المخاط يغرقنا

تنتشر الوقاحة اليوم أكثر مما ينتشر فايروس كورونا بمراحل.. وفي النهاية أصبحنا غارقين في الفظاظة وكورونا.
ورغم أنه يجب أن نضع في اعتبارنا الأخلاقي أن الوقاحة عدوى مثل كورونا يجب أن تتوقف عن الانتشار، فللأسف يبدو أننا كل عام نقابل أناسا أصبحوا أكثر وقاحة من العام الذي قبله.
تشير العديد من الدراسات واستطلاعات الرأي الحديثة في العالم إلى اتجاه تنازلي في الكياسة. حتى أن بعض الدراسات تشير إلى أن الوقاحة معدية، مثل كورونا بالضبط. نعم، يعاني الكثير منا الآن من مرض معدِِ اجتماعيًا يُعرف باسم “الفظاظة” أو الوقاحة كما تريدون.
وأظهر استطلاع أجري في الولايات المتحدة أن 93 في المئة من المشاركين شعروا أن الفظاظة أصبحت مشكلة، وقال معظمهم (ما يقرب من 70 في المئة) إنها مشكلة كبيرة.. هم أكيد لا يعرفون ماذا يحدث في مكان يسمى العالم العربي من فظاظة.
أعجبني تشبيه أن الكلام القاسي والتعالي واستعباد الناس أعمال منتشرة تشبه أعراض الإصابة بنزلة برد، الفظاظة في كل هذا هي المخاط.. أظنه تشبيه مناسب تماما. ماذا تظنون أنتم؟
يجادل مقال جديد في مجلة علم النفس التطبيقي بأنه مثلما تندلع نزلات البرد عندما يكون نظام المناعة لدى البشر منخفضًا، فإن الوقاحة تظهر عندما تكون أفكار البشر الطبيعيين وسلوكياتهم منخفضة إنسانيا.
الأسوأ في الأمر أن دراسة أجريت في جامعة فلوريدا وجدت أن الفظاظة معدية، فكون شخص ما كان هدفًا للسلوك الفظ – أو مجرد مشاهدته – سيثير المزيد من الوقاحة بالنسبة إلى أولئك الذين لا يعرفون كيف يسيطرون على عقولهم.. معلومة مؤلمة صحيح.
رغم ذلك يمكننا السيطرة على السلوك الوقح كما كورونا.. يمكننا أن نختار توخي الإجراءات الاحترازية حتى لا نحمل العدوى إلى بعضنا البعض، كما يمكننا أن نختار ألّا نكون وقحين لأن الشخص الوحيد الذي يمكننا التحكم فيه حقًا في هذا العالم هو أنفسنا. لذلك عندما يأتي شخص ما بفعل فظً، حاول مقاومة إغراء الرد على الوقاحة بوقاحة. لأن الرد على السلوك الفظ بمثله يشبه لعبة شد الحبل. فإذا لم يشد أحد الجانبين الحبل سيسقط الجانب الآخر حتما.
المعلومة الجيدة في هذا السيل من المخاط الذي يملأ العالم أن كثيرين اختاروا أن يسقط الجانب الآخر.. إلى الحضيض حتى لم يعد يهم أنه سيختنق بمخاطه
يوما.