأرجح اقتصاديا في الأساس مستعد للدعم، للدفع، لتقديم الحياة؟
ومن مستعد لإعادة عجلة الحياة، وإعادة إنعاش تفاصيل الحياة اليومية، وتضميد الجروح المتعفنة، وترميم الفشل الإنساني الذي ضرب بقيم العالم أجمع عرض الحائط!
كيف يمكن الخروج من هذا النفق المظلم؟
◙ إسرائيل تضع خططا، تخرج بتصريحات، تناقش، وتفكر بشأن مصير الفلسطينيين ومصيرها وحاضر ومستقبل المنطقة دون أخذ بعين الاعتبار رأي المجتمع الدولي
هذا العالم الذي لم يستطع في أي من التجارب السابقة تقديم أي حياة تحترم قيمة ووجود الإنسان.. هذا العالم الذي طالما ترك أنصاف إنسان بعد كل حرب، يصارعون مصيرهم المجهول وتحدياتهم الحياتية اليومية.. لوحدهم.
نعود لنسأل، والأسئلة مشروعة: هل في الغرف المغلقة وأزقة هذا العالم يوجد عصف ذهني هائج الآن يبحث عن حلول منطقية بدلا من تعميق الأزمات أو تجاهلها؟
هل من خطط، أفكار، محاولات لوضع رؤية مستقبلية لواقع الفلسطينيين الأمني، الإنساني، الاقتصادي، الاجتماعي أو السياسي؟
هل من الممكن في مستقبل قريب أو بعيد أن تُسمع أصوات العقلاء أصحاب الفكر المعتدل، ومن العباقرة ومن يجدون الحلول في العُقد؟
هل من الممكن أن نجد خيميائيا قادرا على خلق الحياة من العدم، والعطر من العفن، والازدهار من الحطام؟