المركزي الليبي يكافح للإفلات من تقاطع نيران الصراع

مصرف ليبيا المركزي يؤكد حمايته للمصارف رغم عقبات تسليم الأموال.
السبت 2019/07/27
حالة طوارئ اقتصادية حتى إشعار آخر
 

تؤكد المؤشرات تضاؤل هامش تحرك مصرف ليبيا المركزي لتفادي تداعيات الصراع المسلح بين حكومتي الشرق والغرب، للحفاظ على دوره كحائط الصدّ الأول لحماية مصارف البلاد رغم عقبات تسليم الأموال في مناطق الأطراف المتنازعة، في وقت يزداد فيه وضع الاقتصاد قتامة مع انسداد الأفق السياسي.

لندن - أكد مصرف ليبيا المركزي في طرابلس أن الهجوم الذي يشنه الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر على العاصمة أدخل إصلاحات اقتصادية وليدة في دائرة الشك وجدد مشكلات السيولة.

وأكد محافظ المصرف الصديق عمر الكبير في مقابلة أجراها مع وكالة رويترز في لندن أنه لا اتصال له حاليا برئيس فرع مواز للبنك المركزي في شرق البلاد، وأن هذا المأزق نتج عن الانقسام السياسي في ليبيا.

ومنذ العام 2014، انقسمت ليبيا بين حكومتين متنافستين وتحالفين عسكريين في طرابلس وفي الشرق، وهو ما أثر على مؤسسات رئيسية مثل البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط.

ورغم ذلك، ما زالت إيرادات النفط، المصدر الرئيسي لدخل ليبيا، يديرها البنك المركزي في طرابلس، حيث مقر الحكومة المعترف بها دوليا.

ومع تذبذب إنتاج النفط على مدى السنوات الخمس الأخيرة، بزغت سوق سوداء كبيرة للنقد الأجنبي، وعانت البنوك من نقص في السيولة، وهبطت مستويات المعيشة للّيبيين بشكل حاد.

ويتجه معظم الإنفاق لتغطية الرواتب الحكومية المتضخمة والدعم، لكن الكبير قال إنه تقرر تخصيص 5 مليارات دينار (3.58 مليار دولار) في وقت سابق من هذا العام للإنفاق على مشروعات تنمية متجمدة منذ العام 2010، من بينها مدارس وجامعات وطرق.

لكن خطط الإنفاق هذه تعطلت حين شن الجيش الوطني الليبي هجوما على العاصمة في مطلع أبريل الماضي لملاحقة الإرهابيين هناك، في الوقت الذي كانت الأمم المتحدة تستعد فيه لإجراء حوار وطني في إطار جهود لتوحيد البلاد.

وقال الكبير “كان هناك بصيص من الأمل في شهر أبريل. لقد تفاجأنا بصراحة ولم نكن متوقعين الهجوم العسكري الذي قام به خليفة حفتر على طرابلس”.

وتقدمت قوات حفتر بسرعة من الجنوب، لكنها لم تتمكن من التقدم في ما وراء ضواحي طرابلس.

الصديق الكبير: لقد تأخرنا كثيرا في مواجهة السوق السوداء للنقد الأجنبي
الصديق الكبير: لقد تأخرنا كثيرا في مواجهة السوق السوداء للنقد الأجنبي

وعرقل القتال تسليمات الأموال لبعض البنوك خارج العاصمة، حسبما قال الكبير، وهو ما أدى إلى أزمة سيولة، كانت قد انفرجت بعد فرض رسوم العام الماضي على معاملات العملات الأجنبية بسعر الصرف الرسمي لكن الطوابير أمام البنوك لم تنحسر.

وتابع الكبير “في العيد السابق، لم نتمكن من إيصال سيولة في ما بعد 60 كيلومترا من طرابلس”، مشيرا إلى عيد الفطر الذي جاء في يونيو الماضي.

وقال “أرسلنا سيولة بالهليكوبتر، وبالطبع كنا خائفين من إسقاط الطائرة”.

وقال الكبير إن شحنة أخيرة كانت تبلغ 11 مليون دينار (7.85 مليون دولار) متجهة إلى مدينة جادو في الغرب استولى عليها الجيش الوطني الليبي، الذي احتجز 5 ملايين دينار (3.75 مليون دولار) وسلم الباقي.

ولم يتسن حتى الآن الحصول على تعليق من الجيش الوطني الليبي الذي يقوده حفتر.

وقاد المجتمع الدولي جهودا لتوحيد مؤسسات ليبيا والحيلولة دون تنامي الصراع على الثروة النفطية إلا أنها توقفت.

وكان آخر مرة التي رأى فيها الكبير محافظ المركزي في الشرق علي الحبري العام الماضي خلال اجتماعات لتنسيق مراجعة خارجية للعمليات في البنكين.

وأعيد حديثا طرح عطاء للمراجعة بعدما أخفقت في جذب أي عروض، وقال الكبير إن “المشكلة ليست في تجميع المصرف المركزي مع بعضه.. لكن حل المشكلة السياسية يأتي أولا”.

وتراكمت ديون كبيرة على حكومة الشرق من خلال نظام محاسبي مواز، جزئيا من خلال سحب ودائع من البنوك التجارية.

وفرض المركزي في طرابلس مزيدا من التدقيق في طلبات الحصول على النقد الأجنبي من أربعة بنوك، من بينها ثلاثة في الشرق، متعللا بمعاملات مشبوهة.

وتكافح عدة بنوك للحفاظ على النسبة المطلوبة من ودائع العملاء لدى البنك المركزي وقدرها 20 بالمئة.

وقال الكبير إنه إذا حدث خرق من جانب البنوك لهذه النسبة، فيمكن المركزي أن يتخذ إجراءات من بينها “تقديم خط ائتماني أو قرض أو تشكيل لجنة إدارة مؤقتة، أو خيارات أخرى”.

وتابع “لا ينوي مصرف ليبيا المركزي أن يترك البنوك الليبية تواجه الإفلاس في ظل الوضع الحالي، هناك حاجة ملحة وطنية وعامة للحيلولة دون ذلك”.

وأكد الكبير أن هناك مزيدا من الخطوات لمواجهة السوق السوداء للنقد الأجنبي لكنها تأخرت أيضا.

وأشار إلى أن حكومة طرابلس، التي تكافح لبسط نفوذها منذ تشكيلها في 2016، أخفقت في العمل على إصلاح دعم الوقود، كما تم الاتفاق عليه حين فُرضت رسوم النقد الأجنبي في سبتمبر الماضي.

وتابع “لكننا ما زلنا نعمل على ذلك. لدينا خطط جاهزة، لدينا سيناريوهات مختلفة، أجرينا اختبارات التحمل، لكن لا نعلم، متى الوقت المناسب لاتخاذ الإجراء”.

11