النساء المتزوجات أكثر ميلا لارتكاب الجريمة من الفتيات

اضطراب السلوك والتوجه نحو الجريمة غالبا ما يرجعان إلى عدم الاستقرار الأسري والاجتماعي والنفسي، أو إلى غياب دور الواعظ في الحياة العائلية للشخص.
الخميس 2019/07/04
قسوة التجارب دافعة للجريمة

أثارت نتائج دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، في مصر الدهشة في صفوف غالبية المصريين حيث أظهرت أن المرأة المصرية المتزوجة أكثر ميلا لارتكاب الجريمة مقارنة بالفتيات اللاتي لم يسبق لهن الزواج، وتجاوزت نسبتهن من عينة الدراسة النصف في حين سجل الرجال معدلات أقل في الميل لارتكاب الجرائم من النساء المتزوجات، الأمر الذي علق عليه باحثون بسقوط مقولات تتعلق برومنسية المرأة أهمها مقولة الجنس اللطيف.

القاهرة- اتخذت دراسة قام المركز القومي للبحوث الاجتماعية الجنائية عينة ممثلة للمجتمع المصري، وجاءت نتائجها لتؤكد أن الإناث المتزوجات أكثر ميلا لارتكاب الجرائم، وذلك بنسبة 50.6 بالمئة من العينة، مقابل 41.3 بالمئة للذكور، كما أن سجن النساء بالقناطر به أكثر من 1500 سجينة تتراوح أحكامهن ما بين الإعدام والسجن وقد كن متزوجات قبل دخولهن السجن، وأعمارهن من 30 إلى 40 سنة.

وكانت دراسة سابقة قد أكدت أن 3 بالمئة من السجينات في مصر مسجلات “خطر” سبق اتهامهن في قضايا أخرى، وتعرضن للإيذاء البدني، وللاغتصاب، ومارسن البغاء والبلطجة.

من ناحية أخرى كشفت عمليات المسح التي قام بها باحثون تابعون للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر، أن عدد السيدات المسجلات “خطر” في مصر بلغ 43 ألف سيدة، إلى جانب الآلاف من الأزواج الذين يعيشون مع زوجات من المسجلات “خطر”.

وكانت هدى (تاجرة مخدرات) وإحدى الزوجات المسجلات “خطر”، تحلم بالثراء السريع فوقعت في فخ تجارة المخدرات، وكانت ضحية أبوين منفصلين، وأم تعشق المال، وأخوين من تجار المخدرات، ولم يكن زوجها يعلم بأنها مسجلة “خطر”، بعد أن تعرّف عليها صدفة، وبعد الزواج فوجئ الزوج العامل البسيط بأن زوجته الحسناء مسجلة “خطر مخدرات فئة (أ)”.

وقالت له هدى إنها على قناعة بما تفعله وأقنعته بالانخراط معها في تجارتها بحجة أنه عامل بسيط، ودخله اليومي لا يكفي احتياجاتهما، حتى تمّ القبض عليه أولا، ثم تمّ القبض عليها في منزلها وبحوزتها حشيش ومخدرات.

المرأة المسجلة "خطر" غالبا ما تحوّل زوجها إلى مجرم
المرأة المسجلة "خطر" غالبا ما تحوّل زوجها إلى مجرم

من جانبها أكدت حنان في التحقيقات التي أجرتها معها النيابة بتهمة قتل مدرس بمحافظة المنيا بوسط الصعيد، أنها ضحية قصة حب لم تنته النهاية الشريفة، وكانت تعيش مع والديها الفقيرين، وتقدم لخطبتها شخص يكبرها بعشرين سنة، وافق والدها على الفور، وتمّ زفافها في حين أنها على علاقة حب مع مدرس بالمنطقة، وبعد زواجها لم تنقطع قصة الحب بينهما بل كانت تقابله، وفجأة تزوج المدرس من زميلته بنفس المدرسة وتحوّلت قصة الحب إلى سراب، وتحوّلت حنان إلى فتاة ليل بعد أن توفي زوجها وتمّ القبض عليها، وبعد خروجها عادت لتمارس نشاطها، فهي جميلة وتقيم بمفردها ولم تنجب من زوجها الكهل، وتقدم لها رجل آخر يطلب يدها أعجبه حسنها ولباقتها فوافقت على الفور وتزوجها، وبعد عام واحد اكتشف الزوج أن زوجته مسجلة “خطر آداب”.

أما أم حورية فهي سيدة تبلغ من العمر 58 سنة، احترفت السرقة والنشل منذ 25 عاما، حتى تزعّمت عصابة لسرقة الأطفال حديثي الولادة من المستشفيات، وبيعهم للسيدات اللاتي لا ينجبن وللأثرياء، وعندما علم زوجها بأن زوجته مسجلة “خطر سرقات” قام بتطليقها، بعد أن أنجب منها بنتين، تزوجت الكبرى بعامل، وبعد أن أنجبت طفلة سرقتها جدتها اللصة وباعتها لسيدة تقيم في المهندسين، متزوجة من ثري، سلّمت أم حورية الطفلة للسيدة بمقابل مادي مغر، وكان سقوطها عندما قامت بسرقة طفل حديث الولادة من أحد المستشفيات العامة، وذلك لبيعه لسيدة عاقر.

ويعتبر استشاري الطب النفسي، عبدالعزيز فكري، أن المرأة المسجلة “خطر” غالبا ما تحوّل زوجها إلى مجرم، وأن المسجل “خطر” يستمد اكتساب الخبرة والقدرة على العطاء وإنكار الذات من الأسرة والمحيطين به، كما أن استقرار الحالة الوجدانية والفكرية يؤثر على سلوكه.

وأشار المختص النفسي إلى أن اضطراب السلوك والتوجه نحو الجريمة غالبا ما يرجعان إلى أسرة مفككة، أو إلى غياب دور الواعظ في الحياة العائلية للشخص، فعدم الاستقرار الأسري والاجتماعي والنفسي، يؤدي في أغلب الحالات إلى حدوث اضطرابات في السلوك.

دوافع الجريمة عند المرأة تختلف تماما عنها عند الرجل، لأن الرجل دائما يبحث عن الجانب المادي، وينظر إلى الأمور بنظرة عقلانية، أما المرأة فتبحث عن الحماية والأمان

وتصنف اضطرابات السلوك التي تنحرف نحو الإجرام في خانة العداء نحو المجتمع، حيث نجد المسجلين “خطر” ومحترفي الجريمة شخصيات سيكوباتية غير مستقرة نفسيا، وغالبا ما يكونون مصابين بشرخ في الشخصية، ويستكملون بناء الشخصية العدائية من خلال السعي لإيذاء المحيطين بهم.

ويرى فكري أنه يجب توجيه السجينات بعد خروجهن من السجن إلى التأهيل النفسي والاجتماعي عبر الجمعيات، ومتابعة حالاتهن في سبيل إعادتهن إلى المجتمع أسوياء.

ومن جهتها، تؤكد أستاذة علم الاجتماع، سامية خضر، أن دوافع الجريمة عند المرأة تختلف تماما عنها عند الرجل، لأن الرجل دائما يبحث عن الجانب المادي، وينظر إلى الأمور بنظرة عقلانية، أما المرأة فتبحث عن الحماية والأمان وصدق العاطفة والاستقرار الأسري، وعندما تعامل بقسوة وتفقد الإحساس بالأمان أو الاستقرار تكون أكثر استعدادا لارتكاب الجرائم، والمسجلة “خطر” تؤثر على المحيطين بها كأولادها وزوجها، وكأنها معمل لتفريخ المجرمين.

21