الكاظمي في طهران لمنع ظهور داعش شيعي وفي الرياض لفتح صفحة جديدة

رئيس الوزراء يسعى لإخراج العراق من مأزق الفشل إلى الإيجابية في رعاية مصالحه من خلال الانفتاح السياسي والاقتصادي والثقافي.
الخميس 2020/06/25
رئيس الوزراء يضع نصب عينيه مصلحة العراق

تحمل الزيارات الخارجية المرتقبة التي ينوي رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي القيام بها والتي تشمل طهران والرياض وواشنطن دلالات عديدة ترتبط بسعي الكاظمي الحثيث لفتح صفحة جديدة في تاريخ بلاده وعلاقاتها الخارجية يكون فيها العراق راعيا لمصالحه مع دول المنطقة لا تابعا لطهران مثلما حدث في الماضي وهو ما أوقعه في مأزق الدولة الفاشلة.

بغداد – يعتزم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي القيام بثلاث زيارات خارجية خلال الأيام والأسابيع القليلة القادمة تشمل طهران والرياض وواشنطن، حاملا بضع أولويات إلى جميع الاتجاهات.

ووفقا لمصادر رسمية وأخرى سياسية فإن زيارة طهران ستسبق زيارتي الرياض وواشنطن، حيث يأمل الكاظمي أن يحدد ملامح الموقف الإيراني الحقيقي من حكومته وسياساتها في المرحلة المقبلة.

وينوي الكاظمي أن يشرح للإيرانيين مدى صعوبة التغاضي عن أنشطة بعض حلفائهم في العراق، الذين يواصلون تحدي الدولة ومؤسساتها عبر أشكال مختلفة من التحركات.

ولم يخل أي من أيام الأسبوع الجاري من خبر هجوم صاروخي في بغداد أو بالقرب منها، تنفذه ميليشيا تابعة لإيران ضد موقع عراقي يستضيف قوات أميركية.

وبينما كانت الحكومة السابقة برئاسة عادل عبدالمهدي تعلق على هذا النوع من العمليات بطريقة خجولة معتبرة إياه خرقا للسيادة، ذهبت حكومة الكاظمي إلى وصفه بالعمليات الإرهابية فيما أكدت القبض على متورطين في تنفيذ هذه الهجمات.

والثلاثاء، باركت ميليشيا كتائب حزب الله العراقية “صولة” ضد محال بيع المشروبات الروحية في منطقة الكرادة ببغداد، داعية أنصارها إلى أن يعيدوا للعراق “ثقافة الأصالة والشرف”.

الزيارات الثلاث ستضع قواعد جديدة لشكل العلاقات العراقية المنتظرة مع كل من إيران والسعودية والولايات المتحدة، وتوضح للحكومة العراقية طبيعة المساحة التي تملكها مع كل دولة

واعتبرت هذه الميليشيا، التي يديرها الحرس الثوري الإيراني، أن تحطيم محال المشروبات الروحية في بغداد “لا يقل أجرا عن قتال عصابات داعش والاحتلال”.

وبرغم أنها تصنف داعش عدوا، إلا أن سلوك ميليشيا كتائب حزب الله، ومعظم الميليشيات العراقية التي تحركها إيران، يتطابق بشكل شبه تام مع أسلوب التنظيم المتشدد.

وتقول المصادر إن الكاظمي سيبلغ الإيرانيين خلال زيارته المرتقبة إلى طهران بأنه “لن يسمح بظهور داعش جديد في العراق يرتدي زيّا شيعيا”.

وتقدم إيران رجلا وتؤخر أخرى في علاقاتها مع العراق منذ تسلم الكاظمي منصب رئيس الوزراء، فهي تعلن عن دعمها خيارات العراق الشرعية المتمثلة بالحكومة الجديدة، وفي الوقت نفسه تدفع الميليشيات الموالية لها إلى تقويض أركان الدولة العراقية أينما تستطيع.

وتقول المصادر إن الكاظمي سيزور الرياض في غضون الأسابيع القادمة، لفتح صفحة جديدة من العلاقات الاستراتيجية بين البلدين عمادها الاقتصاد.

برهم صالح: نتطلع إلى بناء علاقات متطورة مع الأردن من خلال تعزيز التعاون
برهم صالح: نتطلع إلى بناء علاقات متطورة مع الأردن من خلال تعزيز التعاون

وسيحمل الكاظمي إلى العاصمة السعودية سلسلة ملفات، منها الربط الكهربائي والاستثمار في قطاعات الزراعة والنقل والبتروكيمياويات وغيرها.

ووفقا لمراقبين، سيتعين على الكاظمي أن يقدم نفسه شريكا قويا للسعوديين يرغب في تأسيس تفاهمات ثابتة تنهي مرحلة التقلب في العلاقات بين البلدين منذ عقود، ويضع حدّا للأصوات الميليشياوية العراقية المتطرفة التي تدفع إلى تفجير الأوضاع بين بغداد والرياض.

وفي واشنطن، سيترأس الكاظمي وفد العراق لاستكمال المرحلة الثانية من الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، بعد المرحلة الأولى التي جرت عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بين ممثلين دبلوماسيين عن البلدين في 11 من الشهر الجاري.

وتقول مصادر سياسية إن مصير الميليشيات الموالية لإيران سيكون حاضرا على طاولة البحث بين وفدي العراق والولايات المتحدة، في واشنطن الشهر المقبل، قدر تعلق الأمر بأمن القوات الأميركية في العراق.

ويشدد مراقبون على أن الرياض وواشنطن تدركان مدى قناعة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بضرورة وضع حد لفلتان سلاح الميليشيات الإيرانية في العراق، لكن الأمر يتطلب بعض الوقت.

وترى المصادر السياسية أن تقدير الحكومة العراقية للوضع الإقليمي والدولي يقوم على حقيقة حاجة العراق إلى علاقات مستقرة مع إيران تحكمها مصالح البلدين ومواثيق الجوار وليس علاقة تابع بسيد كما يجري الآن، وهو ما يجب أن تدركه جميع الأطراف المتداخلة في الشأن العراقي.

وتشير إلى أن الكاظمي سيتواصل مع الحلفاء والأصدقاء الخارجيين انطلاقا من هذا المنظور، ولا ينوي أن يقدم تعهدات لأي طرف بأنه سيدشن مرحلة من العلاقات العدائية مع إيران.

ويقول مراقبون إن هذه الزيارات الثلاث ستضع قواعد جديدة لشكل العلاقات العراقية المنتظرة مع كل من إيران والسعودية والولايات المتحدة، وتوضح للحكومة العراقية طبيعة المساحة التي تملكها مع كل دولة من هذه الدول الثلاث المؤثرة في الشأن العراقي.

تقدير الحكومة العراقية للوضع الإقليمي والدولي يقوم على حقيقة حاجة العراق إلى علاقات مستقرة مع إيران تحكمها مصالح البلدين ومواثيق الجوار وليس علاقة تابع بسيد كما يجري الآن

ويرى مراقب سياسي عراقي، في تصريح لـ”العرب”، أن تسلسل زيارات الكاظمي الخارجية المرتقبة، طهران ثم الرياض وأخيرا واشنطن، له مغزى عميق يشير إلى تحول جذري في بغداد. فلم يعد رئيس الوزراء العراقي مجرد ساعي بريد يحمل رسائل إلى طهران كما أنه ليس بتابع يكون جزءا من واجبه عرض نتائج زياراته الخارجية على الولي الفقيه مثلما كان يحدث في السابق.

ويقول المراقب السياسي إن الكاظمي يذهب إلى طهران وقد سبقه إليها حديثه عن إرهاب جماعاتها المسلحة التي تصر على تهديد الأمن من خلال نشاطها العبثي الضار. ويشدد على أنه سيكون مفيدا للإيرانيين وهم يواجهون أوقاتا عصيبة أن يروا الوجه المسالم للعراق، ما قد يعينهم على توجيه رسائل طمأنة إلى الرياض وواشنطن. وهي رسائل لن يكون الكاظمي ملزما بتوصيلها إلا إذا كانت واشنطن راغبة في ذلك.

ويتوقع نفس المصدر، بما أن الكاظمي استلم رئاسة الحكومة والعراق في أسوأ أحواله المالية، أنه سيركز في مباحثاته على الجانب الاقتصادي بما يعينه على التخفيف من تأثير الضائقة المالية على بلاده.

ويقول إن ذلك وحده سيكون مؤشرا على أن زيارته لإيران ستخلو من أي مباحثات جادة باستثناء الإشارات التي تؤكد على أن العراق في طريقه إلى أن يطوي علاقته السابقة بإيران ويبدأ نوعا جديدا من علاقة يسودها الاحترام المتبادل.

ويعتبر المراقب العراقي أن ذلك ما يمكن أن يعزز من قدرة الكاظمي على أن يجعل من زيارتيه للرياض وواشنطن بداية حقيقية لإخراج العراق من مأزق الدولة الفاشلة إلى مرحلة يكون فيها إيجابيا في رعاية مصالحه من خلال الانفتاح السياسي والاقتصادي والثقافي على دول يمكنها أن تكون نافعة في تلك المجالات.

الكاظمي لن يسمح بظهور داعش جديد في العراق يرتدي زيّا شيعيا
الكاظمي لن يسمح بظهور داعش جديد في العراق يرتدي زيّا شيعيا

ويؤكد أن الرياض وواشنطن ستسعيان إلى إنجاح مساعي الكاظمي، لأنهما ترغبان في أن تريا العراق على حقيقته بعيدا عن الحاضنة الإيرانية التي أفسدت هواءه.

ومن جهة أخرى، زار وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الأربعاء بغداد لبحث تعزيز العلاقات الثنائية. وهي الزيارة الثانية له إلى العراق منذ مطلع العام الجاري.

وأكد الرئيس العراقي برهم صالح خلال استقباله للصفدي تطلع بلاده إلى بناء علاقات متطورة من خلال رفع مستوى التعاون مع الأردن في المجالات كافة خدمة للمصالح المشتركة.

وشدد على ضرورة توحيد الجهود والعمل جنبا إلى جنب وتبادل الخبرات الطبية بين العراق والأردن من أجل الحد من تداعيات تفشي جائحة كورونا وتجاوز آثارها على الصعيدين الصحي والاقتصادي.

وأكد وزير الخارجية الأردني عزم بلاده توسيع آفاق التعاون البناء مع العراق في مختلف الأصعدة بما يحقق تطلعات الشعبين الشقيقين في التقدم والاستقرار والرفاه.

3