الكويت تستعد لطي صفحة دورة برلمانية عاصفة وتتطلع لما بعدها

الكويت- دخل مجلس الأمّة (البرلمان) الكويتي مرحلة العدّ التنازلي لنهاية الدورة البرلمانية الحالية التي توصف بأنّها الأعقد لجهة ما شهدته من تجاذبات حادّة بين السلطة والمعارضة انطلقت منذ الجلسة الأولى للبرلمان المنتخب في ديسمبر الماضي، بأنها الأكثر ضحالة لجهة العمل والإنجاز، حيث لم يتمّ خلالها سوى عقد أربع جلسات اعتيادية انقضى معظمها في الجدل الحادّ أكثر من إنجاز القوانين وإقرار المشاريع والبرامج.
ومع وصول التجاذبات بين المعارضة التي تشكّل الكتلة الأكبر تحت قبّة البرلمان وحكومة الشيخ صباح الخالد حدّ تعطيل عقد الجلسات البرلمانية العادية ما حتّم اللجوء إلى الدعوة لجلسات خاصّة لـ“تمشية” الأمور المستعجلة، أصبح تطلّع السلطات الكويتية نحو “الوصول بسلام” إلى العطلة النيابية التي تبدأ في السابع من يوليو القادم وتستمرّ حتّى أوائل شهر أكتوبر موعد دور الانعقاد الجديد.
وقالت مصادر كويتية إنّ الآمال تُعلّق بالفعل على الفترة الفاصلة بين دوري الانعقاد لمحاولة ترتيب بعض الملفّات الخلافية عبر وساطات واتصالات غير رسمية بين أطراف حكومية وأخرى برلمانية ستسهر على تأمينها جهات محايدة وشخصيات توصف بالحكيمة وتعتبر موضع ثقة لدى عدد كبير من الفرقاء والخصوم السياسيين.

العطلة البرلمانية تتيح هامشا من الزمن للتخفيف من حدّة الخلافات التي لا يمكن استمرارها في دور الانعقاد القادم
ولم تستبعد المصادر عقد بعض الصفقات وتقديم تنازلات من هذا الطرف أو ذاك من قبيل تراجع المعارضة عن إصرارها على استجواب رئيس الوزراء في مقابل تعهّد الحكومة بالتعاون لتسهيل تمرير قانون العفو الشامل الذي تعمل المعارضة على إقراره حتى يتمكّن بعض رموزها المطلوبين لتنفيذ أحكام قضائية صادرة ضدّهم والمقيمين خارج البلاد من العودة وممارسة العمل السياسي بشكل اعتيادي.
وأوضح أحد المصادر أنّ الجميع في الكويت حكومة وموالاة ومعارضة، أصبح يشعر بوطأة التعطيل ويخشي تحمّل تبعاته، الأمر الذي قد يشكّل حافزا للحدّ من التصعيد، وخصوصا بعد تلقّي جميع الأطراف رسالة أمير البلاد الحازمة حول عدم سماحه بوصول الخلافات السياسية حدّ الإضرار بالمصالح العليا للبلاد.
ولتمرير ميزانيات الوزارات والإدارات الحكومية تمّ اللجوء الأسبوع الماضي إلى عقد جلسة برلمانية خاصة جاءت عاصفة بدورها واحتل نواب من المعارضة خلالها المقاعد المخصصة للوزراء ما اضطر هؤلاء إلى البقاء وقوفا عند باب القاعة، وبلغ التوتّر فيها حدّ تشابك بعض النواب بالأيدي.
ولم يعد متاحا خلال الفترة القصيرة المتبقية عن نهاية الدورة البرلمانية الحالية عقد جلسات اعتيادية للنظر في عدد كبير من الملفات والقضايا المتراكمة، ولذلك أعلن رئيس مجلس الأمّة مرزوق الغانم تقديم طلبات لعقد جلسات خاصة هذا الأسبوع لمناقشة مواضيع محدّدة من ضمنها الحالة المالية للدولة، وهو موضوع حيوي في ظلّ الصعوبات المالية التي واجهتها البلاد بسبب تذبذب أسعار النفط وتداعيات جائحة كورونا.
وتعليقا على حالة التعطيل التي تشهدها الكويت بسبب خلافات الحكومة والمعارضة البرلمانية قال أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح مؤخّرا، إن “الكويت وأهلها خط أحمر ولن نسمح بتجاوزه بأي حال من الأحوال، ولدينا من الإجراءات والخيارات ما يضع كل من يتجاوز عند حده”.
وأضاف في إجابته على سؤال صحافي بشأن ما يجري تحت قبّة البرلمان “نحن نراقب المشهد بكل دقة وروية ونعطي الفرصة تلو الأخرى، لكن حين يصل الأمر إلى درجة الإضرار بالكويت وأهلها فلهؤلاء وغيرهم نقول لهم راجعوا حساباتكم”، مؤكّدا قوله “الكويت وشعبها أمانة في رقبتي وهما خط أحمر لن أسمح لأي كان بأن يسيء لهما، والديمقراطية الإيجابية التي تنطلق من الدستور خيارنا ولا نقبل باستغلالها للعبث”.