النهضة تناور بقبول تفويض جزئي لصلاحيات البرلمان

تونس – أثارت دعوة رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفـاخ، البرلمان إلى تفويض صلاحياته للسلطة التنفيذية لاستعجال اتخاذ القرارات الطارئة في مواجهة تداعيات وباء كورونا، جدلا سياسيا حادا في البلاد، بعد أن صنفته حركة النهضة (54 نائبا) ضمن خانة محاولات تحييدها من المشهد العام، ما يذكي صراع الصلاحيات بين مؤسسات الحكم.
وترى حركة النهضة الإسلامية (المشاركة في الائتلاف الحكومي) في تفويض صلاحيات البرلمان للسلطة التنفيذية محاولة سياسية لإقصائها من المشهد السياسي وتهميش دور البرلمان الذي تمثل أكبر كتلة نيابية فيه.
والخميس، أصدرت الحركة بيانا قالت فيه إنها تقبل تفويض صلاحيات البرلمان للسلطة التنفيذية فقط فيما يتعلق بمكافحة جائحة كورونا، ما اعتبره مراقبون مناورة سياسية لتفادي غضب الشارع التونسي من ارتباك اتخاذ الإجراءات وتأجيج الصراع مع السلطة التنفيذية.
ويرى مراقبون أنه لا يمكن فصل مجالات عن أخرى في مكافحة تفشي الوباء فكل القطاعات والمجالات مرتبطة ومتداخلة، مشيرين إلى أن الحركة تعمدت الغموض في موقفها، ما يطيل أمد التجاذبات السياسية.
وتطالب الحكومة التونسية بتمكينها من إصدار قوانين في شكل مراسيم عوض قوانين برلمانية لمدة شهرين من أجل التحرك بسرعة في مواجهة تداعيات الوباء الصحية منها والاقتصادية والاجتماعية.
وينص الفصل 70 من الدستور التونسي على أنه “يمكن لمجلس نواب الشعب بثلاثة أخماس أعضائه (131 نائبا من جملة 217) أن يفوّض بقانون لمدة محدودة لا تتجاوز الشهرين ولغرض معين إلى رئيس الحكومة، إصدار مراسيم تدخل في مجال القانون تُعرض حال انقضاء المدة المذكورة على مصادقة المجلس”.
واعتبر المحلل السياسي بولبابة سالم في تصريح لـ”العرب” أن “الصلاحيات التي يمنحها الفصل 70 تربك بدرجة أولى مصالح رئيس البرلمان راشد الغنوشي”.
وأضاف سالم أن “رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ سيحاول استغلال الأزمة لكسر سطوة راشد الغنوشي على البرلمان والزجّ بالبلاد في مربع الارتباك”.
وتعول حركة النهضة على أصوات كل من حليفها الإسلامي ائتلاف الكرامة (19 نائبا) و حزب قلب تونس (29 نائب)، لصاحبه قطب الإعلام نبيل القروي، من أجل التصدي لما تعتبره محاولات السلطة التنفيذية الاستيلاء على الحكم.
وفي جلسة برلمانية صاخبة عقدت الخميس، اتهمت النائبة عن التيار الديمقراطي سامية عبّو رئيس البرلمان راشد الغنوشي بـ”تقديم مصالحه السياسية” على مصالح المواطنين.
وقالت عبّو متوجهة للغنوشي “تخشى الفصل 70 لأنك خائف من خسارة السلطة”، منتقدة تواصل انعقاد الجلسات البرلمانية، في ظل دعوة وزارة الصحة جميع المواطنين إلى ملازمة بيوتهم.
وتُحمّل أطراف سياسية مختلفة حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي، أكثر من غيرهما، مسـؤولية تواصل الارتباك الذي يتسم به عمل السلطة التنفيذية منذ منح حكومة الفخفاخ ثقة البرلمان بأغلبية ضعيفة في نهاية شهر فبراير الماضي.
وساندت حركة تحيا تونس التي يرأسها رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد، دعوة الفخفاخ لتمكينه من صلاحيات استثنائية لحسن إدارة الأزمة، كما دعت إلى تفويض الصلاحيات عدةُ جهات سياسية أخرى غير ممثلة في البرلمان.
وتصاعدت حدة الخلافات على الصلاحيات، إثر توجيه رئيس البرلمان راشد الغنوشي نصائح للمواطنين والحكومة من أجل التوقي من وباء كورونا اعتبرها رئيس الجمهورية قيس سعيد “مناكفة سياسية” وتعديا على صلاحيات السلطة التنفيذية.