المقاربة الأمنية في معالجة الأزمة الداخلية تمهد لتدويل الوضع السياسي في الجزائر

الجزائر – تواصل وضعية سجناء الرأي إلقاء ثقلها على المشهد السياسي في الجزائر، لاسيما مع استمرار السلطة في التعاطي عبر المقاربة الأمنية لمعالجة الأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد منذ أكثر من عام، ما فتح المجال أمام تدويل القضية عبر بوابة البرلمان الأوروبي.
ونطقت محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، الخميس، ببراءة عدد من الناشطين السياسيين المنضوين تحت لواء جمعية “راج” المعارضة، ويتعلق الأمر بكل من بويدر حميمي، عيسوس ماسينيسا، جلال مقراني، وكمال ولد علي، والذين توبعوا منذ توقيفهم في شهر يونيو الماضي، بتهمتي “التحريض على التجمهر غير المسلّح، وعرض وتوزيع منشورات من شأنها المساس بالوحدة الوطنية”.
وجاء القرار القضائي بشكل يبعث على التهدئة السياسية في البلاد، استجابة لعدد من الأصوات التي طالبت السلطة الجديدة بضرورة الذهاب إلى إطلاق سراح الموقوفين في إطار الاحتجاجات السياسية، وفتح حوار سياسي شامل لبلورة خارطة طريق تخرج البلاد من المأزق المظلم.
وكانت عدة قوى سياسية وشخصيات مستقلة على غرار ما يعرف بـ”مجموعة العشرين”، قد توجهت منذ نحو عام إلى القيادة العليا للبلاد بعريضة ضمّنتها جملة من المطالب، أبرزها إطلاق سراح الموقوفين في إطار الاحتجاجات السياسية وفتح الحريات السياسية والإعلامية أمام المعارضة.
لكن تزامن الخطوة المذكورة، مع قرار حجب عدة مواقع إخبارية ناقدة في الجزائر، يذهب إلى غير تطلعات المتفائلين بإمكانية فتح مرحلة سياسية في البلاد، خاصة بعد ظهور بوادر تدويل للأزمة السياسية ودخول البرلمان الأوروبي على خط الأوضاع السياسية في الجزائر، ويبقي الغموض قائما حول استراتجية السلطة في التعاطي مع المستجدات المسجلة.
وينتظر أحد أبرز نشطاء الحراك الشعبي، صدور حكم القضاء في حقه خلال الأسبوع القادم، بعدما التمست النيابة العامة في حقه ثلاث سنوات سجن نافذة وغرامة مالية، ويتعلق الأمر بالمنسق العام لحزب الاتحاد الديمقراطي والاجتماعي (غير معتمد) كريم طابو، الذي قضى عدة شهور في السجن بتهمة الإساءة لمؤسسة الجيش وإحباط معنوياته وتهديد الوحدة الوطنية، قبل أن يتم الإفراج المشروط عنه مؤخرا.
وكان الناشط السياسي، ورئيس حزب حركة التغيير ( غير معتمد) رشيد نكاز قد طالب، من سجن القليعة غربي العاصمة، في رسالة توجه بها إلى وزير العدل بلقاسم زغماتي، بـ”الإفراج عنه بعد انقضاء فترة سجنه المؤقت القانونية”.
وقال نكاز في الرسالة التي نشرت على حسابه الشخصي في فيسبوك، بأن “تجديد سجنه تم يوم الخامس من أبريل 2020 وهو تاريخ توقيع الأمر، بينما كان يتوجب أن يوقع القرار في الرابع من الشهر ذاته، طبقا لنص المادة 128 من قانون الإجراءات السارية”.
وذكر المتحدث السجين الذي ينتظر المحاكمة، بأن “تجديد فترة سجنه المؤقت بأثر رجعي هو ظلم سافر يمارس علي، وهو نفس الظلم الذي تعرضتم (الوزير) له لما أصدرتم مذكرة توقيف دولية في حق وزير الطاقة السابق شكيب خليل العام 2010، وما أردفته من إجراءات تأديبية في حقكم بسبب ذلك”.
وطالب نكاز، بـ”إلغاء قرار غرفة الاتهام الصادر في نوفمبر الماضي، والقاضي برفض الإفراج عنه مؤقتا”. مؤكدا “أنني اليوم في حالة سجن تعسفي وغير قانوني وظالم في مؤسسة إعادة التربية بالقليعة ولاية تيبازة، وأطلب منكم السعي وفق صلاحياتكم لإلغاء القرار غير القانوني وغير المؤسس لقاضي غرفة الاتهام المؤرخ في الـ11 نوفمبر 2020 ، والتصريح بوقف هذا القرار أو إلغائه لعدم احترامه القانون”.
وشدد المتحدث الذي كان أبرز المعارضين للسلطة منذ العام 2013، وخاض عدة مواجهات ضد رموز النظام السابق والحالي داخل البلاد وخارجها، على أنه “لا يلتمس عفوا أو مزية غير مستحقة، وإنما هو ببساطة طلب تطبيق القانون فقط”.