اللجنة الملكية تعيد قضية المعلمين الأردنيين إلى الواجهة

إذا أرادت أجهزة الحكم التوجه فعلا نحو الإصلاح، فإن تسوية ملف نقابة المعلمين يمكن أن تشكل فاتحة مثالية لتخليص البلد من الجمود السياسي.
السبت 2021/08/14
مساع لطي صفحة الخلاف

عمان – عاد ملف نقابة المعلمين من جديد إلى الواجهة بعد أن ظل محاطا بالتسييس في وقت ينتظر فيه الأردنيون أي تغيير إيجابي أو مبادرة لإظهار نوايا حسنة لدى أجهزة الحكم تجاه الإصلاحات السياسية المرتقبة.

وينشغل الأردن هذه الفترة بصياغة مكونات الإصلاح السياسي من خلال اللجنة الملكية التي يترأسها سمير الرفاعي، والتي عجزت اجتماعاتها حتى الآن عن الوصول إلى رؤية مشتركة حول مجمل التشريعات الناظمة للحياة السياسية.

لكن اللقاء الذي جمع قيادات النقابة المنحلة بالرفاعي ربما يعكس توجها نحو طي صفحة الخلاف مع النقابة التي حلها القضاء العام الماضي وأحالت الحكومة قياداتها إلى التقاعد المبكر، ومنهم نائب النقيب سابقا ناصر النواصرة الذي برأته المحكمة في يوليو من تهمة التحريض على الحك

وقال النواصرة إن الاجتماع مع الرفاعي الأربعاء “يهدف للإشارة إلى أن حل ملفات المعلمين واحد من مناخات الإصلاح، ولا بد من توافرها لدعم اللجنة في منظومة الإصلاح وتوجهاتها ومخرجاتها”.

ناصر النواصرة: حل ملفات المعلمين واحد من مناخات الإصلاح
ناصر النواصرة: حل ملفات المعلمين واحد من مناخات الإصلاح

كما اعتبر النواصرة -بحسب ما نقل عنه موقع عمون الإخباري- الاجتماع “إقرارا بأن الوطن بحاجة إلى تحديث المنظومة السياسية كما جاء في الأوراق النقاشية” التي نشرها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قبل سنوات ولخّص فيها رؤيته للإصلاح الشامل.

وفي حين قال النواصرة إنه تناول في لقائه مع الرفاعي قرارات التقاعد المبكر والاستيداع نفى بحث “أي مبادرات أو وعود لحل مشكلة النقابة”، التي ينظر القضاء الاستئنافي حاليا في قرار حلها العام الماضي.

غير أنه لا يزال من الممكن التعويل على اللقاء في تحريك المياه الراكدة عبر الوصول إلى صيغة توافقية بين الحكومة والمعلمين، تكفل تسوية ملف النقابة التي تضم في عضويتها حوالي 150 ألف معلم.

كما أن التسوية إذا تمت ستتيح للجنة الملكية المؤلفة من 93 عضوا تسجيل إنجاز أمام الرأي العام الذي لم يسمع منها إلا أخبار استقالات أعضائها والخطابات الإنشائية والكلام العام عن قوانين الأحزاب والانتخاب والتشريعات المرتبطة بالإعلام وحرية التعبير.

ويتابع الأردنيون باهتمام ملف نقابة المعلمين ويتعاطفون غالبا مع قضيتها التي يعتقدون أنها تحدّ بين النقابة القائمة منذ 2011 ومؤسسة الحكم التي رفضت الاستجابة لمطالب المعلمين المالية.

كما شاب القضية تدخل أمني أو “شبه أمني”، خصوصا في توجيه الرأي العام نحو وجود ارتباطات بين مواقف النقابة وتوجهات جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها بعض أعضاء مجلس النقابة. ومن ذلك أيضا “فبركة” الفيديو الشهير الذي يظهر فيه النواصرة وهو يقول “نحن الدولة”، وبناء عليه برّأه القضاء من تهمة التحريض.

وكان الحكم القضائي بحل النقابة يستند إلى ما سمته المحكمة “تجاوزات مالية” وهي عبارة عن تبرع بمبلغ نصف مليون دينار قدمه مجلس النقابة إلى وزارة الصحة لدعم جهود مكافحة فايروس كورونا.

وتكاد قضية النقابة تمس جميع الأسر الأردنية في البلد الذي يضم حوالي مليوني طالب، وشهد السنة الماضية إضرابا واسعا من قبل المعلمين هو الأطول في تاريخ المملكة وأدى إلى تأجيل بداية العام الدراسي.

والآن تبدو الظروف مواتية لتسوية معقولة لقضية النقابة ولو بالحد الأدنى الذي يضمن استمراريتها، والعدول عن قرارات الإحالة على التقاعد التي استهدفت خصوصا القيادات الناشطة والمعارضة للحكومة.

كما قد تفضي التسوية الممكنة إلى إشاعة أجواء من الارتياح لدى الشارع الأردني الذي أرهقته تداعيات الوباء اقتصاديا واجتماعيا ويبحث عن أي مؤشر يؤكد وجود إرادة حقيقية للإصلاح والمشاركة السياسية.

Thumbnail

ولم ترافق أعمال اللجنة التي شكلها العاهل الأردني أوائل يونيو أي مبادرات توحي بوجود تغيير ما يحدث في سبيل تطوير الحياة السياسية.

وأحدثت اللجنة التسعينية ضجة مؤخرا حين أعلنت أن الأردن يحتاج إلى عشرين عاما للوصول إلى هدف الحكومات المنتخبة، وهو ما أثار موجة جديدة من السخرية والتساؤلات حول جدية السير في خطوات الإصلاح السياسي في الدولة التي تأسست قبل مئة عام.

ومن غير المستبعد أن يكون الهدف من لقاء مجلس النقابة السابقة والرفاعي -وهو من الشخصيات البارزة في مؤسسة الحكم- البدء بعام دراسي جديد دون احتكاكات أو مشاكل مع المعلمين أو جزءا من جهود العلاقات العامة للجنة الملكية المعنية بالإصلاح السياسي.

وقد يكون اللقاء أيضا من ضمن الاجتماعات التي قالت اللجنة الملكية إنها تعقدها لتوسيع نطاق المشاركة في صياغة الإصلاحات المنشودة والمطلوبة من قبل الملك عبدالله الثاني خلال مهلة تنتهي في الفاتح من أكتوبر.

ويرى مراقبون أنه إذا أرادت أجهزة الحكم التوجه فعلا نحو الإصلاح فإن تسوية ملف نقابة المعلمين يمكن أن تشكل فاتحة مثالية لتخليص البلد من الجمود السياسي والبدء بخطوات عملية على الأقل في ما يخص الحريات العامة قبل الخوض في مسائل الأحزاب والانتخابات.

1