المدنيون الأفغان يواجهون مصيرا مجهولا في مدن تُحاصرها طالبان

القلق الدولي يتزايد بشأن تفاقم الوضع الإنساني بعد مقتل 40 مدنيا.
الأربعاء 2021/08/04
الأعمال العسكرية تُحاصر الأفغان

قندهار (أفغانستان) - يُواجه المدنيون في أفغانستان مصيرا مجهولا في العديد من المدن التي تُحاصرها حركة طالبان، ما جعل الوضع الإنساني يتفاقم في البلاد.

وأعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء عن مقتل أربعين مدنيا على الأقل وإصابة أكثر من مئة آخرين بجروح في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة خلال معارك بين القوات الأفغانية ومتمردي حركة طالبان الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على لشكركاه، وهي عاصمة ولاية هلمند الرئيسية في جنوب البلاد.

وفي مواجهة الوضع الصعب الذي يعيشه السكان، دعا الجيش الأفغاني الثلاثاء إلى إخلاء المدينة والخروج منها قبل بدء عملية تستهدف إخراج مقاتلي طالبان منها.

وقال الجنرال سامي سادات في رسالة وجّهها إلى وسائل الإعلام، مخاطبا سكان المدينة “يُرجى المغادرة في أسرع وقت ممكن حتى نتمكّن من بدء عمليتنا” ضد طالبان.

وتشكل مدينة لشكركاه منذ أيام مسرحا لمعارك عنيفة بعد محاصرتها من متمردي طالبان الذين سيطروا وفق ما قال مسؤولون أفغان الثلاثاء على 15 قناة إذاعية وتلفزيونية محلية في المدينة. ولم تبق فيها سوى قناة واحدة مؤيدة لطالبان تبثّ برامج إسلامية.

وارتفع مستوى العنف في أنحاء أفغانستان منذ مطلع مايو عندما أطلقت طالبان عملية في أجزاء واسعة من البلاد تزامنا مع بدء الجيش الأميركي آخر مراحل انسحابه، مسدلا الستار على حرب استمرت 20 عاما.

وأبدت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان في تغريدة الثلاثاء “قلقها الشديد” إزاء المأزق الذي يواجهه المدنيون في لشكركاه، بعد حصيلة القتلى المرتفعة. وحضّت على “وقف فوري للقتال في المناطق الحضرية”.

وجاءت الحصيلة بعد ساعات من تحذير البعثة الثلاثاء من أنّ “هجوم طالبان البري والضربات الجوية للجيش الأفغاني تسببا في أكبر قدر من الضرر” على المدنيين.

وأعربت عن “مخاوف عميقة إزاء إطلاق النار العشوائي وإلحاق الضرر” بالمرافق الصحية ومنازل المدنيين.

وقال أحد سكان لشكركاه رافضا الكشف عن هويته، إن المدينة “باتت تفتقر إلى الكهرباء والغذاء مع إغلاق المتاجر”، لافتا إلى أن طرفي القتال يتواجهان “من شارع إلى آخر” والطيران الأفغاني “يقصف تقريبا كل دقيقة”.

الأمم المتحدة أبدت قلقها الشديد إزاء المأزق الذي يواجهه المدنيون في مدينة لشكركاه بعد الحصيلة المرتفعة للقتلى هناك

وأضاف “إنه اليوم الرابع من معارك شرسة داخل المدينة. بعض السكان غادروا المدينة.. لكنّ الكثيرين لا يزالون محتجزين فيها”.

وأوضح أن المتمردين“في كل مكان” على دراجات نارية، مؤكدا أن القوات الأفغانية تقصف منازل يختبئون فيها.

وتابع أن ‘المستشفيات ممتلئة علما وأن معظم الناس لا يجرؤون على نقل أقربائهم في سيارة خاصة خشية قتلهم من جانب طالبان أو قصفهم من جانب الحكومة”.

وتسبّبت المعارك في أنحاء البلاد بنزوح نحو ثمانين ألف طفل منذ مطلع يونيو، وفق ما أفادت منظمة “سايف ذي تشيلدرن” الثلاثاء، مشيرة إلى تضرر العديد من المدارس والمرافق الصحية جراء القتال.

والأسبوع الماضي، توقعت الأمم المتحدة أن تسجل هذا العام أكبر عدد من الضحايا المدنيين منذ عام 2009 عندما بدأت بتسجيل الحصيلة السنوية.

وأحصت البعثة مقتل 1659 مدنيا وجرح 3254 آخرين في النصف الأول من العام الحالي، بزيادة قدرها 47 في المئة مقارنة مع النصف الأول من العام الماضي. وسقط نصف القتلى خلال الشهرين الأولين من هجوم طالبان.

وقالت إنّ الحصيلة “مروعة”، مؤكدة أن ما يقرب من نصف الضحايا المدنيين الذين تم تسجيلهم في النصف الأول من العام هم من النساء والأطفال.

Thumbnail

وتعرضت مكاتب البعثة في مدينة هرات لهجوم الجمعة، أودى بحياة شرطي أفغاني.

وقال صفات الله مدير إذاعة سوكون في عاصمة هلمند، “اشتدّ القتال هذا اليوم”.

وأوضح أن “قاذفات أميركية من طراز بي 52 والقوات الجوية الأفغانية قصفت مواقع طالبان”، متحدثا عن قتال مستمر قرب سجن المدينة ومبنى يضم مقرات الشرطة وأجهزة الاستخبارات.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية الاثنين عن شنّ سلاح الجو الأميركي غارات في لشكركاه، في وقت تكثّفت فيه وتيرة الغارات الأميركية خلال الأيام الأخيرة في أنحاء البلاد في محاولة لوقف تقدّم طالبان.

وأوضح صفات الله أن إذاعته توقفت “عن البثّ منذ يومين لأن طالبان استولت على مبنى محطتنا”.

وأفاد مسؤولون أفغان الثلاثاء عن سيطرة حركة طالبان على 11 محطة إذاعية وأربع محطات تلفزيونية في المدينة.

وعلّقت وزارة الإعلام والثقافة “لا يريد الإرهابيون لوسائل الإعلام أن تنشر الحقائق وتكشف مظالمهم”.

ومن شأن خسارة السيطرة على لشكركاه أن تشكل ضربة كبرى، استراتيجية ومعنوية، للحكومة الأفغانية التي تعهّدت بالدفاع عن المدن الرئيسية وعواصم الولايات الكبرى، بعدما خسرت مناطق ريفية واسعة على وقع تقدّم طالبان خلال الأشهر الأخيرة.

ولم تبد القوات الأفغانية مقاومة شديدة أمام تقدم طالبان، ولم تعد تسيطر سوى على المحاور الكبرى الرئيسية وعواصم الولايات التي بات بعضها محاصرا.

ويأتي ذلك في وقت اتهمت فيه الولايات المتحدة وبريطانيا طالبان بقتل “العشرات من المدنيين في عمليات قتل ثأرية.. يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب” في بلدة سبين بولداك الواقعة على الحدود مع باكستان.

وجاء الاتهام بعد إعلان لجنة حقوق الإنسان المستقلة في أفغانستان أن المتمردين ارتكبوا عمليات قتل ثأرية في البلدة، ما أودى بحياة أربعين شخصا على الأقل.

وقالت اللجنة “تعقّبت طالبان ورصدت مسؤولين حكوميين سابقين وحاليين وقتلت هؤلاء الأشخاص الذين لا يضطلعون بدور قتالي في النزاع”.

5