الوسائط الفنية تصل بين المرأة والمجتمع

"هنّ".. معرض فني يسرد قصصا من قضايا النساء.
الأربعاء 2022/04/06
مجتمع يحتفي بالنساء فنيا

ينساق البعض من المعارض الجماعية أحيانا نحو المضمون في تناس وتجاهل للترتيبات اللازمة والتقليدية للتعريف بالأعمال الفنية، ما يفقد تلك الأعمال جزءا كبيرا من أهميتها حتى وإن كانت تتمحور حول قضايا تشغل الجميع كقضايا المرأة العربية التي يتحدث عنها معرض “هن” المقام في بيروت.

افتتح في شهر مارس الماضي معرض جماعي فني في صالة تقع ضمن مُجمع تجاري كبير في بيروت تحت عنوان “هنّ” وذلك بمناسبة ما جرى على تسميته عالميا بـ”يوم المرأة العالمي”، ليستمر حتى الثامن من شهر يونيو القادم.

 وتضمن المعرض الذي يحتضنه فضاء “فسحة فن” مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية تراوحت ما بين اللوحات والصور الفوتوغرافية والمنحوتات والفيديو. وأقيم هذا المعرض الذي يستمر حتى الثامن من يونيو القادم بمبادرة من منظمة “في – مايل” وبالتنسيق مع آية أبوهواش ورنين الحمصي.

وضم المعرض ما يقارب 60 فنانا لبنانيا وعالميا غير أن معظم الأعمال هي للفنانات التي تجاورت أعمالهن مع باقي الأعمال ليجسدن بأسلوبهن ونظرتهن الخاصة المرأة بشكل عام.

حياة مرشاد: من المهم أن ندعم الفن الذي يضيء قضايا النساء

من الفنانين المشاركين على اختلاف خبرتهم وموهبتهم الفنية نذكر فلافيا قدسي وفاطمة مرتضى وجان مارك نحاس ولارا زنقول ومنصور الهبر وريتا عضيم وديانا عساكر وآيا أبوهواش ودزوفيغ آرنيليان وفيرن كورتيس ومنار علي حسن.

كل من دخل إلى الفضاء الرحب الذي خصص للمعرض سيشعر بالجهد والتنظيم اللذين وظّفا لأجل تتميم العرض. وهي مبادرة لا شك بأنها مهمة لناحية تحقيقها في مجمع تجاري مهم في زمن يشهد أزمة اقتصادية كبيرة. وقد أعطى هذا المعرض حيوية ما تخطت الأزمات المعيشية وجعلت من وقت التجوال في أرجاء مكان شبه خال بعد أن اعتاد أن ينغل بالناس فسحة أمل وإن كانت غائمة الملامح.

والحقيقة أننا لسنا متأكدين بأن معرضا فنيا بحتا كهذا كان سيحصل على فرصة إبصار النور في مجمع تجاري ضخم كهذا إن كان الزمن غير هذا الزمن الرديء الذي نعيشه. لذا كان من المهم جدا، إلى جانب الوقت والجهد اللذين صُرفا لتحقيقه، أن يحرص المنسقون على اتباع الخطوات “التقليدية” التي تسبق وترافق دوما أي معرض فني. ونقصد هنا إصدار بيان صحافي يتم فيه ذكر المضامين الفنية والفكرية للمعرض على أنه ليس مجرد جمع لأعمال فنية تتعلق بالمرأة بشكل عام، وعام جدا.

وربما كان سيكون من الأفضل لو نُفذ بيان صحافي حضرت فيه معلومات أساسية كأسماء الفنانين وجنسياتهم وقياس الأعمال، والمواد المستخدمة وعناوين الأعمال في حال وجدت وأيضا بضع كلمات من الفنانين المشاركين عن منطق عملهم الفني، ربما لو وجد هذا البيان الصحافي، أو وجد على الدوام شخص مسؤول عن الصالة، أو لنقل “فضاء العرض” يستطيع أن يمد الزائر عند مروره ببضعة معلومات إضافية أو توضيحية لكان المعرض سيخرج من منطق البازار الجاري على هامش حدث كبير أو لغياب الحركة في مجمع تجاري غادره العديد من رواده.

وبغض النظر عن أهمية العديد من الأعمال الفنية المعروضة، لم يخرج هذا المعرض من سياق حدث اجتماعي – نسوي مشكور لدعمه لقضايا المرأة.

وكان سيجمع هذا المعرض المجد من أطرافه إن لم تنحصر أهميته في كونه “إفساح مجال” لسرد بصري لهموم المرأة من قبل فنانات وفنانين يخاطبون أو “يفككون رموز المرأة” في أعمالهم الفنية.

بغض النظر عن أهمية العديد من الأعمال الفنية المعروضة لم يخرج المعرض من سياق حدث اجتماعي – نسوي لدعمه لقضايا المرأة

وقد ذكرت في سياق هذا الحدث الاجتماعي – الفني رئيسة جمعية “في مايل” حياة مرشاد قائلة “أحببنا هذا العام أن نساهم بهذا المعرض الذي يهدف إلى تسليط الضوء على قضايا وقصص النساء بطرق مختلفة من خلال استخدام الفن. هناك العديد من الفنانين والفنانات الذين يشاركون ويعبّرون بأعمالهم عن المرأة وقضاياها بطرق مختلفة، لذلك وجدنا أنه من الأهمية أن ندعم الفن الذي يضيء قضايا النساء، في الوقت نفسه من الأهمية أن نقول في يوم المرأة العالمي إن هناك طرق تعبير مختلفة، مثل التعبير بالفن والثقافة”.

وأضافت “في كل الأوقات قضايا المرأة لا تعتبر أولوية يا للأسف، واليوم مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ارتفعت الأصوات التي تسأل عن أهمية طرح قضايا المرأة في ظل كل الأزمات، ولكننا نكرر دائما أن قضايا المرأة هي قضايا حقوق إنسان ولا يمكننا أن نحدد الوقت الذي نطرح فيه قضايا المرأة، بل الوقت ملائم دائما، إذ أن قضايا النساء هي قضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية تتقاطع بكل المجالات”.

وبالنسبة إلى معنى هذا المعرض فقد اعتبرت أنه ليس يوم احتفال بقدر ما هو “يوم لنجدد النضال ونطالب بالقضايا التي نطالب بها منذ سنوات وطالبت بها النساء قبلنا ولنرفع الصوت حولها، ونقول إننا سنكمل حتى نصل لليوم الذي تنتهي فيه معاناة النساء خلف الأبواب المغلقة، وينتهي فيه التهميش والتعنيف وإقصاء المرأة فقط لأنها امرأة”.

أما القيمتان على المعرض أبوهواش والحمصي فذكرتا أن “أهميّة هذا المعرض الجماعي تكمن بالسرد القصصيّ والتواصل من خلال الفن (والمقصود هنا بطبيعة الحال تواصل المرأة مع المجتمع من خلال مختلف الوسائط الفنيّة)، وصولا لضرورة إبراز القوّة الكامنة في الفن”.

كما أوضحت رئيسة مجلس إدارة المجمع التجاري ديانا فاضل أن زائري هذا المعرض سيقفون وجها لوجه أمام “السيراميك، البرونز، الطلاء، المادة الصمغيّة، الألوان الزيتيّة، فن اللصق، التصوير، المنحوتات، الفيديو، والمُلصقات التي يتم وشمها على الجسد وغيرها من الوسائط. كلها وسائط وظفت في أعمال تشهد بدورها أن النساء عبر القرون انشغلن في وهب الحياة وتربية الأجيال، وهذه المسؤوليات منحتهن القوّة العظمى لتحويل الألم إلى حب والنضالات إلى أمل والندوب إلى ذكريات”.

ويبقى الأمل بأن تتحول هذه الفسحة الفنية إلى فضاء مكرس للفن يتم الترويج له على أنه لا يقل أهمية عن أي صالة فنية عريقة هدفت منذ بدايتها إلى جانب الربح، إلى نشر الفكر والإعلاء من شأن الفن ودوره في تطوير المجتمعات لاسيما تلك الراضخة تحت ضغوط جمة.

Thumbnail
Thumbnail
Thumbnail
14