الكفة ترجح فوزا ساحقا للغالبية الصامتة في انتخابات الأردن

لا أمل في وجود أي تغيير تركيبة المجلس النيابي المقبل.
الثلاثاء 2020/11/10
انتخابات في ظرفية استثنائية

مؤشرات كثيرة توحي بأن دعاة المقاطعة ستكون لهم الكلمة الفصل في الانتخابات التشريعية التي تجري اليوم في الأردن، في ظل يأس من حدوث أي تغيير وخشية من التجمّعات الانتخابية نتيجة تفشي فايروس كورونا.

عمان – يدلي الأردنيون اليوم الثلاثاء، بأصواتهم لاختيار 130 عضوا في مجلس النواب، وسط توقعات بتسجيل نسبة مقاطعة غير مسبوقة، رغم الدعوات المتكررة إلى المسؤولين بضرورة المشاركة بكثافة في هذا الاستحقاق.

وشهدت الاستحقاقات التشريعية السابقة تراجعا لافتا في نسب المشاركة التي لم تتعد حاجز 37 في المئة في ظل قناعة بصعوبة إحداث أي تغيير في المشهد النيابي، حيث أن نفس التركيبة بقيت هي المهيمنة على مجلس النواب طيلة العقود الماضية.

ولا يتوقع أن يتغير المشهد المقبل ومن المرجح على نحو كبير أن تستمر العشائر والشخصيات النافذة المؤيدة للسلطة في السيطرة على المجلس، في مقابل حضور ضعيف للأحزاب ولاسيما الإسلامية والليبرالية، فيما القوى اليسارية لم يعد لها أي تأثير على أرض الواقع.

وبموجب الدستور، فإن معظم السلطات تعود إلى الملك عبدالله الثاني، الحليف القوي للولايات المتحدة الذي يعيّن الحكومات ويمكنه حل مجلس النواب.

ولدى النواب صلاحية إجبار الحكومة على الاستقالة بالتصويت بحجب الثقة. لكن هذه الصلاحية لم تفعّل إلا نادرا فيما نجحت الحكومات المتعاقبة في السنوات الأخيرة في تهميش دور المجلس الذي يكاد يكون بلا أي حضور وازن.

ويشير متابعون إلى أن الحكومات عادة ما تسعى إلى كسب حزام نيابي قوي تستند عليه، رغم كل ما يثيره النواب من صخب لاسيما في جلسات مساءلة الوزراء في قضية ما.

من المرجح أن تستمر العشائر والشخصيات النافذة المؤيدة للسلطة في السيطرة على المجلس النيابي، في مقابل حضور ضعيف للأحزاب

ويقول محللون وسياسيون إن عدم الاكتراث ببرلمان يعود إلى قناعة راسخة بأن دور البرلمان لا يتجاوز الموافقة على سياسات الحكومة، أو محاولة امتصاص ردّات فعل اجتماعية تظهر بين الفينة والأخرى، من خلال الخطب “الرنانة”، والبيانات الشاجبة.

ويأتي الاستحقاق الانتخابي هذه المرة في ظل ظرفية استثنائية جراء تفشي جائحة كورونا، الأمر الذي يصب في صالح دعاة المقاطعة الذين كثفوا في الأيام الأخيرة من حملاتهم، مما أثار مخاوف المسؤولين الذين سارعوا إلى شن حملة مضادة لحث الناس على المشاركة.

ويرى نشطاء أردنيون أن حملاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لاقت تفاعلا كبيرا وسط توقعات باستجابة واسعة.

وتأمل الحكومة، التي حشدت حوالي 45 ألفا من أفراد الأمن لتأمين الاقتراع على مستوى البلاد، في أن تقترب نسبة الإقبال من 30 في المئة من بين 4.6 مليون ناخب مسجل في بلد يبلغ عدد سكانه ثمانية ملايين نسمة.

انتخابات لم تأت بجديد
انتخابات لم تأت بجديد

ويقول المراقبون إن هذا الرقم ينطوي على تفاؤل كبير، لكن من خلال متابعة آراء الناس في الشارع وفي مواقع التوصل الاجتماعي فإنه من المرجح ألا يتعدى التصويت حاجز الـ25 في المئة.

ويبلغ عدد المرشحين المتنافسين 1717، منهم 368 امرأة. وجرى تخصيص 12 مقعدا للأقليات المسيحية والشركس و15 مقعدا للمرشحات اللاتي حصلن على أكبر عدد من الأصوات.

ويتم تنظيم الدوائر الانتخابية بحيث يكون للمناطق الحضرية عدد أقل بكثير من أعضاء البرلمان لكل ناخب مقارنة بالريف لاعتبارات لا تخلو من حسابات سياسية. وتنخفض عادة نسبة تصويت الفلسطينيين في المناطق الحضرية، وهم يشكلون نسبة كبيرة من السكان.

والكثير من المواطنين الأردنيين من أصل فلسطيني إذ استقرت عائلاتهم في الأردن بعد الحروب العربية الإسرائيلية المتتالية، وهو ما جعل المملكة، التي وقّعت معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1994، في قلب الصراع الممتد على مدى عقود.

وتعني القوانين الانتخابية، التي تمنح لمناطق العشائر أفضلية على حساب المدن، أن جبهة العمل الإسلامي، الجناح السياسي للإخوان المسلمين، وهي حزب المعارضة الرئيسي، ستظل مهمّشة. ويتمتع الإسلاميون بأكبر قدر من الدعم في المدن.

وشهدت جبهة العمل والجماعة الأم العديد من الانشقاقات على خلفية صراعات فكرية وتنظيمية، زادت من تآكل قواعدها الشعبية.

ومؤخرا اُتهم مرشحون تابعون للإخوان بوجود جهات تعمل على إضعافهم، في خطاب متكرر عند كل استحقاق، رغم أن الحكومة سبق وأن قدمت تعهدات لهم بشكل مباشر أنها لن تتدخل في العملية الانتخابية. ويقول سياسيون إن جماعة الإخوان وحزبها كلما استشعرا إمكانية خسارة المزيد من المقاعد يتعمدان الترويج لوجود أيادٍ خفية تستهدفهما.

2