المغرب يقطف ثمار خصخصة الشركات العامة

بدأ المغرب يقطف ثمار خصخصة بعض الشركات العامة التي كانت عبئا يثقل كاهل الموازنة العامة، حيث مكنت عمليات التفويت الحكومة من التقاط أنفاسها والتخلص من عبء الشركات الخاسرة والاستفادة من عائدات عمليات التفويت في هذه الشركات.
الرباط - حققت سياسة الرباط في خصخصة الشركات منافع ملحوظة للاقتصاد، حيث ساهمت في تخفيف أعباء التمويل والإنفاق العمومي ودعمت خزانة الدولة بإيرادات إضافية فضلا على تحسين أداء الشركات.
ونشرت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة الاثنين مذكرة توضيحية تتعلق بعائدات الخصخصة وعمليات تفويت مساهمات الدولة في بعض الشركات.
وكانت الحكومة قد عرضت العام الماضي مجموعة من المؤسسات والشركات العمومية للبيع في إطار إطلاق برنامج الخصخصة ضمن برنامج تفويت.
واستفادت الميزانية العامة للدولة من عائدات الخصخصة باعتبارها المداخيل الناتجة عن عمليات التفويت إلى القطاع الخاص والتي تشمل شركات عمومية مدرجة في قائمة الخوصصة، وتدرج مناصفة، في الميزانية العامة للدولة وفي صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتم حصر برنامج التحويلات في تفويت بعض مساهمات الدولة لفائدة فاعلين عموميين بالإضافة إلى تفويت مساهمات ذات أقلية مباشرة وغير استراتيجية.
وقال الخبير الاقتصادي رشيد الساري لـ”لعرب” إن “هدف الحكومة من خصخصة المؤسسات تحصيل واحد مليار دولار إضافة إلى المساهمة الضريبية التضامنية من جهة، وخلق طرق مبتكرة للتمويل عبر إحداث شراكات بين القطاع العمومي والقطاع الخاص لتحصيل مبلغ 3.2 مليار دولار سيمكن حسب توقعات الحكومة قانون المالية 2021 من تخفيض نسبة العجز من 7.5 في المئة إلى 6.5 في المئة من جهة ثانية”.
وأضاف الساري أن “هذه العملية ستؤدي حتما إلى تفادي اللجوء إلى الديون الخارجية في وقت العالم يعيش فيه إغلاق شبه تام جراء وباء كورونا”.
ويرى مسؤولون بوزارة الاقتصاد أن عمليات الخصخصة ستندرج في إطار رؤية مندمجة تهدف في نفس الوقت إلى خلق تفاعلات في ما بين الفاعلين العموميين وإلى تعزيز أدائهم.
ويندرج هذا البرنامج، الذي سيتم إعداده في إطار مرحلة استئناف النشاط ما بعد کوفید – 19، في إطار عمليات ضبط حجم القطاع العام من خلال تسریع عمليات تفويت المساهمات المملوكة بالأقلية المباشرة وغير المباشرة.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد عين في أبريل الماضي، الهيئة المكلفة بتقويم المنشآت العامة المراد تحويلها إلى القطاع الخاص، حيث تعمل هذه اللجنة على المساعدة والمواكبة في عمليات الخصخصة التي تقدم عليها الحكومة.
ودرجت الحكومة المغربية على عمليات الخصخصة بشكل سنوي منذ سنة 1993 تاريخ اعتماد قانون الخصخصة إلى حدود سنة 2007، لتعود من جديد سنتي 2011 و2016، ثم توقفت من جديد لتعود خلال العام 2019 حيث تم بيع حصة 8 في المئة من رأسمال الدولة في شركة اتصالات المغرب لضخ حوالي 8 ملايين درهم (970 مليون دولار) في ميزانية الدولة.
ويطرح خبراء اقتصاد مغاربة جدوى خصخصة شركات ومساهمات الدولة، حيث أن أعدادا كبيرة من العمليات حولت شركات وطنية كبيرة إلى قطاع خاص دون أن تكون النتائج إيجابية كشركة سامير، التي تدهور أداؤها بعد تفويتها، ودخلت مسطرة التفويت القضائية دون نتيجة.
وترى الحكومة أن الخصخصة تدخل ضمن خطة إعادة هيكلة قطاع المؤسسات والشركات العمومية في إطار إصلاح القطاع العام، ودافع وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة محمد بنشعبون عن هذا المسار مشيرا إلى أن البلاد اليوم في حاجة ماسة لكي يوضع كل درهم في مكانه المناسب.
وحسب معطيات صادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، تأثرت مخططات أعمال الهيئات القابلة للخصخصة وآفاق تطورها بشكل واضح، بفعل تداعيات الأزمة الصحية.
وقد فقدت شركة استغلال الموانئ وشركة اتصالات المغرب، متوسط قيمة بنسبة 11.6 في المئة و10.1 في المئة على التوالي، منذ بداية سنة 2020 إلى حدود 2 أكتوبر 2020 في الوقت الذي توقفت فيه أنشطة فندق المامونية منذ بداية الجائحة، ما سيؤدي إلى تدهور الوضعية المادية للفندق وبالتالي مخطط أعماله.
وقال الخبير الاقتصادي رشيد الساري إن “الحكومة لجأت إلى أسهل الطرق لجلب المال والتخفيف من العجز في وقت كان الأجدر فيه البحث عن طرق مبتكرة لجلب الأموال وإنعاش الاقتصاد الوطني”.
وتابع الخبير أن “كل عملية للخصخصة غير مدروسة كما هو الحال في حالة لاسامير هي عملية انتحارية ربما ستضر أكثر بالاقتصاد المغربي”، مؤكدا أنه “مع خصخصة هادفة تقوم على مبدأ رابح رابح على المدى المتوسط والبعيد”.
وحسب تقرير وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، أثرت عمليات الخصخصة بصفة إيجابية على الشركات التي تم تفويتها، حيث تمكنت الشركات التي تمت خصخصتها، بفضل اقتنائها من طرف شركاء صناعيين على المستوى المحلي أو الدولي، من الانخراط في استراتيجيات المجموعة واقتحام أسواق جديدة بفضل الشبكات الدولية للشركاء الاستراتيجيين وكذا تطوير خبراتها وإنتاجيتها، مما مكن من تقوية تنافسيتها.